ف عليكم إخوتي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا تكونوا من أولئك الذين قال الله تعالى فيهم: (كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} المائدة 79
الدعاء
هل من يفعل المنكر يينهى غيره عنه - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام
وأخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه مرفوعًا إلى النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنه قال: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّرْه بيده، فإنْ لم يستطِع فبلسانِه، فإن لم يستطِع فبقلبِه؛ وذلك أضْعف الإيمان)). هل من يفعل المنكر يينهى غيره عنه - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام. قال النَّووي في شرحِه لصحيح مسلم: "الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المُنْكَر فرضُ كفاية، إذا قام به بعضُ النَّاس، سقط الحرَجُ عن الباقين، وإذا ترَكَه الجميع، أثِم كلُّ مَن تمكَّن منه بلا عذْر ولا خوف، ثُمَّ إنَّه قد يتعيَّن، كما إذا كان في موضِعٍ لا يعلم به إلاَّ هو، أو لا يتمكَّن من إزالته إلاَّ هو". اهـ. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنْكَر، لا يَجب على كلِّ أحدٍ بعيْنه؛ بل هو على الكفاية، كما دلَّ عليْه القرآن، ولمَّا كان الجهاد من تَمام ذلك، كان الجهاد أيضًا كذلك، فإذا لم يَقُم به مَن يقوم بواجبه، أثِمَ كلُّ قادرٍ بِحسب قدرته"، "مجموع الفتاوى " (28/ 126). هذا؛ وعدم إنكار المنكَرِ مع القدرة عليْه دليلٌ على ضعْفِ الإيمان، وقلَّة الوازِع الدِّيني، وعدَم الخوْف من الله، وعدم استِشْعار مراقبته، وعدم الشَّفقة على النَّاس، وانعِدام الشُّعور بالمسؤوليَّة تِجاه الأمَّة، والحِرْص الشَّديد على تَحصيل الدنيا والخوْف عليْها، وغير ذلك.
في رحاب آية :[ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ] - الكلم الطيب
كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)
«كانُوا لا يَتَناهَوْنَ» إعرابها مثل «كانُوا يَعْتَدُونَ» ولا نافية «عَنْ مُنكَرٍ» متعلقان بالفعل قبلهما «فَعَلُوهُ» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة في محل جر صفة لمنكر «لَبِئْسَ ما» اللام لام الابتداء وبئس فعل ماض جامد للذم وما الموصولة فاعله وجملة «كانُوا يَفْعَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها وجملة يفعلون في محل نصب خبر كانوا ، وجملة لبئس ابتدائية لا محل لها.
أهم أسباب صلاح المجتمع
وكانت العاقبة أن ضرب الله قلوبهم بعضهاً ببعض ، وهذه العبارة في الحديث النبوي ترمز إلى حالة من الفوضى المصحوبة بالعذاب حيث فقدت تجمعاتهم الشروط الضرورية لبقائهم واستمرارهم المادي والمعنوي فكانت أيام الله في خاتمة المطاف جزاء ما فعلوا. إن كل مجتمع مهما بلغ من الفضل والرقي لا يستغنى عن شريحة فيه تتمثل فيها المثل العليا لذلك المجتمع تحفظ عليه وجوده المعنوي المتمثل في عقيدته وأخلاقه وضوابط علاقاته وهؤلاء يمثلون الخيرية في ذلك المجتمع كما قال عليه الصلاة والسلام: " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له في أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون" [رواه مسلم].
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) [آل عمران: 21-22]. أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
ا لخطبة الثانية ( كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ)
ومن الآثار المترتبة على ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تسليط الأعداء: فإن الله جلَّ وعلا قد يبتلي المجتمع التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن يسلِّط عليهم عدوًّا خارجيًّا، فيؤذيهم، ويستبيح بيضَتهم، وقد يأخذ بعض ما في أيديهم، وقد يتحكَّم في رقابهم وأموالهم. ومن الآثار المترتبة على ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر – عدم إجابة الدُّعاء: فالمسلمون التاركون لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ عندما ينـزل بهم العقاب؛ يتَّجهون إلى الله عزَّ وجلَّ؛ يدعونه، ولكنَّه لا يستجيب لهم؛ ففي سنن الترمذي: (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ ».
يشكل انهيار العلاقات الاجتماعية إحدى أهم المشكلات التي تعانى منها المجتمعات الحديثة حيث نما الشعور بالفردية والتوحد ، وحُكمت المصالح الخاصة في كثير من شئون الحياة ، وقد أصاب أمة الإسلام شيء من ذلك ، فاضمحلت ضوابط التربية الاجتماعية التي تشكل الحس الجماعي لدى الفرد المسلم مما أشاع الفوضى الفكرية والاجتماعية ، وضخم مشاكل المسلمين الاقتصادية لأن عمليات التنمية لا تتم على ما ينبغي في مجتمع واهي الروابط مختلف الأفكار والمفاهيم. ومن هنا شددت تعاليم الإسلام على ضرورة المحافظة على العلاقات الاجتماعية وإقامتها باستمرار على هدي الرسالة الخاتمة التي تعد استمراراً لدعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وتحقيقاً لذلك التواصل قصَّ الله تعالى علينا أخبار الأمم السابقة والعواقب الوخيمة التي انتهوا إليها حين شاعت فيهم الانحرافات والمخالفات دون أن يرفع أحد منهم رأساً أو يقول كلمة لأولئك الذين يستعجلون أيام الله لأنفسهم ولأممهم فقال تعالى: [ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ، كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ] [المائدة: 78-79].