الغرض الشعري الذي تمثله الأبيات: الحكمة البيت الأول: إذا جاريت في خلق دنيئا فأنت ومن تجاريه سواء المفردات: جاريت: [ سایرت]. الخلق: الجمع [ الأخلاق] الدنيء: [ الخسيس] المضاد [ رفيع الشان] الشرح: أيها الإنسان إنك باتباعك الرجل الدنيء صاحب الأخلاق الرديئة فيما يفعل تصبح مساويا له في أخلاقه السيئة و صفاته الذميمة يحذرنا الشاعر من مجاراة دنيء الخلق فالنتيجة غير مرضية؛ لذا علينا تجنبه. البيت الثاني: رأيت الحر يجتنب المخازي ويحميه من الغرر الوفاء المفردات: الحر: الجمع [ أحرار]. يجتنب: [ يبتعد عن] المخازي: [ مايبعث على الخزي والعار]. إذا ذهب الحياء حل البلاء. الغدر: [ نقض العهد - ترك الوفاء]. الوفاء: [ المحافظة على العهد والالتزام به]. الشرح: لقد شاهدت أن الإنسان الشریف صاحب الأخلاق الفاضلة يبتعد عن فعل كل مايعيبه و أن اتصافه بالوفاء هو الذي يمنعه من الغدر بأصحابه، و تحميه أخلاقه الحميدة من الخطأ. الخير هو الذي يتحرر من الأفكار التي لا توافي قيمه. البيت الثالث: وما من شدة الا سيأتي لها من بعد شدتها رخاء المفردات: الرخاء: [ سعة العيش وحسن الحال]. الشرح: ينصح الشاعر بالصبر و البقاء على الالتزام بالقيم، فالشدة لا تدوم لا بد سيأتي يوم و ينفرج هذا الضيق.
اذا ذهب الحياء ....... ابو تمام - Youtube
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الشأن منها: ـــ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ (وَهُوَ الْبَدْرِيُّ) ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) رواه البخاري. وللحديث تفسيران: أَحَدُهُمَا ظَاهِرٌ وَهُوَ المَشْهُورُ: أَيْ إِذَا لَمْ تَسْتَحِ مِنَ العَيْبِ وَلَمْ تَخْشَ العَارَ مِمَّا تَفْعَلُهُ فَافْعَلْ مَا تُحَدِّثُكَ بِهِ نَفْسُكَ مِنْ أَغْرَاضِهَا حَسَنًا كَان أَوْ قَبيحاً، وَلَفْظُهُ أَمْرٌ، وَمَعْنَاهُ تَوْبِيخٌ وَتَهَدِيدٌ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الذَّي يَرْدَعُ الإنْسَانَ عَنْ مُوَاقَعَةِ السُّوءِ هُوَ الحَيَاءُ، فَإِذَا انْخَلَعَ مِنْهُ كَانَ كَالمَأْمُور بِارْتِكَابِ كُلِّ ضَلالَةٍ، وَتَعَاطِي كُلِّ سَيِّئَةٍ. وَالثَّانِي أَنْ يُحْمَلَ الأَمْرُ عَلَى بَابِهِ، وَيَكُونُ المَعْنَى: إِذَا كُنْتَ في فِعْلِكَ آمِناً أَنْ تَسْتَحْيِيَ مِنْهُ لِجَرْيِكَ فِيهِ عَلَى سَنَنِ الصَّوَابِ، وَلَيْسَ مِنَ الأَفْعَالِ الَّتِي يُسْتَحْيَا مِنْهَا، فَاصْنَعْ مِنْهَا مَا شِئْتَ وعنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ) متفق عليه.
ولذلك فقد حرص الصحابة رضي الله عنهم ومن سار على دربهم على النصح للأمة بالعناية والاهتمام بالحياء لأنه يبعث على فعل الطاعات والمأمورات ويبعد به المسلم عن الوقوع في المعاصي والمهلكات. قَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: ( مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ). وقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: (مَنْ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ النَّاسِ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ). وقَالَ إِيَاسُ بْنُ قُرَّةَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ، فَقَالُوا: (الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ). فَقَالَ عُمَرُ: (بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ). قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: (خَمْسٌ مِنْ عَلاَمَاتِ الشِّقْوَةِ: الْقَسْوَةُ فِي الْقَلْبِ، وَجُمُودُ الْعَيْنِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ، وَالرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا، وَطُولُ الأَمَلِ).