( الذي جمع مالا وعدده). ثم قال تعالى: ( الذي جمع مالا وعدده) وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: ( الذي) بدل من كل أو نصب على ذم ، وإنما وصفه الله تعالى بهذا الوصف لأنه يجري مجرى السبب والعلة في الهمز واللمز وهو إعجابه بما جمع من المال ، وظنه أن الفضل فيه لأجل ذلك فيستنقص غيره. من هو الذي جمع مالا وعدده - إسألنا. المسألة الثانية: قرأ حمزة والكسائي وابن عامر " جمع " بالتشديد والباقون بالتخفيف ، والمعنى في جمع وجمع واحد متقارب ، والفرق أن " جمع " بالتشديد يفيد أنه جمعه من ههنا وههنا ، وأنه لم يجمعه في يوم واحد ، ولا في يومين ، ولا في شهر ولا في شهرين ، يقال: فلان يجمع الأموال أي يجمعها من ههنا وههنا ، وأما جمع بالتخفيف ، فلا يفيد ذلك ، وأما قوله: ( مالا) فالتنكير فيه يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يقال: [ ص: 88] المال اسم لكل ما في الدنيا كما قال: ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا) [ الكهف: 49] فمال الإنسان الواحد بالنسبة إلى مال كل الدنيا حقير ، فكيف يليق به أن يفتخر بذلك القليل. والثاني: أن يكون المراد منه التعظيم ؛ أي: مال بلغ في الخبث والفساد أقصى النهايات. فكيف يليق بالعاقل أن يفتخر به ؟ أما قوله: ( وعدده) ففيه وجوه:
أحدها أنه مأخوذ من العدة وهي الذخيرة يقال: أعددت الشيء لكذا وعددته إذا أمسكته له وجعلته عدة وذخيرة لحوادث الدهر.
- من هو الذي جمع مالا وعدده - إسألنا
- إعراب قوله تعالى: الذي جمع مالا وعدده الآية 2 سورة الهُمَزَة
- إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الهمزة - قوله تعالى الذي جمع مالا وعدده - الجزء رقم32
من هو الذي جمع مالا وعدده - إسألنا
إعراب القرآن الكريم:
إعراب سورة الهمزة:
الآية الثانية:
الذي جمع مالا وعدده (2)
الذي
جمع
مالا
و
عدده
خبر لمبتدأ محذوف " هو الذي "
أو مفعول لفعل محذوف " أعني الذي " أو بدل من " كل "
فعل ماض + فاعل مستتر جوازا
مفعول به
حرف عطف
فعل ماض + فاعل مستتر جوازا + مفعول به
صلة موصول لا محل لها
لا محل لها معطوفة على " جمع... "
الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بدل من كل. جمع: فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. مالا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
على آخره. الواو: حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من
الإعراب. عدده:
عدد: فعل ماض مبني على الفتح. الهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول
به. جملة " جمع... " صلة موصول لا محل لها من الإعراب. جملة " عدده... " معطوفة على " جمع... إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الهمزة - قوله تعالى الذي جمع مالا وعدده - الجزء رقم32. " لا محل لها من الإعراب. تفسير
الآية:
الذي كان همُّه جمع المال وتعداده. التفسير
الميسر
إعراب قوله تعالى: الذي جمع مالا وعدده الآية 2 سورة الهُمَزَة
( ويل لكل همزة لمزة ( 1) الذي جمع مالا وعدده ( 2) يحسب أن ماله أخلده ( 3) كلا لينبذن في الحطمة ( 4) وما أدراك ما الحطمة ( 5) نار الله الموقدة ( 6) التي تطلع على الأفئدة ( 7) إنها عليهم مؤصدة ( 8) في عمد ممددة ( 9)) الهماز: بالقول ، واللماز: بالفعل. يعني: يزدري بالناس وينتقص بهم. وقد تقدم بيان ذلك في قوله: ( هماز مشاء بنميم) [ القلم: 11]. قال ابن عباس: ( همزة لمزة) طعان معياب. وقال الربيع بن أنس: الهمزة ، يهمزه في وجه ، واللمزة من خلفه. وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعن عليهم. إعراب قوله تعالى: الذي جمع مالا وعدده الآية 2 سورة الهُمَزَة. وقال مجاهد: الهمزة: باليد والعين ، واللمزة: باللسان. وهكذا قال ابن زيد. وقال مالك ، عن زيد بن أسلم: همزة: لحوم الناس. ثم قال بعضهم: المراد بذلك الأخنس بن شريق. وقيل غيره. وقال مجاهد: هي عامة. وقوله: ( الذي جمع مالا وعدده) أي: جمعه بعضه على بعض ، وأحصى عدده كقوله: ( وجمع فأوعى) [ المعارج: 18] قاله السدي وابن جرير. وقال محمد بن كعب في قوله: ( جمع مالا وعدده) ألهاه ماله بالنهار ، هذا إلى هذا ، فإذا كان الليل ، نام كأنه جيفة. وقوله: ( يحسب أن ماله أخلده) أي: يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟ ( كلا) أي: ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الهمزة - قوله تعالى الذي جمع مالا وعدده - الجزء رقم32
قال مقاتل: أطبقت الأبواب عليهم ثم شدت بأوتاد من حديد ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح. ومعنى كون العمد ممددة: أنها مطولة ، وهي أرسخ من القصيرة. وقيل العمد أغلال [ ص: 1655] في جهنم ، وقيل القيود. قال قتادة: المعنى هم في عمد يعذبون بها ، واختار هذا ابن جرير: قرأ الجمهور في عمد بفتح العين والميم. قيل هو اسم جمع لعمود. وقيل جمع له. قال الفراء: هي جمع لعمود كأديم وأدم
وقال أبو عبيدة: هي جمع عماد وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر بضم العين والميم جمع عمود. قال الفراء: هما جمعان صحيحان لعمود. واختار أبو عبيد ، وأبو حاتم قراءة الجمهور. قال الجوهري: العمود عمود البيت: وجمع القلة أعمدة ، وجمع الكثرة عمد وعمد ، وقرئ بهما. قال أبو عبيدة: العمود كل مستطيل من خشب أو حديد. وقد أخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: ويل لكل همزة لمزة قال: هو المشاء بالنميمة ، المفرق بين الجمع ، المغري بين الإخوان. وأخرج ابن جرير عنه ويل لكل همزة قال: طعان لمزة قال: مغتاب. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عنه أيضا في قوله: إنها عليهم مؤصدة قال: مطبقة في عمد ممددة قال: عمد من نار.
وفي نفسك ما فيها من احتقار لشأنه وازدراء لهمَّته وعمله. وكذلك الأمر بالنسبة للمؤمن والمعرض عن ربّه... {الَّذِي جَمَعَ مَالاً... } إنه يجمع مالاً ولم يجمع خيراً.. إنه يجمع مالاً ولم يجمع علماً نافعاً ولا فعل معروف وإحسان ليُقبل به على ربِّه وينال من جنابه تعالى العالي جنات عالية! أما كلمة { وَعَدَّدَهُ} فتأتي بمعنيين اثنين:
إنها تأتي بمعنى: عَدَّه، أي جعله ذا عددٍ وأحصاه وأخذ يعدُّه ليعرف عدده فرحاً به متطلِّعاً إلى الاستزادة منه. وتأتي بمعنى آخر وهو أنه: جعله عُدَّة للدهر ووسيلة لتأمين ملاذه وشهواته، فيشتري ما يشتري به من وسائل الترفيه والتَّرف، ويُؤمِّن به ما يؤمِّن من رغائب الحياة الدنيا الدنية. وهكذا.. فالمعرض عن ربّه همّه من دنياه أن يجمع المال ويجعله عُدَّة ظنّاً منه أنَّه بالمال قد أَمَّن لنفسه الحياة الهنية والسعادة الدنيوية الدائمية، وقد أراد تعالى أن يوقظ هذا الغافل المنهمك في جمع المال، من رقدته وينبِّهه إلى خطئه، فقال تعالى:
{يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ}
أي: وهل يظن هذا الإنسان أنه سيظل في هذه الحياة خالداً فلا يمدُّ له الفناء يداً، ولا يأتيه الموت أبداً!. هل يظن أن ماله يدفع عنه ملك الموت إذا جاء لقبض روحه وانتزاعها من جسده؟.