وقال رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال مارك ميلي إن الرسالة الرسمية الأمريكية "مسودّة" وما كان يجب أن تُرسل" في هذا التوقيت. هذا التراجع الأمريكي عن هذا الموقف السياسي، ربما أعقبه اتفاق على أن يكون الرد الايراني المرتقب بمزيج من الدعائي على العسكري. فهل حصل اتفاق جنتلمان بين البلدين بالهجوم الايراني، الذي صعدته إيران اعلاميا وجعجعة كبيرة وتحدثت عن قتل أمريكان حتى أن عظامهم أصبح يسمع طقطقتها على حد تعبير قائد فيلق القدس الجديد؟ بينما تتحدث أنباء عن أنه لا يوجد ضحايا، بينما تقول انباء أخرى أن الضحايا تتركز في العراقيين فقط ولم يقع ضحايا أمريكان... من القائل تمخض الجبل فولد فأرا - سؤال وجواب. إن عدم رد أمريكا على الهجوم الايراني، وامتناع الطرفين عن اعلان الخسائر رسميا، ثم بدء إيران بعد الرد العسكري بحملة دعائية وبروباجندا اعلامية، تتحدث عن مقتل أمريكيين، وأنها أخذت ثأر سليماني، يعني أن هذا الهجوم الايراني بات مقبولا من البلدين. ويلاحظ أن الضربة الايرانية وجهت إلى طرفين: الطرف الكردي في أربيل والطرف السني في الأنبار، وهما الطرفان الذين رفضا الاقتراح الشيعي في البرلمان العراقي بمطالبة الأمريكان بالانسحاب، وفي هذا تهديد ايراني للأكراد والسنة العرب، بأنكم ستكونون تحت القصف الايراني إذا تمردتم على النفوذ الشيعي.
تمخض الجبل فولد فأرا!!
ومن باب ادعاء الحكمة بأثر رجعي، عاد صقور العواصم الثلاث، وبالذات واشنطن، لإعادة انتاج وتظهير روايتهم فقالوا إن الضربة لم تكن تستهد إسقاط الأسد ونظامه، وأنها بالقطع، لم تكن تنتوي التعرض للوجود الروسي في سوريا، وأعادوا التأكيد على أن الحل السياسي وحده، هو طريق سوريا للخروج من أزمتها التي طالت واستطالت، حتى أن فرنسا، وقبل أن يهدأ غبار صواريخها، بادرت للقول أنها تريد استئناف المسار السياسي "فوراً". ليس هذا فحسب، فمصادر واشنطن، عادت للحديث بأن قواتها في سوريا ستبقى لفترة محدودة، وأن عدوها الأول، وربما الأخير هناك، هو تنظيم داعش، وأنه لا تغيير على أولويات الاستراتيجية الأمريكية لسوريا وأهدافها، فكل ما أراده ثلاثي الحرب والعدوان، هو "تأديب" الأسد، ومنع قواته من استخدام السلاح الكيماوي. لتتضح أكثر من أي وقت مضى، أن الضربة الفائضة عن الحاجة، والتي لا معنى لها ولا أهداف من أي من أي نوع، ولا تربطها بما قبلها أو بعدها من الإجراءات والسياسات الأمريكية في سوريا، أي رابط، إنما كانت تعبيراً عن حاجة الرئيس ترامب الشخصية، لصرف الأنظار عن مسلسل الفضائح التي تطارده، وهو مسلسل من النوع الطويل والممل، على طريقة الدراما التركية ومن قبلها المكسيكية.
من القائل تمخض الجبل فولد فأرا - سؤال وجواب
وأكمل دون أن ينظر نحوي هذه المرة:
-أكل هذا سراب؟ أم أننا عميان بصر وبصيرة؟ ألم تر صراخ وزير خارجية إحدى الدول الغربية بأعضاء المعارضة السورية (معارضة اسطنبول) على شاشات التلفاز لينفذوا أوامره بخراب سوريا؟ ألم تر بواخر الأسلحة التي ضبط بعضها لدى لبناني جعجع؟ ألم تر عشرات آلاف المقاتلين القادمين من العالم كله عبر تركيا يدخلونهم الى سوريا؟ وتركيا هذه الدولة الأبرز في حلف الأطلسي، والأكثر علاقات مع الجيش الإسرائيلي و موساده، والتي تريد الديمقراطية لسوريا؟!
ويبدو أن هذا الرد كان مهندسا من قبل الجانبين... فماذا حدث في الخمسة الأيام الماضية، والتي أعقبت قيام الولايات المتحدة باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني؟ الرئيس الأمريكي ترامب، قال في تغريدة له على تويتر، بعد ساعات من مقتل سليماني، أن "إيران لم تكسب حربًا أبدا"، مضيفا "لكنها لم تخسر تفاوضًا" وهذا يبين رغبة أمريكية في استمرار التفاوض مع إيران. وبعدها أعلنت إيران أنها تلقت رسالة من الإدارة الأمريكية، عقب مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، مؤكدة أنها قدمت الرد المناسب على الرسالة عبر السفير السويسري في طهران. ولكن ماذا تتحدث هذه الرسالة؟ وماذا كان الرد الايراني؟ ولكن جواد ظريف وزير الخارجية الايراني في تصريح له نشرته صحيفة العربي الجديد، وصف الرسالة الأمريكية بأنها كانت "غير عاقلة بتاتاً". وأكمل قائلاً: "رددنا عليها بكل حزم". ويعود نائب قائد الحرس الثوري الإيراني علي فدوي السبت الماضي، فيشرح بعضا من مضمون الرسالة الأمريكية، فيقول للتليفزيون الإيراني إن بلاده تلقت رسالة من واشنطن تقول فيها، إذا أردتم الانتقام، انتقموا بشكل متناسب مع ما فعلناه، وأشار فدوي إلى أن الولايات المتحدة ليست في موقع يخولها "تحديد" الرد الإيراني، وقال فدوي "على الأميركيين أن يتوقعوا انتقاماً شديداً.