وقال ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري: أنزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأسفل الحديبية حين صالحهم على أنه من أتاه منهم رده إليهم ، فلما جاءه النساء نزلت هذه الآية ، وأمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن ، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها ، وقال: ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقال: وإنما حكم الله بينهم بذلك ، لأجل ما كان بينهم وبينهم من العهد. من الآية 10 الى الآية 11. وقال محمد بن إسحاق ، عن الزهري: طلق عمر يومئذ قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة ، فتزوجها معاوية ، وأم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية ، وهي أم عبيد الله ، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم ، رجل من قومه ، وهما على شركهما ، وطلق طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، فتزوجها بعده خالد بن سعيد بن العاص. وقوله: ( واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا) أي: وطالبوا بما أنفقتم على أزواجكم اللاتي يذهبن إلى الكفار ، إن ذهبن ، وليطالبوا بما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين. وقوله: ( ذلكم حكم الله يحكم بينكم) أي: في الصلح واستثناء النساء منه ، والأمر بهذا كله هو حكم الله يحكم به بين خلقه: ( والله عليم حكيم) أي عليم بما يصلح عباده ، حكيم في ذلك.
من الآية 10 الى الآية 11
فهل كفر النبي «صلى الله عليه وآله» زوجته، أو أنه اعتبرها ـ والعياذ بالله ـ شيطاناً؟! وما هو الموقف من هذا الحديث وذاك، وأمثالهما، هل نكذبهما ونقول: ليس كل ما في البخاري صحيحاً؟! أو نصدقهما ونأخذ بمضمونهما؟! أو نأولها تأويلاً مقبولاً لدى العلماء والعقلاء؟! وما هو هذا التأويل؟! ولو بأن نحكم على عائشة بأنها أخطأت في بعض تصرفاتها، ولم تكن معصومة. والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 9. مواضيع ذات صلة
وإذا لم تكن الرواية صحيحة، فإن القضية تتصل بالموقف العام من هذه المسألة في الأجواء الإسلامية العامة، في علاقات المشركين بالمسلمين، في نطاق المعاهدات المكتوبة، أو في نطاق الهدنة المعقودة بينهم بطريقةٍ واقعية. قيمة المرأة إسلامياً من خلال هذه الآيات
يمكن أن نستوحي من هذه الآيات ما يمنحه الإسلام للمرأة من قيمةٍ كبيرٍة في الاستقلال العقيدي، فليس لزوجها الحق في أن يفرض عليها عقيدته على أساس تبعيتها له، بل هي إنسانٌ مستقلٌ يملك الفكر المستقل الذي يتحرك في نطاق العقيدة، كما يملك الإرادة التي تؤكد الموقف والانتماء. كما يوحي إلينا، من الناحية التاريخية، إلى أيّ مدى كانت المرأة مستقلةً في مستوى الإيمان الكبير، بحيث كانت تترك زوجها وأهلها وأولادها، فراراً بدينها، حتى لا تسقط تحت تأثير الضغوط القاسية التي يحاول الكافرون ممارستها ضدها ليفتنوها عن دينها، فكانت تتحمل الصعوبات الشديدة والسفر المجهد الطويل، حتى تصل إلى رسول الله(ص) لتجد الحماية عنده، كما تجد المناخ الذي تستطيع أن تتنفس فيه هواء الإسلام النقي. وكان الوحي واضحاً في تأكيده على المؤمنين الذين يمثّلون المجتمع الإسلامي بأن يحققوا لهن الحماية إذا عرفوا صدق إيمانهن، وثبات موقفهن.