برُّ الوالديّن
عظَّم الله سبحانه وتعالى شأن الوالدين في القرآن الكريم؛ فقد قرن بين عدم الإشراك به وعبادته وبين الإحسان للوالدين للدلالة على عظيم مكانتهما ومنزلتهما، قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}، وبرُّ الوالدين من أفضل القُربات التي يتقرَّب بها العبد إلى الله تعالى حتّى فُضل القِيام على خدمة الوالدين أو أحدهما والإحسان إليهما ورعايتهما على الجهاد في سبيل الله تعالى. صور بر الوالدين
بر الوالدين والإحسان إليهما يكون بأكثر من صُورةٍ وأسلوبٍ ومنها:
الدُّعاء للوالدين بظهر الغيب بطُول العُمر، وحُسن الخاتمة، وصلاح الحال في الدُّنيا والآخرة، والمغفرة، ودخول الجنّة دون حسابٍ أو سابق عذابٍ. إخراج الصَّدقة عنهما دون علمهما. النُّصح للوالدين في حال وقوع الخطأ منهما بالرِّفق واللِّين والموعظة الحسنة. من ثمرات بر الوالدين في الآخرة. الإنفاق عليهما وتلبية احتياجاتهما الماديّة دون طلبٍ منهما، ودون إتباع ذلك الإنفاق بالمنّ والأذى. الاعتراف بفضل الوالدين في إسعادك، وتعليمك وتربيتك، فمن لا يشكر النَّاس لا يشكر الله. زيارة الوالدين والاطمئنان على صحتهما، وتلبية حاجاتهما والجلوس معهما، وعدم الانشغال بالعمل أو الزَّوجة والأولاد عنهما؛ فلا عُذر للابن في التَّأخر عن والديه.
- من ثمرات بر الوالدين
- من ثمرات بر الوالدين في الآخرة
- من ثمرات بر الوالدين في الدنيا في الاخره
من ثمرات بر الوالدين
وكم من أم وأب يتضايق من تلك العادة ولكن مشاعر الأمومة والأبوة تجعلهما لا ينهيان أبناءهما عن الانشغال بالجوال أثناء الزيارة والا فهما يتضايقان، ويريدان أن يمنحهما الأبناء الاهتمام بدل الانشغال بالجوال ونحوه. إننا أحوج ما نكون إلى أن نراجع تصرفاتنا وأن نبادر في الاعتذار وإصلاح أخطائنا تجاه والدينا ونلتمس رضاهما، جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبا يعك على الهجرة وتركت أبويَ يبكيان، فقال: ارجع عليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما)) رواه أحمد. إخوة الاسلام: قد يحصل تقصير من الوالدين تجاه أولادهما ولكن هذا ليس مبرراً في التقصير في حقهما وليس مبرراً في عقوقهما فعلى أبيك ما حُمل، وعليك ما حملت من الواجبات، والله جل جلاله أمر ببر الوالدين وإن كانا كافرين)) وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)). كتب the importance of honoring ones parents - مكتبة نور. والواجب الصبر على الوالدين، عن أبي هريرة قال: مرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبدالله بن أبي سلول وهو في ظل فقال: قد غبر علينا ابن أبي كبشة- يقصد رسول الله- فقال ابنه عبدالله: والذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب لئن شئت لأتيتك برأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ولكن بُر أباك وأحسن صحبته)) رواه الطبراني.
من ثمرات بر الوالدين في الآخرة
وكذلك ابنه إسماعيل عليه السلام، حين جاء إليه أبيه بأمر الذبح من الله، قال له أفعل ما تؤمر ، كما جاء في الآية، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡیَ قَالَ یَـٰبُنَیَّ إِنِّیۤ أَرَىٰ فِی ٱلۡمَنَامِ أَنِّیۤ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ] [الصافات 102]. قصة عن بر الْوَالِدَيْنِ من حياة الصحابة
هذه القصة لأويس الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم، أنه يستجاب الدعاء بسبب بره لوالدته، وهذا كما جاء في الحديث، عنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: "كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ. من ثمرات بر الوالدين - شبكة السنة النبوية وعلومها. فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ» فَاسْتَغْفِرْ لِي.
من ثمرات بر الوالدين في الدنيا في الاخره
ولذا: أوصي نفسي وإخواني المسلمين بالاعتناء بهذا الحق العظيم، فاذكروا آباءكم وأمهاتكم أحياءً وأمواتًا، وبروهم وقوموا بحقوقهم، لا حرمكم الله تعالى أجر ذلك ومثوبته. أسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولجميع من له حق علينا، إنه سميع مجيب، وهو المستعان. من ثمرات بر الوالدين في الدنيا في الاخره. ( [ii]) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم (5985)، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم (2557). ( [iv]) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما... (2551). ( [vi]) رواه النسائي في كتاب الزكاة، برقم (2561). ( [vii]) رواه الترمذي في صفة القيامة، باب(57)، برقم (2511)، وابن ماجه في الزهد، باب البغي (4211)، واللفظ لهما، ورواه أبو داود في الأدب، باب النهي عن البغي (4902).
يَا عِبَادَ اللهِ: أَتُرِيدُونَ دَلِيلاً على أنَّ بِرِّ الوَالِدَينِ سَبَبٌ لاستِجَابَةِ الدُّعَاءِ؟ فاسمَعُوا إلى الحَدِيثِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مِنْ مُرَادٍ, ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. من ثمرات بر الوالدين. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: " يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ, مِنْ مُرَادٍ, ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ, كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ, لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ, لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ, فَإِن اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ". فَاسْتَغْفِرْ لِي؛ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
مفهوم بر الوالدين
البِرّ لغة يعني: الطاعة والإحسان والصدق والفضل والصلاح وغير ذلك، هي باختصار كلمة جامعة لمفاهيم كثيرة من الخير والعطاء، وبإضافتها للوالدين فإنّها تعطي مفهومًا جديدًا مستقلًّا يعني الإحسان إلى الوالدين والصدق معهما وطاعتهما وعدم عصيانهما طالما أنّ الأمر لا يخرج عن حدود الشريعة الإسلامية ، فطاعة الخالق تأتي أوّلًا، ومن ثَمّ المخلوقات، فلو تعارضت مشيئة الخالق مع إرادة شخصٍ ما ولو كان واحدًا من الوالدين فالواجب تقديم طاعة الله تعالى وعدم عصيانه، وعدم إطاعة أحد في غير ما أحلّ الله تعالى. لكنّ برّ الوالدَين ممّا أمر به الله تعالى ورسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- في غير ما آية وحديث نبويّ شريف، فمتى كانت رغبة واحدٍ من الوالدين متماشية مع تعاليم الإسلام فالواجب على الابن الطاعة والسمع وعدم التلكّؤ في تأدية العمل الموكل إليه مهما تطلّب جهدًا، وإنّ عصيانهما بابٌ من أبواب العقوق الذي قد جعله الله تعالى من الموبقات المهلكات للعبد الراميات به إلى جهنّم نعوذ بالله منها، وقد سُئل ابن عبّاس -رضي الله عنه- وعن أبيه عن البرّ والعقوق ما أبوابهما، فقال إنّ البرّ أبوابه كثيرة، وأمّا العقوق فلو أنّ رجلًا نفضَ ثوبهُ فتطايرَ غباره على أحد والديه فإنّه يُكتَبُ عند الله عاقًّا.