أصل وصورة
في عام 1947انتهى تينسي ويليامز من كتابة مسرحيته (عربة اسمها الرغبة)، وقام إيليا كازان بإخراجها على خشبة المسرح، وقد وقع الاختيار بالصدفة على شاب موهوب يدعى مارلون براندو ليعتلي الخشبة ويقوم بدور الشخصية الذكورية الرئيسية في المسرحية. بعد أربع سنوات فقط سيلتقي هذا الثلاثي من جديد، وتتحول المسرحية ذائعة الصيت إلى فيلم سيخلده التاريخ، وسيخلد كاتبه ومخرجه وممثله الأول. قصة الفيلم تدور في الجنوب الأمريكي -كعادة أعمال ويليامز- عندما تأتي السيدة البائسة بلانش دوبوا (أدت دورها باقتدار الممثلة فيفيان لي بطلة فيلم ذهب مع الريح) لزيارة أختها ستيلا، ليتبين فيما بعد أن هذه الزيارة ستطول وتتحول إلى إقامة دائمة، وهذا ما يثير امتعاض زوج أختها ستانلي كالوفسكي (براندو) بشخصيته الرعناء والفظة لتبدأ المشاكل والمعارك بينه وبين أخت زوجته غريبة الأطوار. مسرحية عربة إسمها الرغبة في ستوكهولم. إن الذي يهمنا هنا ويستوقفنا كثيراً، ليس الفيلم المترشح ل 12جائزة أوسكار اقتنص أربعاً منها، ولكن الأداء. ولا شيء يعلو على الأداء، وخصوصاً من مارلون براندو وإن كانت فيفيان لي قد أبدعت وحصلت على أوسكارها بجدارة، ولكن براندو هو من خطف الأضواء حينها وأعلن عن ميلاد أسطورة ستعيش وتخلد في الذاكرة السينمائية إلى الأبد.
مسرحية عربة إسمها الرغبة في ستوكهولم
تذهب النساء إلى شقة جيرانهن في الطابق العلوي، لكن سرعان ما عادت ستيلا إلى ستانلي. وكانت بلانش غير قادرة على فهم العلاقة القوية بين ستيلا وستانلي. في تلك الليلة، قابلت ميتش أيضًا، مما أثار جاذبية متبادلة فورية. وفي اليوم التالي، سمع ستانلي بلانش وهي تقول أشياء مروعة عنه. منذ ذلك الوقت، يكرس نفسه بالكامل لتدميرها. وكان لبلانش نفسها ماض مظلل تحافظ عليه بالقرب من السترة. خلال الأيام الأخيرة لبيلي ريف، بعد فقدان القصر، كانت وحيدة بشكل استثنائي وتحولت إلى الغرباء من أجل الراحة. دمرت لقاءاتها العاطفية العديدة سمعتها في لوريل، ممّا أدى إلى فقدان وظيفتها كمدرسة لغة إنجليزية في المدرسة الثانوية وطردها من المدينة تقريبًا. التوترات تتصاعد في الشقة طوال الصيف، كما يرى بلانش وستانلي بعضهما البعض كأعداء، وتتحول بلانش بشكل متزايد إلى الكحول من أجل الراحة. وفي غضون ذلك، يحقق ستانلي في ماضي بلانش، ويمرر المعلومات حول حياتها الشخصية إلى ميتش. على الرغم من أن بلانش وميتش كانا في طريقهما للزواج، بعد أن علم الحقيقة، فقد كل الاهتمام بها. في عيد ميلاد بلانش، يقف ميتش عليها، ويتخلى عنها للأبد. وفي الوقت نفسه، تقدم ستانلي بلانش بهدية عيد ميلادها: تذاكر الحافلة إلى لوريل.
هذا القول لإيليا كازان، مخرج معظم مسرحيات تينسي وليامز (1911 1983)، يلخص البعد الإنساني لهذا الكاتب والشاعر الذي استلهم مجمل أعماله من طبيعة حياته في محيط أسرته المفككة، منذ طفولته وحتى شبابه، والتي كان كل فرد فيها نموذجاً لشخصيات عديدة، مثل: الأم والأب. وعليه كرس وليامز موهبته الأدبية حول الأشخاص الأقل حظاً في الحياة، واكتشاف كوامن نفس الإنسان الداخلية التي يعتبرها هدفه الأبرز، إذ يعتبر أن واقع العالم الذي يعيش فيه الناس بأجسادهم، يختلف عن العالم الموضوعي الذي يكمن في أعماق قلوب الناس، وأن حقيقة وواقع الحياة، محجور عليهما في قلوبهم وعقلهم الباطن. وآل على نفسه أن يقدم الحقيقة بأسلوب "الواقعية الشعرية" كنهج فني. أما هذه الحركة الأدبية فظهرت في الغرب خلال الفترة: من 1840 وحتى 1880، كنظرية في الكتابة، تعتمد على جعل النص مرآة للواقع عبر غلالة من الوهم. ولم تمنع قناعة وليامز، المتمثلة في كون أدبه امتداداً لأسلافه من تشيخوف وستريندبرغ وأونيل وبروك، من تكسير مفهوم الواقعية التقليدية وتعديلها في فضاء المسرح، والنفوذ إلى عوالم شخصيات أعماله على خشبة المسرح. روز والإدمان
الفرد الوحيد من أسرة وليامز، الذي ارتبط به هو شقيقته روز التي كانت تعاني من مرض الشيزوفرينيا، منذ شبابها.