توارى بجــدران الـبيوت عن الورى.. وأنت بعين الله لو كنت تشعر
وتخشى عيون الناس أن ينظروا بها.. ولم تخش عين الله والله ينظــر
ومع ذلك يحلم الله عليه، فلا هو الذي يرسل عليه صاعقة تحرقه، ولا ملكا يصفعه، ولا أحدا يمنعه، وإنما يضع في طريقه مذكرات: آية، موقفا، نصيحة عابرة، شيئا يلفت انتباهه؛ لعله ينزع عن مراد السوء، ولكن عقل شرود، وشيطان عنيد، وغفلة مطبقة، وشهوة تعمي وتصم. علامات حب الله للعبد. ورب ذو رحمة واسعة، وأستار سابغة. وبعد اقترافه للذنب، ووقوعه في المعصية، إذا تاب ورجع تاب الله عليه، وغفر له وكأنه لم يعصه، بل وربما يبدل سيئاته حسنات، {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}(الفرقان:70).
- علامات حب الله للعبد
- أسباب ستر الله للعبد - Layalina
- الإيمان بالقدر وآثاره
علامات حب الله للعبد
وعن رافع بن خديج رضي الله عنه عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ))، فجعل العامل على الصدقة تحصيلا أو توزيعا كالمجاهد في سبيل الله، وذلك إذا توفر فيه أمران: تحري الحق، وابتغاء وجه الله بعمله. أسباب ستر الله للعبد - Layalina. ومن علامات توفيق الله للعبد: أن يوفقه للعناية بكتاب الله تعلّماً وتعليماً، قال صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، بل أن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، فهنيئًا لمن درَس القرآن أو درّسه وحافظ على حدوده وأحكامه. فيا من فرّطت في تلاوة كتاب الله وتدبره، تدارك نفسك حتى تحوز هذه الخيريةِ والأجرَ العظيم. ومن توفيق الله للعبد أن يوفقه للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، التي نالت بها الأمةُ الخيرية، كما قال جل وعلا: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال سبحانه: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، جعلنا الله وإياكم من أولئك.
أسباب ستر الله للعبد - Layalina
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, أشدُّ حياءً من العذراء في خِدْرها, وأجْملُ مِن الحسناءِ في يوم عُرْسها, صلى الله عليه, وعلى آلهِ وصحبِه والتابعين, وسلم تسليمًا كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنَّ هناك نعمةً من نعم الله العظيمة, التي بِدُونها لا نَهْنَأُ بعيش, ولا يطيب لنا مُقامٌ بين أهلنا وفي بلدنا, هي نعمةٌ تناساها أكثر الناس, ولم يعرفوا قدرها ويستشعروا أثرها، إنها نعمةُ ستْر الله عليك يا عبد الله, التي لولاها ما تلذَّذتَ بنعمة, ولا تَهَنَّأت بعيشة, ولا اسْتمتعتَ بصحبة, وأصبحت منبوذاً مُحتَقراً من الناس والأقارب، فهي نعمةٌ لا تُقدَّر بثمن؛ بل هي أفضل نعمِ الدنيا عند بعض العلماء. اجتمع قومٌ فتذاكروا: أيّ النعم أفضل؟ فقال رجل: ما ستر الله به بعضَنا عن بعض, فيرون أن قول ذلك أرجح. قال بعض السلف: أصبح بنا من نعم الله ما لا نُحْصيه, مع كثرة ما نَعْصِيه, فما ندري أيها نشكر؟ أجميلُ ما ظهر؟ أم قبيح ما سَتر؟. فالحمد لله الذي جمَّل ظاهرنا, وستر قبيح أفعالنا, ولولا ذلك, ما طقنا العيش حتى مع الجماد. أحسنَ اللهُ بنا *** أنَّ الخطايا لا تفوحُ فإذا المستورُ منَّا *** بين ثوبيه فضُوح قال رجلٌ لأحد السلف: كيف أصبحتَ؟ قال: "أصبحت بين نعمتين, لا أدري أيَّتهُمَا أفضل: ذنوبٌ سترها الله -عز وجل-, فلا يستطيع أن يعيرني بها أحدٌ؛ ومودةٌ قذفها الله -عز وجل- في قلب العباد, لم يبلغها عملي".
ومن توفيق الله للعبد: أن يكفه عن التدخل فيما لا يعنيه، فلا يتتبّع أخبارَ الناس وأسرارهم، ولا يدخُلُ في أمور لا يُحسنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ)). ودخل على الصحابي الجليل أبي دجانة بعض أصحابه وهو مريض ووجهه يتهلل فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: "ما من عملِ شيءٍ أوثقُ عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليمًا. ومن علامات توفيق الله للعبد: أن يُلهِمه السداد والصواب في أقواله وأعماله ومواقفه، وتلك هي الحكمة التي قال الله عنها: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 269]. ومن توفيق الله للعبد: أن يُيسّر له الجهادَ والشهادةَ في سبيل الله، فذلك من أفضل القربات وأعلى المقامات، قال تعالى: ﴿ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 95]، وبيّن عز وجل أنه يختار الشهداء، فقال: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ﴾ [آل عمران: 140]، فقد اصطفاهم الله وأنعم عليهم بالشهادة في سبيله.
[الفصل الأول الإيمان بالقدر من أصول الإيمان] الإيمان بالقدر من أصول الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا بها، ففي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب في سؤال جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال (أي جبريل عليه السلام): صدقت " (١). والنصوص المخبرة عن قدرة الله أو الآمرة بالإيمان بالقدر كثيرة، فمن ذلك قوله تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) [القمر: ٤٩]. وقوله: (وكان أمر الله قدراً مقدوراً) [الأحزاب: ٣٨] ، وقوله: (ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً) [الأنفال: ٤٢]. وقال: (وخلق كل شيء فقدره تقديراً) [الفرقان: ٢]. وقال: (سبح اسم ربك الأعلى - الذي خلق فسوى - والذي قدر فهدى) [الأعلى: ١-٣]. الإيمان بالقدر وآثاره. وروى مسلم في صحيحه عن طاووس قال: " أدركت ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر حتى العجزُ والكَيْس (٢) ، أو الكَيْس والعَجْز " (٣). وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة قال: " جاء مشركو قريش يخاصمون (١) شرح النووي على مسلم: ١/١٥٧. (٢) الكيس ضد العجز. (٣) رواه مسلم: ٤/٢٠٤٥ ورقمه: ٢٦٥٥.
الإيمان بالقدر وآثاره
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة
والإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد ، ويقوي فيها العزائم فتثبت في ساحات الجهاد ولا تخاف الموت ، لأنها توقن أن الآجال محدودة لا تتقدم ولا تتأخر لحظة واحدة. قال تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ {34} الأعراف
6- الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم، وخاصة في معاملته للآخرين، فحين يقصِّر في حقّه أحدٌ أو يسيء إليه أو يردّ إحسانه بالإساءة أو ينال من عرضه بغير حق تجده يعفو ويصفح لأنه يعلم أن ذلك مقدّر، وهذا إنما يحسن إذا كان في حقّ نسفه، أمّا في حقّ الله فلا يجوز العفو ولا التعلل بالقدر، لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب. بحث عن الإيمان بالقدر. 7. والإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة ، فهو دائم الاستعانة بالله ، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب ، وهو أيضًا دائم الافتقار إلى ربه – تعالى – يستمد منه العون على الثبات ، ويطلب منه المزيد ، وهو أيضًا كريم يحب الإحسان إلى الآخرين ، فتجده يعطف عليهم. 8. ومن آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين، لا يخاف في الله لومة لائم، يبيّن للناس حقيقة الإيمان، ويوضح لهم مقتضياته، ويكشف الباطل وزيفه ودُعاته وحماته، ويقول كلمة الحقّ أمام الظالمين، ويفضح ما هم فيه من كفر وظلم، وإذا كان الأمر هكذا فكيف يبقى في نفس المؤمن الداعية ذرّة من خوف وهو يؤمن بقضاء الله وقدره؟!