الكفارة
الكفارة: جمعُها كفّارات، وهي كلمة تحملُ معنى الاسترضاء، فهي عملٌ يحملُ وجهين، أولهما هو إرضاء غضب شخص لإساءة حدثت إليه مسبقًا، وثانيهما هو المصالحة مع هذا الشخص، والكفارة في الفقه هي ما يستغفر به الآثمُ من صدقةٍ أو صومٍ أو نحوهما، ككفارةِ اليمين، وكفّارة الفِطر، وكفّارة تركِ بعضِ مناسكِ الحجِ ، وغير ذلك من الأمور التي توجب الكفارة في الإسلام، وسمِّيت بذلك؛ لأنّها تكفّر الذّنوب، وهذا المقال مخصّصٌ للحديث عن حكم كفارة اليمين في الإسلام، وحكم الحلف بغير الله وحكم يمين الطلاق في الإسلام.
حكم يمين اللغو واليمين المنعقدة - إسلام ويب - مركز الفتوى
إخوتي:
الأصلُ في اليمين الحِلُّ؛ بمعنى: أنَّه لا يكره الحلف، بل يستحبُّ، إذا كانت تتعلق به مصلحة دينيَّة أو دنيوية، من إصلاحٍ بين مُتخاصمين ونحوه، فالوسائلُ لها أحكامُ المقاصد، وقد أمر الله - تعالى - نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالحلف في مواضع من كتابه؛ منها قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾[سبأ: 3]، أمَّا قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [البقرة: 224]. فليس المراد بالآية النَّهي عن الحلف، إنَّما نهى الله في هذه الآية عن أنْ نَجعلَ اليمين مانعة لنا من فعل الخير، فيمتنع المسلمُ عن فعل خير؛ بحجة أنَّه حلف ألاَّ يفعله، فحتَّى لو حلف على أمر، ثُمَّ كان غيره أفضل منه، شرع له أنْ يكفر عن يمينه، ويأتي الأفضل الذي حلف عليه؛ فعن عبدالرحمن بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها، فكفِّر عن يمينك، وَأْتِ الذي هو خير))؛ رواه البخاري (6722)، ومسلم (1652).
ففي حديث أنس: "النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - احتضن زاهرًا - رضي الله عنه - من خلفه، وجعل يقول: ((مَن يشتري العبد؟))، فقال يا رسولَ الله، إذًا والله تجدني كاسدًا، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لكن عند الله لست بكاسد))، أو قال: ((لكن عند الله أنت غالٍ))"؛ رواه الإمام أحمد (12237)، والترمذي في " الشمائل " (229)، ورواته ثقات، فأراد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عبودية الله، وفَهِمَ السَّامعون عبوديَّة الرِّق، وهذا نوع تأول. الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا مُحمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.