وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعي:
« جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَتَلْتُ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ ﴿ حم
* تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ
وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾ وَقَالَ: اعْمَلْ وَلَا تَيْأَسْ ». وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
« غَافِرُ
الذَّنْبِ لِمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَابِلُ التَّوْبِ مِمَّنْ
قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، شَدِيدُ الْعِقَابِ لِمَنْ لَا يَقُولُ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ذو الْغِنَى عَمَّنْ لَا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ». ووجه كون هذه الآية من
أرجى آيات القرآن أن الله تعالى قدم المغفرة على قبول التوبة، وقدمهما جميعا على
الترهيب والتخويف، وهذا يوافق قول الله تعالى ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ
شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]، وقول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« إِنَّ
اللَّهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي
سَبَقَتْ غَضَبِي » ،
وفي رواية
رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي »
رواه الشيخان.
- ان الله شديد العاب فلاش
ان الله شديد العاب فلاش
فاتقوا الله وأطيعوه، وأقيموا على الطاعة بعد رمضان؛ فإن أحب الأعمال إلى الله
تعالى أدومها ولو كان قليلا؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ:
« دَخَلَ
عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي امْرَأَةٌ،
فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ تُصَلِّي، قَالَ:
عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى
تَمَلُّوا، وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ »
رواه مسلم.
وجمع- سبحانه- بين الترهيب والترغيب، حتى يكون المؤمن بين الرجاء والخوف، فلا يقنط من رحمة الله ولا يجترئ على ارتكاب ما يغضبه- سبحانه-. البغوى: وقوله عز وجل " اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم ". ابن كثير: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ القرطبى: قوله تعالى: اعلموا أن الله شديد العقاب تخويف وأن الله غفور رحيم ترجية ، وقد تقدم هذا المعنى. الطبرى: القول في تأويل قوله: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: اعلموا، أيها الناس، أن ربكم الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض, ولا يخف عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها, وهو يُحْصيها عليكم لمجازيكم بها, شديد عقابُه من عصاه وتمرَّد عليه، على معصيته إياه= وهو غفور لذنوب من أطاعه وأنابَ إليه، فساترٌ عليه، وتاركٌ فضيحته بها= رحيم به أن يعاقبه على ما سلف من ذنوبه بعد إنابته وتوبته منها. ان الله شديد العاب طبخ. (108) ----------------- الهوامش: (108) انظر تفسير "شديد العقاب" و "غفور" و "رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة. ابن عاشور: استئناف ابتدائي وتذييل لما سبق من حظر الصيد للمحرم وإباحة صيد البحر والامتنان بما جعل للكعبة من النعم عليهم ليطمئنّوا لِما في تشريع تلك الأحكام من تضييق على تصرّفاتهم ليعلموا أنّ ذلك في صلاحهم ، فذيل بالتذكير بأنّ الله منهم بالمرصاد يجازي كل صانع بما صنع من خير أو شر.