الحديث العشرون: هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم وعن مصعب بن سعد، قال: رأى سعد -رضي الله عنه- أن له فضلا على من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم أخرجه البخاري، وفي رواية: إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم أخرجه النسائي. فيه عناية الإسلام بمبدأ الترابط بين عموم المسلمين، وفيه عناية الإسلام خصوصا بشأن الفقراء، وبرعايتهم والترفق بحالهم، وفيه أيضا، فضل دعاء المضطر، سواء كان فقيرا أو مظلوما؛ لأن الضعيف لا ناصر له من الناس، وكذلك الفقير، وكذا المظلوم، يقول بعض أهل العلم: لماذا كان دعاء الفقير أرجى بالقبول، ودعاء الضعيف والمظلوم أرجى بالقبول من دعاء غيرهم؟ قالوا: لأن الفقير والمريض كذلك، والمظلوم والضعيف يشعرون بتخلي جميع الأسباب المعينة لهم، فيزدادون افتقارا واضطرارا ولجوءا وتضرعا إلى الله جل وعلا. فيه أيضا أن الصبر على الأقدار والاحتساب، من أسباب قبول الدعاء وحصول الرزق، وفيه أن على دعاة الخير أن يكونوا أرفق الناس بالضعفاء، وأن يكونوا أرحم الناس بالضعفاء، و أن يعنوا بشأن الفقراء والضعفاء، وبخاصة إذا كانوا طلبة علم، اجتمع فضلان فضل إغناء الفقير، وفضل أن هذا الفقير طالب علم، فأنت تمده بالمال وهو يمدك بالأجر من الله -جل وعلا- لما ينفع بدعوته،
خطبة حول معنى الحديث ( إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
وأمّا النوع الثاني: فهو الأسباب المعنويّة، وهي قوّة التوكل على الله ، وكمال الثقة به، وقوّة التوجّه إليه والطلب منه. وهذه الأمور تقوى جدّاً من الضعفاء العاجزين الذين ألجأتهم الضرورة إلى أن يعلموا حقّ العلم أنّ كفايتهم ورزقهم ونصرهم من عند الله، وأنّهم في غاية العجز، فتنكسر بذلك قلوبهم، وتتوجّه إلى الله ثقة به وطمعاً في فضله وبرّه ورجاء لما في يديه الكريمتين. إنما ترزقون بضعفائكم - هوامير البورصة السعودية. فيُنْزِل الله لهم من نصره ورزقه ما لا يدركه القادرون، بل ييسّر للقادرين بسببهم من أسباب النصر والرزق ما لم يخطر لهم ببال، ولا دار لهم يوماً في خيال ، { { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلَّا هُوَ}} [المدثر: 31]. الفائدة الثالثة: قلب العبد وجوارحه في حالة استنفار تام في ذات الله: قد يظن القارئ الكريم أَنَّ هناك تعارضاً بين النصوص السابقة والنصوص التي تمدح المؤمن القوي وتأمره بالأخذ بالقوة والاستعداد للأعداء. وعند التأمّل نجد أَنَّه لا تعارض، إذ المراد أَنَّه متى تمكّن المسلم من الأخذ بأسباب القوة المادية وتيسَّرت له، فعليه أنْ يسارع ولا يفرط ولا يقصر. وقد ورد الجمع بين الأمرين في قول الله عز وجل لنبيه: { { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}} [الحجر: ٩٩].
وعلى هذا فالمراد بالفضل - كما يقول الحافظ ابن حجر - إرادة الزيادة من الغنيمة، فأعلمه صلى الله عليه وسلم أَنَّ سهام المقاتلة سواء، فإنْ كان القوي يترجح بفضل شجاعته، فإِنَّ الضعيف يترجح بفضل دعائه وإخلاصه ( [3]). والاستفهام في الحديث للتقرير، أي ليس النصر وإدرار الرزق إلا ببركتهم، فأبرزه في صورة الاستفهام ليدل على مزيد التقرير والتوبيخ. الرواية الثالثة: رواية الترمذي وأبي داود عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « «أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ » » ( [4]). إنما ترزقون بضعفائكم، المتعففين | صحيفة مكة. ومعنى «أَبْغُونِي» أي اطْلُبُوا رِضَايَ فِي ضُعَفَائِكُمْ، وتقرّبوا إِلَيَّ بالتقرب إليهم وتفقد حالهم وحفظ حقوقهم والإحسان إليهم قولاً وفعلاً واستنصاراً بهم، فهم الأحَقُّ بمجالستي وبالقرب مني. الرواية الرابعة: وهي عند النسائي بزيادة تبين معنى الروايات السابقة، ولفظه: « إِنما يَنْصُر الله هذه الأمةَ بضعيفها: بدعوتِهم، وصلاتِهم، وإِخلاصهم» ( [5]).
إنما ترزقون بضعفائكم، المتعففين | صحيفة مكة
لو جلس حمزة بن عبد المطلب وخالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو، وصلاح الدين الأيوبي، وطارق بن زياد على أرائــك الجنان، إخوان متقابلين كما وعدهم الرحمن.. هــؤلاء الأبــــرار لو أطلوا من نعيمهم على ذلك الكوكب التعيس والدنيا البالية ليروا ماحلَّ بأحفادهم وولاة أمورهم وجيوشهم… فماذا سيرون وماذا سيسمعون؟ سيرون شاماً يحترق، ويمنــًا ينتحب، وعراقًا يُمزَّق، وقدسـًا تُغتصب، سيرون ذئاب الفرس وضباع الخوارج وغربان الفرنجة تنهش أرض أحفادهــم وتدنسهـا. سيرون أسراب الموت وخيام النزوح وقوافل التعب، سيرون أحفادهم يغادرون شامهم، ويتركون مصرهم، ويهجرون يمنهـــم وهم يحملون في صدورهم صُرَر الشقاء وحقــائب الوجع، سيرونهم يدفنون أحلامهم ويحملون أكفانهم بعد أن أثخن "حماة الديار" جراحهم، ورمـــوهم لُقَمَـًا سائغة تتنازعهم حيتان البـحر ونوائب الزمن. سيستوقفهم وطنٌ مُسَجَّى على قارعة الوهن، وسيسمعون في حناياه خشخشة روح تحتضر، سيسمعون بكاء المآذن وأنين الأرض ونحيب الشجر، سيرون حُزنًا يلف بغداد، وألماً يغلف حلب، وأوجاعًا تعتصر مضايا، سيسمعون آهات برقــة وأنين اليمــن ونواح مصــر.
الفائدة الثالثة: قلب العبد وجوارحه في حالة استنفارٍ تامٍّ في ذات الله:
قد يظن القارئ الكريم أن هناك تعارضًا بين النصوص السابقة، والنصوص التي تمدح المؤمن القوي، وتأمره بالأخذ بالقوة والاستعداد للأعداء ، وعند التأمل نجد أنه لا تعارضَ؛ إذِ المراد أنه متى تمكَّن المسلم من الأخذ بأسباب القوة المادية وتيسرت له، فعليه أن يسارع ولا يفرِّطَ ولا يُقصِّر. وقد ورد الجمع بين الأمرين في قول الله عز وجل لنبيه: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]. والمعنى: استمرَّ في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع العبادات البدنية والقلبية، حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك، وقد امتثل أمر ربه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، فلم يَزَلْ دائبًا في العبادة بجميع أنواعها، حتى أتاه اليقين. كما جمع النبي الكريم بين الأمرين في قوله: ( احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز... ) [6]. أما إذا لم يتمكن المسلم من الجمع بين الأمرين - كأن حبسه المرض في نفسه أو غيره - فعليه رقة القلب والانكسار بمشاهدة جلال الجبار. والخلاصة: أن قلب العبد وجوارحه في حالة استنفار تام في ذات الله؛ فالجوارح تستفرغ الوُسْعَ في الأسباب حتى يُحِسَّ صاحبها من نفسه أنه لا مزيد، والقلب يستجلب رضا الله وعونه وثقته ورجاءه والطمع فيه، فإن حدث وقعدت به الأسباب، فليتحرك بقلبه إلى الله، فإن الله مُنجِزٌ له ما وعد، وليس هذا فحسب، بل ربما تفجَّرتْ ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
إنما ترزقون بضعفائكم - هوامير البورصة السعودية
فهذه رسالة من ولاة أمرنا الكبار، وعلى رأسهم الملك سلمان، لمن يليهم من ولاة الأمر بأن هناك أعمالاً وأفعالاً يظن بعضهم أنها صغيرة، وأن أثرها قليل، لكنها عند الله كبيرة، ومفعولها كبير، فإنما ترزقون بضعفائكم فافعلوا الخير لعلكم تفلحون.
ومن هنا استدل بعض العلماء على استحباب إخراج الشيوخ والصبيان في صلاة الاستسقاء. والمقصود بالضعفاء: مَنْ يكون ضعفه في بدنه ( المرض الجسماني)، أو في نفسه (المرض الذهني والنفسي)، أو في حاله (الفقر وقلة ذات اليد)؛ والنصوص تشمل الأنواع الثلاثة. فإِنْ قيل بأَنَّ المقصود بالضعفاء هم من يستضعفهم الناس لفقرهم ورثاثتهم، لأنهم هم الذين يستطيعون الدعاء والصلاة، كما في رواية النسائي التي أشرت إليها قبل قليل. فالجواب أَنَّ الدعاء والصلاة والإخلاص قد تتحقق في النوعين الآخرين ليس من المريض نفسه، وإِنَّمَا مِمَّنْ يقوم على رعايته، فكم من مريض يتضرع أهله إلى الله، وتنكسر له قلوبهم أكثر من صاحب المرض ذاته. الفائدة الثانية: لايتحقق النصر إلا باستجماع أسبابه المادية والمعنوية: الأسباب التي يحصل بها النصر نوعان: النوع الأول: أسباب مادية ملموسة، كالقوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة والآلات ونحو ذلك مما يعين على قتال الأعداء. ويلاحظ أَنَّ هذا النوع هو الذي يغلب على قلوب أكثر الخلق، ويعلّقون به وحده حصول النصر والرزق، وفي هذا من قِصَرَ النظر وضعف الإيمان وقلّة الثقة بوعد الله وكفايته ما الله به عليم. فالنصر ليس بكثرة عَدَدٍ ولا عُدَدٍ، وإِنَّما هو من عند الله.
التشاؤم بمايقع من المرئيات أو المسموعات أو الأيام أو الشهور أو غيرهما هو، حضّ الإسلام العبّادُ على التفاؤل والأمل بوجهِ الله -سُبحانهُ وتعالى- والأخذُ بالأسباب في كل أمر، ونهى عن التشاؤم وفقدانِ الأمل، فالمُسلمُ الحقَ يعقدُ نيّة الخيرِ ويتوكلُ على الله وَحدهُ لا شريكَ لهُ في كل أمر يُريّد، ومن خلالِ المقال التالي سنتعرفُ على ما هو الذي يقعُ من المرئيات أو المسموعات أو الأيام أو الشهور أو غيرهما. التشاؤم بمايقع من المرئيات أو المسموعات أو الأيام أو الشهور أو غيرهما هو
إنّ التشاؤم بأيّ شيء من تاريخ أو يوم أو رقم أو رؤيّة إنسان أو حيّوان، واعتقادّهُ بأنّ الأشيّاء التي يتشاءم منّها ستتسببُ لهُ بشر أو ضرر تقع تحت مُسمى:
التطيّرُ. لا طيرة ولا عدوى. وأصلُ كلمةُ التطيّر مأخوذٌ من الطيّر، لأنّ عرب الجاهلية يتشاءمون بطيورٍ إذا رأوها تطير على جهة مخصوصة. حكم التطير
التطيّرُ منهيٌّ عنّهُ في الإسلام، وهوَ حرامٌ شرعًا، لأنّه يُؤدي إلى خللِ في عقيدةِ المُتطيّرَ، بحيثُ يقصدُ بالتطيّر دفع المقاديّر المكتوبّة، ودفعُ الأذى من غيرِ الطلبِ من الله -سبحانهُ وتعالى-، لذا فمنْ امتنع عن أداء أيُّ شيء من بابِ التطيّر، فإنّه يخشى من أنْ يكونُ قد دخلَ من باب الشرّك، حيثُ أنّه امتنع من التوكلِ على الله -سبحانهُ وتعالى-، وفي حديثِ رسول الله مُحمد -صلى الله عليّه وسلم- عن الطيّرة، فإنّهُ يقولُ: (مَنْ ردَّتْهُ الطِيَرَةُ عن حاجتِهِ فقدْ أشرَكَ قالوا: يا رسولَ الله وما كفارَةُ ذلِكَ قال يقولُ "اللهمَّ لا طيرَ إلَّا طيرُكَ، ولَا خيرَ إلَّا خيرُكَ، ولَا إلهَ غيرُكَ).
لا طيرة ولا عدوى
Powered by vBulletin® Version 3. 8. 11 Copyright ©2000 - 2022, vBulletin Solutions, Inc.
جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك
بناء على نظام السوق المالية بالمرسوم الملكي م/30 وتاريخ 2/6/1424هـ ولوائحه التنفيذية الصادرة من مجلس هيئة السوق المالية: تعلن الهيئة للعموم بانه لا يجوز جمع الاموال بهدف استثمارها في اي من اعمال الاوراق المالية بما في ذلك ادارة محافظ الاستثمار او الترويج لاوراق مالية كالاسهم او الاستتشارات المالية او اصدار التوصيات المتعلقة بسوق المال أو بالاوراق المالية إلا بعد الحصول على ترخيص من هيئة السوق المالية.
خُطورةُ التطيُّر والتشاؤم، وعلاجه في ضَوْءِ الكتاب والسُّنة
الحمد للهُ الذي علا وقَهَر، وعزَّ واقتَدَر، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن سيِّدنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ سيِّدُ البَشَر، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ وعلى آله وصحبه.