( سورة عبس مكية وهي اثنان وأربعون آية) بسم الله الرحمن الرحيم عبس وتولى - 1. أن جاءه الأعمى - 2. وما يدريك لعله يزكى - 3. أو يذكر فتنفعه الذكرى - 4. أما من استغنى - 5. فأنت له تصدى - 6. وما عليك ألا يزكى - 7. وأما من جاءك يسعى - 8. وهو يخشى - 9. عبس وتولى تفسير. فأنت عنه تلهى - 10. كلا إنها تذكرة - 11. فمن شاء ذكره - 12. في صحف مكرمة - 13. مرفوعة مطهرة - 14. بأيدي سفرة - 15. كرام بررة - 16. (بيان) وردت الروايات من طرق أهل السنة أن الآيات نزلت في قصة ابن أم مكتوم الأعمى دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده قوم من صناديد قريش يناجيهم في أمر الاسلام فعبس النبي عنه فعاتبه الله تعالى بهذه الآيات وفي بعض الاخبار من طرق الشيعة إشارة إلى ذلك. وفي بعض روايات الشيعة أن العابس المتولي رجل من بني أمية كان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخل عليه ابن أم مكتوم فعبس الرجل وقبض وجهه فنزلت الآيات: وسيوافك تفصيل البحث عن ذلك في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى. وكيف كان الامر فغرض السورة عتاب من يقدم الأغنياء والمترفين على الضعفاء والمساكين من المؤمنين فيرفع أهل الدنيا ويضع أهل الآخرة ثم ينجر الكلام إلى الإشارة إلى هوان أمر الانسان في خلقه وتناهيه في الحاجة إلى تدبير أمره وكفره مع ذلك بنعم ربه وتدبيره العظيم لامره وتتخلص إلى ذكر بعثه وجزائه إنذارا، والسورة مكية بلا كلام.
- تفسير اية عبس وتولى ان جاءه الاعمى - حياتكِ
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة عبس - الآية 10
- تفسير سورة عبس كاملة
- تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٩
- واعتصموا بحبل الله جميعا calligraphy
- واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا
- واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا english
تفسير اية عبس وتولى ان جاءه الاعمى - حياتكِ
الثالثة: أقبل ابن أم مكتوم والنبي - صلى الله عليه وسلم - مشتغل بمن حضره من وجوه قريش يدعوهم إلى الله تعالى ، وقد قوي طمعه في إسلامهم وكان في إسلامهم إسلام من وراءهم من قومهم ، فجاء ابن أم مكتوم وهو أعمى فقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله ، وجعل يناديه ويكثر النداء ، ولا يدري أنه مشتغل بغيره ، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقطعه كلامه ، وقال في نفسه: يقول هؤلاء: إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد; فعبس وأعرض عنه ، فنزلت الآية. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة عبس - الآية 10. قال الثوري: فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إذا رأى ابن أم مكتوم يبسط له رداءه ويقول: " مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ". ويقول: " هل من حاجة " ؟ واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما. قال أنس: فرأيته يوم القادسية راكبا وعليه درع ومعه راية سوداء. الرابعة: قال علماؤنا: ما فعله ابن أم مكتوم كان من سوء الأدب لو كان عالما بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشغول بغيره ، وأنه يرجو إسلامهم ، ولكن الله تبارك وتعالى عاتبه حتى لا تنكسر قلوب أهل الصفة; أو ليعلم أن المؤمن الفقير خير من الغني ، وكان النظر إلى المؤمن أولى وإن كان فقيرا أصلح وأولى من الأمر الآخر ، وهو الإقبال على الأغنياء طمعا في إيمانهم ، وإن كان ذلك أيضا نوعا من المصلحة ، وعلى هذا يخرج قوله تعالى: ما كان لنبي أن يكون له أسرى الآية على ما تقدم.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة عبس - الآية 10
﴿ وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ﴾ ؟! يعني: وأيّ شيءٍ عليك من المسؤولية في عدم تطَهُّرهم مِن كُفرهم، بعد أن بَلَّغتَهم؟! تفسير سورة عبس وتولى. ﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ﴾ يعني: وأمَّا مَن كان حريصاً على لقائك، فجاءك يجري ﴿ وَهُوَ يَخْشَى ﴾ أي يخشى اللهَ من التقصير في طلب النصيحة والموعظة ﴿ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾ ؟! يعني فأنت عنه تتشاغل؟! ﴿ كَلَّا ﴾: أي ليس الأمر كما فعلتَ أيها الرسول ﴿ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴾: يعني إن هذه السورة موعظةٌ لك ولكل مَن شاء الاتعاظ، ﴿ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾: يعني فمَن أراد الاتعاظ: قرأ القرآن فاتعظ بما فيه وانتفع بهُداه. ♦ وهذا القرآن موجودٌ ﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ﴾: أي في صُحُفٍ مُعَظّمة موَقّرة (وهو اللوح المحفوظ)، ﴿ مَرْفُوعَةٍ ﴾ أي عالية القدر (مرفوعة في السماء)، ﴿ مُطَهَّرَةٍ ﴾ من الزيادة والنقص، ومُنَزَّهة عن مَسّ الشياطين لها، ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ أي: موجودة بأيدي ملائكةٍ كَتَبة (ينقلون الوحي من اللوح المحفوظ)، ( وقد قيل في تسميتهم بالـ(سَفرة)، لأنهم سُفراء بين الله وخَلْقه، إذ كانوا يُعاونون جبريل عليه السلام في حِفظ الوحي حتى يبلغه إلى الأنبياء والرُسُل)، وهُم ﴿ كِرَامٍ ﴾: أي مُكَرَّمون عند الله تعالى، ﴿ بَرَرَةٍ ﴾ يعني أخلاقهم وأفعالهم بارّة طاهرة طائعة لله تعالى.
تفسير سورة عبس كاملة
{ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ}
للنبات
{ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا}
أصنافا مصنفة من أنواع الأطعمة اللذيذة، والأقوات الشهية
{ حبًّا}
وهذا شامل لسائر الحبوب على اختلاف أصنافها،
{ وَعِنَبًا وَقَضْبًا}
وهو القت،
{ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا}
وخص هذه الأربعة لكثرة فوائدها ومنافعها. { وَحَدَائِقَ غُلْبًا}
أي: بساتين فيها الأشجار الكثيرة الملتفة،
{ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}
الفاكهة: ما يتفكه فيه الإنسان، من تين وعنب وخوخ ورمان، وغير ذلك. تفسير اية عبس وتولى ان جاءه الاعمى - حياتكِ. والأب: ما تأكله البهائم والأنعام، ولهذا قال:
{ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}
التي خلقها الله وسخرها لكم، فمن نظر في هذه النعم أوجب له ذلك شكر ربه،
وبذل الجهد في الإنابة إليه، والإقبال على طاعته، والتصديق بأخباره. { 33 - 42} { فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ
مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا
غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ
الْفَجَرَةُ}
أي: إذا جاءت صيحة القيامة، التي تصخ لهولها الأسماع، وتنزعج لها الأفئدة
يومئذ، مما يرى الناس من الأهوال وشدة الحاجة لسالف الأعمال.
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٩
ما مدى صحة نسبة العبوس إلى النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله)، الذي يتبناه ذلك البعض، ويستشهد له برأي صاحب الأمثل في تفسيره؟! الجواب:
قال تعالى:﴿ … عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَىٰ * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّىٰ * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَىٰ * وَهُوَ يَخْشَىٰ * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ ﴾ 1. أولاً: إنه إذا دل الدليل القاطع على عصمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في كل شيء، ثم جاء في الآيات ما ربما يظهر منه في بادىء الرأي خلاف ذلك، فلا بد من اتهام أنفسنا في فهم معناه. ومحاولة اكتشاف منشأ الإشتباه، فإن لم يمكنا ذلك، فعلينا أن نرد علمه إلى أهله. تفسير عبس وتولي الشيخ. ولا يجوز لنا نقض ذلك الدليل القطعي على العصمة، لمجرد شبهة ناشئة عن قصورنا في فهم النص. ثانياً: إن من وسائل دفع الشبهة في فهم النص الرجوع إلى الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم)، الذين هم أهل بيت النبوة, ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، وعليهم وفي بيوتهم نزل القرآن، وهم الذين خوطبوا به، وهم الكتاب الناطق، والإمام المبين.. ﴿ … وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ 2.
وقد افتتحت بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يجب عليه نحو ضعفاء المسلمين، وبإرساء القاعدة التي يجب على المسلمين أن يتبعوها عند معاملتهم للناس، والثناء على المؤمنين الصادقين مهما كان عجزهم وضعفهم والتحذير من إهمال شأنهم. ثم تذكير المؤمنين بجانب من نعمه- تعالى- عليهم، لكي يزدادوا شكرا له- تعالى- على شكرهم، ثم تذكيرهم أيضا بأهوال يوم القيامة، وبأحوال الناس فيه.
وليست الاستعارة بوضع اللَّفظ في معنى جديد حتَّى يَتَوهّم متوهّم أنّ تلك الدّلالة الجديدة ، الحاصلة في الاستعارة الثَّانية ، صارت غير ملائمة لِمعنى المستعار في الاستعارة الأخرى ، وإنَّما هي اعتبارات لطيفة تزيد كثرتها الكلام حسناً. وقريب من هذا التوريةُ ، فإنّ فيها حُسناً بإيهام أحد المعنيين مع إرادة غيره ، ولا شكّ أنَّه عند إرادة غيره لا يكون المعنى الآخَر مقصوداً ، وفي هذا الوجه لا يكون الكلام صريحاً في الأمر بالاجتماع على الدّين بل ظاهره أنّه أمر للمؤمنين بالتمسّك بالدّين فيؤول إلى أمر كُلّ واحد منهم بذلك على ما هو الأصل في معنى مثل هذه الصّيغة ويصير قوله: { جميعاً} محتملاً لتأكيد العموم المستفاد من واو الجماعة. وقوله: { ولا تفرقوا} تأكيد لمضمون اعتصموا جميعاً كقولهم: ذممت ولم تُحْمَد. على الوجه الأول في تفسير { واعتصموا بحبل الله جميعاً}. وأمّا على الوجه الثَّاني فيكون قوله: { ولا تفرّقوا} أمراً ثانياً للدلالة على طلب الاتّحاد في الدّين ، وقد ذكرنا أنّ الشيء قد يؤكّد بنفي ضدّه عند قوله تعالى: { قد ضلوا وما كانوا مهتدين} في سورة [ الأنعام: 140] وفي الآية دليل على أنّ الأمر بالشيء يستلزم النَّهي عن ضدّه.
واعتصموا بحبل الله جميعا Calligraphy
إعراب الآية 103 من سورة آل عمران - إعراب القرآن الكريم - سورة آل عمران: عدد الآيات 200 - - الصفحة 63 - الجزء 4. (وَاعْتَصِمُوا) فعل أمر وفاعل والجملة معطوفة (بِحَبْلِ) متعلقان باعتصموا (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (جَمِيعًا) حال (وَلا تَفَرَّقُوا) لا ناهية وفعل مضارع مجزوم بحذف النون (وَاذْكُرُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والجملة معطوفة على ما قبلها (نِعْمَتَ الله) مفعول به ولفظ الجلالة مضاف إليه (عَلَيْكُمْ) متعلقان بنعمة (إِذْ) ظرف لما مضى من الزمن متعلق باذكروا المحذوفة (كُنْتُمْ أَعْداءً) كان واسمها وخبرها والجملة في محل جر بالإضافة. (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) بين ظرف مكان متعلق بالفعل ألف والجملة معطوفة وكذلك جملة (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوانًا) والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال لأنهما تقدما عليه (إِخْوانًا) خبر أصبح (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) على شفا متعلقان بمحذوف خبر كنتم من النار متعلقان بمحذوف صفة لحفرة والجملة معطوفة وجملة (فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) معطوفة أيضا. (كَذلِكَ) متعلقان بمحذوف حال أو مفعول مطلق (يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آياتِهِ) فعل مضارع ولفظ الجلالة فاعل وآياته مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم لكم متعلقان بيبين (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) لعل واسمها وجملة تهتدون خبرها وجملة لعلكم استئنافية.
واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا
من وجهة نظر فضيلتكم كيف تبني وعيًا سليمًا ومجتمعًا أفضل؟ يقول فضيلته:لبناء الوعي السليم علينا بعدة أمور نوجزها فيما يلي: التمسك بالأخلاق السامية التي تحث عليها كافة الشرائع السماوية فلا انتماء وحرص على المجتمعات بلا أخلاق، ادراك ما تقوم به الدولة من أعمال وإنجازات في كافة المجالات تهدف إلى نقل مصرنا ووطنا الغالي إلى المكانة التي تليق بها بين دول العالم كافة وخير دليل على ذلك سعي الدولة إلى قيام الجمهورية الجديدة التي تتطلع إليها كافة العقول الرشيدة. الحفاظ على الأسرة ومكوناتها وقيمتها والاعتراف بدورها الكبير في بناء شخصية أفرادها، اتخاذ العبرة مما يحدث بالدول الأخرى التي تجتاحها الحروب والاضطرابات الداخلية بمساعدة وتحريض عناصر خارجية تحرص على عدم استقرار هذه الدول وتقدمها، النقد الهادف والبناء لما يراه الشخص محلا للنقد بما يعالج ما يراه خللا، لأن المجتمع يتقدم بتكاتف أبناءه وتعاونهم وتبادل أفكارهم لا بتناحرهم واختلافاتهم. التماسك والتوحد بين كافة أفراد المجتمع والتمسك بقيميه الدينية والأخلاقية، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ىل عمران 103.
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا English
وقوله: { بنعمته} الباء فيه للملابسة بمعنى ( مع) أي أصبحتم إخواناً مصاحبين نعمة من الله وهي نعمة الأخوَّة ، كقول الفضل بن عبَّاس بن عتبة اللهبي: كُلُّ له نية في بغض صاحبه... بنعمة الله نَقْلِيكُم وتَقْلُونَا وقوله: { وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} عطف على { كنتم أعداء} فهو نعمة أخرى وهي نعمة الإنقاذ من حالة أخرى بئيسة وهي حالة الإشراف على المهلكات. والشَّفا مثل الشَّفَة هو حرف القليب وَطرفه ، وألِفُه مبدلة من واو. وأما واو شفة فقد حذفت وعوضت عنها الهاء مثل سنة وعِزّة إلاّ أنهم لم يجمعوه على شفوات ولا على شَفِينَ بل قالوا شفاه كأنَّهم اعتدوا بالهاء كالأصل. فأرى أن شَفا حفرة النَّار هنا تمثيل لحالهم في الجاهلية حين كانوا على وشك الهلاك والتَّفاني الَّذي عبَّر عنه زهير بقوله: تفانَوا ودَقُّوا بينَهم عِطْر مَنْشَم... بحال قوم بلغ بهم المشي إلى شفا حفير من النَّار كالأُخدُود فليس بينهم وبين الهلاك السَّريع التَّام إلا خطوة قصيرة ، واختيار الحالة المشبَّه بها هنا لأن النَّار أشدّ المهلكات إهلاكاً ، وأسرعُها ، وهذا هو المناسب في حمل الآية ليكون الامتنان بنعمتين محسوستين هما: نعمة الأخوة بعد العداوة ، ونعمة السلامة بعد الخطر ، كما قال أبو الطيب: نَجاة من البأساءِ بعدَ وقوع... والإنقاذ من حالتين شنيعتين.
وقال جمهور المفسرين: أراد نار جهنَّم. وعلى قولهم هذا يكون قوله: { شفا حفرة} مستعاراً للاقتراب استعارة المحسوس للمعقول. والنَّارُ حقيقة ، ويبعد هذا المحمل قوله تعالى: { حفرة} إذ ليست جهنّم حفرة بل هي عالم عظيم للعذاب. وورد في الحديث « فإذا هي مطوية كطي البئر وإذا لها قرنان » لكن ذلك رؤيا جاءت على وجه التمثيل وإلا فهي لا يحيط بها النّظر. ويكون الامتنان على هذا امتناناً عليهم بالإيمان بعد الكفر وهم ليقينهم بدخول الكفرة النَّارَ علموا أنَّهم كانوا على شفاها. وقيل: أراد نار الحرب وهو بعيد جداً لأنّ نار الحرب لا توقد في حُفرة بل توقد في العلياء ليراها من كان بعيداً كما قال الحارث: وبعينيك أوقدَتْ هند النَّارَ... عِشاء تُلْوي بها العَليَاء فتنورتَ نَارها من بعيد... بخَزَازَى أيَّان منك الصِلاء ولأنهم كانوا ملابسين لها ولم يكونوا على مقاربتها. والضّمير في { منها} للنَّار على التَّقادير الثَّلاثة. ويجوز على التَّقدير الأول أن يكون لشَفا حفرة وعاد عليه بالتأنيث لاكتسابه التَّأنيث من المضاف إليه كقول الأعشى: وتَشْرَقَ بالقَوْللِ الذي قد أذعتَه... كما شَرِقَتْ صَدْرُ القناة من الدم وقوله: { كذلك يبين الله لكم آياته} نعمة أخرى وهي نعمة التَّعليم والإرشاد ، وإيضاح الحقائق حتَّى تكمل عقولهم ، ويَتَبَيَّنوا مَا فيه صلاحهم.