فقصة يوسف أحسن القصص، ومن أبدعها، وأجملها، وأكثرها إثارة، وتأثيرًا على النفس، قصة يوسف عليه السلام من القصص المحببة للنفوس، المليئة بالمواقف والأحداث، والعبر والدروس، قصة يوسف فيها أحوال وحالات وتنقلات، من الحرية إلى الرِّق، ومن الاجتماع إلى الافتراق، ومن محنة إلى محنة، ومحنة إلى منحة، وابتلاء وفتنة، وسجن وبلاء، وتمكين وعز بعد ذل ورقٍّ، ومن حزن إلى سرور، وجدب إلى رخاء، وأحوال كثيرة، لذلك كانت أحسن القصص، قصة يوسف عظة وعبرة لكل مهموم ومحزون، ومبتلى ومريض، وهي كما قال العلماء: "ما قرأها محزون إلا سُرِّيَ عنه". والكثير منَّا قد يمر بهذه القصة مرورًا عابرًا، بتلاوة لآياتها فقط، وعيش مع أحداثها بشكل عام، دون تأمل ولا اعتبار، ولا استخلاص ما فيها من فوائد وعبر، لذلك قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: 111]؛ أي: لا يستفيد ولا يعتبر من هذه القصص إلا أصحاب العقول المتدبرة المتأملة المتبصرة، لذلك سنقف مع قصة يوسف عليه السلام وقفات عدة في خطب متفرقة بإذن الله تعالى، نستخلص منها الدروس والعبر والفوائد؛ لتكون لنا مناهجًا نسير عليه في حياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين.
سيرة ذاتية عن سيدنا يوسف عليه السلام
﴿ لا تقصص رؤياك على إخوتك ﴾ ، نعم قد يصل الحسد من بعض الناس أنه قد يَحسُدك على رؤيا في المنام لَمَّا تتحقق بعدُ، أو يجعله حقده وبُغضه وحسده لك يُفسِّرها تفسيرًا سيئًا، فيُوقع في نفسك الحزن والضِّيق، وهذا إن دل يدل على خبث بعض النفوس وضعفها.
كيف انجي له سيدنا يوسف من مكر امرأة العزيز - ثقفني
وهنا لا يمكنُ لنا إلا أن نلاحظَ أنَّ اللهَ "تدخُّلَ تدخلاً مباشراً" في سير الأحداث دون أن يسبقَ هذا التدخُّلَ توجُّهُ سيدنا يوسف إليه بالدعاء، وذلك بالمقارنة مع "تدخُّلِ الله المباشر" في سيرِ الأحداثِ إثرَ دعاءِ سيدِنا يوسف له تعالى بأن يصرفَ عنه كيدَ امرأةِ العزيز وصاحباتها! فلماذا كان هذا التمايزُ بين "تدخُّلِ الله المباشر" في هاتين الحالتين؟ يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما كان عليه سيدُنا يوسف من حالٍ مع اللهِ تعالى استحقَّ بمقتضاه أن يتدخَّلَ اللهُ تعالى تدخلاً مباشراً في سيرِ الأحداثِ ليَحولَ دون أن يُقارفَ سيدُنا يوسف السوءَ والفحشاء، وذلك لأن حالَه هذا مع اللهِ تعالى هو ما أوجزَه القرآنُ العظيم بقولِه تعالى (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ). فاللهُ تعالى يتدخَّلُ في حياةِ عبادِه الصالحين المخلَصين تدخلاً مباشراً حتى وإن لم يتوجَّهوا إليه بالدعاء تدخُّلَه في حياتهم إذا ما هم توجَّهوا إليه بالدعاء.
حيث ذكر في التوراة أن سيدنا موسى أخذ جثة سيدنا يوسف أثناء خروجه من مصر إلى فلسطين، وذلك حسب وصية سيدنا يوسف. ولكن سيدنا موسى جاء بعد بدعوته بعد وفاة سيدنا يوسف بمائتي عام، وكان لا احد يعرف مكان قبر سيدنا يوسف. ومن الجدير بالذكر أن التوراة التي كتبت عن مكان قبر سيدنا يوسف جاءت بعد مجيء سيدنا موسي بستمائة سنة. لهذا فمن المحتمل أن الرواية اليهودية عن وجود قبر سيدنا موسي في نابلس غير صحيحة. كما أن يمكننا القول أن مقام سيدنا يوسف في نابلس هو في الأغلب مقام تذكاري ديني يستحق الاحترام، لكن لا يوجد بداخله جثة سيدنا يوسف. روايات أخرى حول مكان قبر سيدنا يوسف عليه السلام
هناك روايات أخرى كثيرة عن اين دفن سيدنا يوسف، حيث يقال أنه موجود في مدينة الخليل في فلسطين. سيرة ذاتية عن سيدنا يوسف عليه السلام. ولكن قد أكد التاريخ أن هذه المعلومة قد جاءت من روايات أحد أمهات الخلفاء العباسيين. فقد روت أن نبي الله يوسف قد دفن في الخليل، ولهذا اعتقد الكثير لوقت طويل أن هذه الرواية حقيقة. كما أنهم بالفعل قاموا ببناء قبر سيدنا يوسف في الخليل إيمان منهم بما روته عليهم هذه السيدة. ولكن قد قامت أحدي الصحف المصرية في سنة 1989 بنشر أنه تم اكتشاف مومياء تعود إلى سيدنا يوسف، وهذا من شأنه ينفي جميع الروايات القائلة أن يوسف دفن في مكان آخر.