وصار دين المسيح دين قسطنطين إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارات ما يزيد على اثني عشر ألف معبد ، وبنى المدينة المنسوبة إليه ، واتبعه الطائفة الملكية منهم. وهم في هذا كله قاهرون لليهود ، أيدهم الله عليهم لأنهم أقرب إلى الحق منهم ، وإن كان الجميع كفارا ، عليهم لعائن الله. فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فكان من آمن به يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق - كانوا هم أتباع كل نبي على وجه الأرض - إذ قد صدقوا الرسول النبي الأمي ، خاتم الرسل ، وسيد ولد آدم ، الذي دعاهم إلى التصديق بجميع الحق ، فكانوا أولى بكل نبي من أمته ، الذين يزعمون أنهم على ملته وطريقته ، مع ما قد حرفوا وبدلوا. يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ - ملتقى الشفاء الإسلامي. ثم لو لم يكن شيء من ذلك لكان قد نسخ الله بشريعته شريعة جميع الرسل بما بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم من الدين الحق ، الذي لا يغير ولا يبدل إلى قيام الساعة ، ولا يزال قائما منصورا ظاهرا على كل دين. فلهذا فتح الله لأصحابه مشارق الأرض ومغاربها ، واحتازوا جميع الممالك ، ودانت لهم جميع الدول ، وكسروا كسرى ، وقصروا قيصر ، وسلبوهما كنوزهما ، وأنفقت في سبيل الله ، كما أخبرهم بذلك نبيهم عن ربهم ، عز وجل ، في قوله: ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) الآية [ النور: 65] ولهذا لما كانوا هم المؤمنين بالمسيح حقا سلبوا النصارى بلاد الشام وأجلوهم إلى الروم ، فلجئوا إلى مدينتهم القسطنطينية ، ولا يزال الإسلام وأهله فوقهم إلى يوم القيامة.
يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ - ملتقى الشفاء الإسلامي
إذن: فالروح لا تحل إلا فى بنية لها مواصفات خاصة ، والقتل وسيلة أساسية لهدم البنية ، وإذهاب الحياة ، لكن الموت هو إزهاق الحياة بغير هدم البنية ، ولا يقدر على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى. ولكن خلق الله يقدرون على البنية ، لأنها مادة ولذلك يستطيعون تخريبها. إذن:( فمتوفيك)) تعني مرة تمام الشيء (( كاستيفاء المال)) وتعني مرة (( النوم)). وحين يقول الحق: (( إني متوفيك)) ماذا يعني ذلك ؟ إنه سبحانه وتعالى يريد أن يقول: أريدك تاماً
أي أن خلقي لا يقدرون على هدم بنيتك ، إني طالبك إلى تاماً ، لأنك في الأرض عرضه لأغيار البشر من البشر ، لكني سآتي بك في مكان تكون خالصاً لي وحدي ، لقد أخذتك من البشر تاماً ، أي أن الروح في جسدك بكل مواصفتها ، فالذين يقدرون عليه من هدم المادة لن يتمكنوا منه. اني متوفيك ورافعك الي اسلام ويب. إذن ، فقول الحق: (( ورافعك إليّ)) هذا القول الحكيم يأتي مستقيماً مع قول الحق (( متوفيك)). وقد يقول قائل: لماذا نأخذ الوفاة بهذا المعنى ؟
نقول: إن الحق بجلال قدرته كان قادر على أن يقول: إني رافعك إلىّ ثم أتوفاك بعد ذلك.... ونقول أيضاً: من الذي قال: إن (( الواو)) تقضي الترتيب فى الحدث ؟ ألم يقل الحق سبحانه:
القمر 16
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي و َنُذُرِ
هل جاء العذاب قبل النذر أو بعدها ؟ إن العذاب إنما يكون من بعد النذر.
تفسير آية (٥٥) من سورة آل عِمران من خلال أحسن التفسير | True Islam From Quran - حقيقة الاسلام من القرآن
وهذا الخبر ، وإن كان مخرجه مخرج خبر ، فإن فيه من الله - عز وجل - احتجاجا على الذين حاجوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عيسى من وفد نجران بأن عيسى لم يقتل ولم يصلب كما زعموا ، وأنهم واليهود الذين أقروا بذلك وادعوا على عيسى - كذبة في دعواهم وزعمهم ، كما: -
7146 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير: ثم أخبرهم - يعني الوفد من نجران - ورد عليهم فيما أقروا لليهود بصلبه ، كيف رفعه وطهره منهم ، فقال: " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ". وأما " مطهرك من الذين كفروا " فإنه يعني: منظفك ، فمخلصك ممن كفر بك ، وجحد ما جئتهم به من الحق من اليهود وسائر الملل غيرها ، كما: -
7147 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " ومطهرك من الذين كفروا ، قال: إذ هموا منك بما هموا. 7148 - حدثني محمد بن سنان قال: حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد ، [ ص: 462] عن الحسن في قوله: " ومطهرك من الذين كفروا " قال: طهره من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار قومه.
ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى عليه السلام قال: " وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون ".