أمَّا بعد: البَصَرُ من أعظم نِعَمِ الله على الإنسان, هاتان العَينان الجَمِيلتان, الدَّقِيقتان في تركيبهما وقُدرتهما على الإبصار, وما أودَعَ اللهُ فيهما من دلائل العظمة؛ جاء ذِكْرُهما والتَّذكِيرُ بهما في قوله -تعالى-: ( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ)[البلد: 8]. مفاسد اطلاق البصر كرتين. وفي ذلك بيانٌ بأن الله -تعالى- يعلم كلَّ صغيرة وكبيرة, فلا تخفى عليه خافية, وهو الذي مَنَحَ الإنسانَ البصر, فكيف يغفل عن مراقبة الديَّان: ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)[البلد: 7]؛ ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)[العلق: 14]. أَيْ: يَطَّلِعُ عَلَى أَحْوَالِهِ، فَيُجَازِيهِ بِهَا، فَكَيْفَ اجْتَرَأَ عَلَى مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهِ؟ وَالِاسْتِفْهَامُ -هنا- لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِي قَوْلِهِ -تعالى-: ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)[غافر: 19] قَالَ: " الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ فَتَمُرُّ بِهِمُ المرأة؛ فَيُرِيهِمْ أَنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا, وَإِذَا غَفِلُوا لَحَظَ إِلَيْهَا, وَإِذَا نَظَرُوا غَضَّ بَصَرَهُ عَنْهَا، وَقَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ وَدَّ أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى عَوْرَتِهَا ".
- مفاسد اطلاق البصر كرتين
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشمس - الآية 2
- إعراب سورة الشمس - محمود قحطان
- تفسير قوله تعالى: والشمس وضحاها
- سورة الشمس - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
مفاسد اطلاق البصر كرتين
رابعًا: إذا نظرت إلى امرأة فاصرف نظرك, وتفكر فيما يستقبح من أمر النساء, فإن المرأة تبول وتتغوط, وتصيبها الروائح الكريهة, فإذا خطر ذلك ببالك عافتها نفسك, وقد روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها. وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم – بسند قال عنه الألباني: رجاله ثقات - في الرجل يرى المرأة فتعجبه قال: يذكر مناتنها. قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في ذم الهوى: ولقد بلغنا أن رجلًا عشق امرأة فمد يده إليها مع طيش, فقالت له: تأمل أمرك, أتدري ما تريد أن تصنع؟!! إنما تريد أن تبول في بالوعة لو شاهدت داخلها لوجدته أنتن من الكنيف! فبرد وسكن ولم يعاود, وقال أبو نصر بن نباتة:
ما كنت أعرف عيبَ مَن أحببته... ألم يعلم بأن الله يرى - ملتقى الخطباء. حتى سلوتُ فصرتُ لا أشتاقُ
وإذا أفاق الوجدُ واندمل الهوى... رأت القلوبُ ولم تر الأحداقُ. اهــ
خامسًا: تذكر ما يُفوته عليك إطلاق البصر في المحرمات من الفوائد والثمرات العظيمة, وانظرها في الفتوى رقم: 78760 بعنوان "ثمرات وفوائد غض البصر". سادسًا: احذر من الاسترسال مع الخطرات والوساوس التي تهيج الشهوة وتوقد نارها, واجتهد في دفع تلك الخطرات, وابتعد عن كل ما يثير الشهوة: من النظر في القنوات الفضائية, والصور ونحوها, وأشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك, ونسأل الله أن يطهر قلبك ويحصن فرجك.
واستحضار مراقبة الله -تعالى-؛ لأنَّ ذلك يجعل العبدَ يستحيي أن يعصي اللهَ بِنِعَمِه. ومما يُعين: الزواج أو الصيام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ, وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ, وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "(متفق عليه). ومن الوسائل المُعِينة: التَّعرُّف على مفاسدِ إطلاق البصر, والشرورِ التي يجنيها العبدُ من إطلاق بصره. واستحضارُ مشاهِدِ يوم القيامة؛ بدءًا من مجيئ مَلَكِ الموت.. وانتهاءً بدخول الجنة أو النار. ومصاحبةُ الأخيار, وتركُ صُحبةِ الأشرار؛ فإنَّ الرجل على دِينِ خليله. وكثرةُ النظر في المصحف, مع مُلازمَةِ ذِكْرِ الله -تعالى-؛ فإنَّ ذلك يُعِين على غض البصر. ومما يُعين: الابتعاد عن الأماكن التي تَمُرُّ منها النساء؛ لأن ذلك فيه استشرافٌ للفتنة. اطلاق البصر يؤدي الى مفاسد كثيره منها فقه تالت متوسط؟ - درب العلم. والمَيْلُ الفِطري الغَرِيزي بين الرجل والمرأة لا ينتهي أبداً, ومِنْ ثَمَّ فإن الشيطان يُزَيِّنُ ذلك, ويدفع العبدَ باتِّجاه أسباب الفِتنة خُطوةً خُطوة وهو لا يشعر, وقد حَذَّرَ اللهُ المؤمنين بقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)[النور: 21].
وهي من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها: خمس عشرة آية في معظم المصاحف، وفي المصحف المكي ست عشرة آية، وكان نزولها بعد سورة «القدر» وقبل سورة «البروج». 2- ومن مقاصدها: تهديد المشركين بأنهم سيصيبهم ما أصاب المكذبين من قبلهم، إذا ما استمروا في كفرهم، وبيان مظاهر قدرته- تعالى- في خلقه، وبيان حسن عاقبة من يزكى نفسه، وسوء عاقبة من يتبع هواها. إعراب سورة الشمس - محمود قحطان. افتتح - سبحانه - هذه السورة الكريمة ، بالقسم بكائنات عظيمة النفع ، جليلة القدر ، لها آثارها فى حياة الناس والحيوان والنبات ، ولها دلالتها الواضحة على وحدانيته - تعالى - وكمال قدرته ، وبديع صنعه. فقال - سبحانه -: ( والشمس وَضُحَاهَا) والضحى الوقت الذى ترتفع فيه الشمس بعد إشراقها ، فتكون أكمل ما تكون ضياء وشعاعا. فالمراد بضحاها: ضؤوها - كما يرى مجاهد - ، أو النهار كله - كما اختار قتادة وغيره - ، أو حرها - كما قال مقاتل -. وهذه الأقوال لا تنافر بينها ، لأن لفظ الضحى فى الأصل ، يطلق على الوقت الذى تنبسط فيه الشمس ، ويمتد النهار ، تقولك ضَحِى فلان يَضْحَى - كرضى يرضى - ، إذا برز للشمس ، وتعرض لحرها ، ومنه قوله - تعالى -: ( إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تعرى.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشمس - الآية 2
وقوله: ( وَلا
يَخَافُ عُقْبَاهَا) وقرئ: « فلا
يخاف عقباها ». عباس:لا يخاف الله من أحد تبعة. وكذا قال مجاهد، والحسن، وبكر بن عبد الله المزني،
وغيرهم. الضحاك والسدي: ( وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) أي:لم
يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع. والقول الأول أولى؛ لدلالة السياق عليه، والله أعلم. آخر
تفسير « والشمس وضحاها ».
إعراب سورة الشمس - محمود قحطان
وقال آخرون: معنى ذلك: وضوئها. * ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) قال: ضوئها. والصواب من القول في ذلك أن يقال: أقسم جلّ ثناؤه بالشمس ونهارها؛ لأن ضوء الشمس الظاهرة هو النهار.
تفسير قوله تعالى: والشمس وضحاها
قال:ففيم نعمل؟ قال: « من كان
الله خلقه لإحدى المنـزلتين يُهَيِّئه لها، وتصديق ذلك في كتاب الله: (
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) »
رواه
أحمد ومسلم، من حديث عَزْرَة بن ثابت به. وقوله: ( قَدْ
أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) يحتمل
أن يكون المعنى:قد أفلح من زكى نفسه، أي:بطاعة الله - كما قال قتادة- وطهرها من
الأخلاق الدنيئة والرذائل. ويُروَى نحوه عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير. سوره الشمس وضحاها للشيخ. وكقوله:
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [
الأعلى:14 ، 15]. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أي:دسسها، أي:أخملها ووضع
منها بخذلانه إياها عن الهُدَى، حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عز وجل. وقد
يحتمل أن يكون المعنى:قد أفلح من زكى الله نفسه، وقد خاب من دَسَّى الله نفسه، كما
قال العوفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. أبي حاتم:حدثنا أبي وأبو زُرْعَة قالا حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا أبو مالك - يعني
عمرو بن هشام- عن جُوَيبر، عن الضحاك، عن ابن عباس قال:سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول في قول الله: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
زَكَّاهَا) قال النبي صلى الله عليه وسلم: « أفلحت
نفس زكاها الله ».
سورة الشمس - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
وهو قول مجاهد، وكلاهما متلازم، والبناء هو الرفع، كقوله:
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ أي:بقوة وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالأَرْضَ
فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ [
الذاريات:47، 48]. وهكذا
قوله: ( وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا) قال
مجاهد: ( طَحَاهَا) دحاها. وقال العوفي، عن ابن عباس: ( وَمَا طَحَاهَا) أي:خلق
فيها. وقال علي
بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( طَحَاهَا) قسمها. مجاهد، وقتادة والضحاك، والسُّدِّي، والثوري، وأبو صالح، وابن زيد: (
طَحَاهَا) بسطها. وهذا
أشهر الأقوال، وعليه الأكثر من المفسرين، وهو المعروف عند أهل اللغة، قال
الجوهري:طحوته مثل دحوته، أي:بسطته. سورة الشمس - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك. وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) أي:خلقها سوية مستقيمة على
الفطرة القويمة، كما قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ
اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [
الروم:30] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كل
مولود يولد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه، كما
تولد البهيمة بهيمة جَمْعَاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ ». أخرجاه
من رواية أبي هريرة
وفي صحيح
مسلم من رواية عياض بن حمار المجاشعي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « يقول
الله عز وجل:إني خلقت عبادي حُنَفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ».
اللهم، آت
نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم، إني أعوذ بك من
قَلْب لا يخشع، ومن نَفْس لا تشبع، وعِلْم لا ينفع، ودعوة لا يستجاب لها ». قال
زيد:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمناهن ونحن نعلمكوهن. مسلم من حديث أبي معاوية، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث - وأبي عثمان
النهدي، عن زيد بن أرقم، به. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشمس - الآية 2. كَذَّبَتْ
ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ( 11) إِذِ
انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ( 12)
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ( 13)
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ
فَسَوَّاهَا ( 14) وَلا
يَخَافُ عُقْبَاهَا ( 15)
يخبر تعالى
عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم، بسبب ما كانوا عليه من الطغيان والبغي. محمد بن كعب: ( بِطَغْوَاهَا)
أي:بأجمعها. والأول
أولى، قاله مجاهد وقتادة وغيرهما. فأعقبهم ذلك تكذيبًا في قلوبهم بما جاءهم به
رسولهم من الهدى واليقين. ( إِذِ
انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) أي:أشقى القبيلة، هو قُدَار
بن سالف عاقرُ الناقة، وهو أحيمر ثمود، وهو الذي قال تعالى: فَنَادَوْا
صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ [
القمر:29]. وكان هذا الرجل عزيزًا فيهم، شريفًا في قومه، نسيبًا
رئيسًا مطاعًا، كما قال الإمام أحمد:
حدثنا
ابن نمير، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن زَمْعَةَ قال:خطب رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها، فقال: « ( إِذِ
انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) انبعث لها رجل عارم عزيز منيع
في رهطه، مثل أبي زمعة ».