وأضاف الدكتور الضويني أننا رأينا في المقابل من ينادي بالرجوع إلى التراث، والالتزام بأحكامه التزاما حرفيا جامدا دون النظر إلى مجريات الواقع، وبناء على هذا التفاوت في النظر مع عوامل أخرى ظهر الاتجاه الحداثي الذي يدور حول إلغاء الثوابت فلا قدسية لشيء عنده، ولست أحاول أن أقدم بين أيديكم طرحا أكاديميا وأنتم أهل التخصص، وإنما أشير فقط إلى أن القراءة الحداثية للنص أو التعامل الحداثي مع مكونات الهوية من لغة وتاريخ لا بد أن يوضع في إطاره الصحيح، فالحداثة المنفلتة تهدد الهوية إن لم تضيعها! ، مؤكدًا أن لغتنا وما تحمله ضمنا من فهم كتاب الله -عز وجل- وفهم سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتشكيل وعي الأمة ووجدانها، وإن تاريخنا وما يحمله ضمنا من ممارساتنا الحضارية وتجاربنا المتنوعة قد تركا بصمة واضحة في شخصيتنا وهويتنا. وأوضح وكيل الأزهر أن الخوف على الهوية والذات حق مشروع لا خلاف عليه في ظل ما تفرضه العولمة من تبدلات جارفة وعميقة لا تتوقف عند حدود، ومن هنا صار موضوع صراع الثقافات والمحافظة على الهويات من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات، وخاصة المثقفين فيها والنخب، وبعيدا عن نظرية «صراع الحضارات» التي كان يروج لها وبشدة، انطلاقا من وهم كاذب بالتفرد والتميز فإن نظرية «تلاقح الحضارات» أو «تلاقي الحضارات» أو «التثاقف» هي البديل الآمن للصراع، وهي التي أمر بها الإسلام في قوله تعالى: «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»، فلم يمنع الإسلام التعددية الناجحة، وإنما منع التعددية المحتربة المتقاتلة.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة القيامة - الآية 14
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أن المقصود بأن الإنسان على نفسه بصيرة أي سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه، بينما قال قتادة بن المراد من ذلك هو شهادة الإنسان على نفسه، وقد قيل أيضًا أنه بصير بعيوب الناس بينما ينسى ويتغافل عن ذنوبه، وهو ما يترادف مع المعنى الوارد في الإنجيل: يا ابن آدم، تبصر القذاة في عين أخيك، وتترك الجذل في عينك لا تبصره. فسّر مجاهد قوله تعالى: {ولو ألقى معاذيره} أي ولو جادل عن نفسه بكل حجة، فهو بصير عليها، كما قال قتادة، لو اعتذر بباطل في يوم الحساب، فلن يُقبل منه. اقرأ أيضا: نبذة عن كتاب رقائق القرآن
النفس في القرآن الكريم
وردت النفس في القرآن الكريم كثيرًا، وتتعدد أنواع النفس، وتنقسم إلى:
النفس اللوامة: قرن الله تعالى بين هذه النفس وبين يوم القيامة، ويتضح ذلك في قوله تعالى: {لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة}، ولا شك أن في ذلك إشارة إلى أهمية هذه النفس، وتُعرف بأنها النفس التي تلوم صاحبها سواء أقام بخير أو شر، ودائمًا ما تشعر بالندم على ما يفوتها، فعندها يُحاسب الإنسان نفسه على كل ما يصدر منه صغيرًا كان أو كبيرًا. بل الإنسان على نفسه بصيرة - منتدى الكفيل. النفس الأمارة بالسوء: تُعرف هذه النفس بأنها النفس الساعية وراء الملذات والشهوات؛ ولذلك هي أكثر تعرضًا للغرور والفتنة، والسبيل إلى علاج هذه النفس أن يسارع الإنسان ويبادر بالتوبة.
بل الإنسان على نفسه بصيرة - منتدى الكفيل
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلا تركتموه) وقال أبو داود والنسائي: ليثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما لترك حد فلا. وهذا كله طريق للرجوع وتصريح بقبوله. وفي قوله عليه السلام: (لعلك قبلت أو غمزت) إشارة إلى قول مالك: إنه يقبل رجوعه إذا ذكر وجها. الخامسة: وهذا في الحر المالك لأمر نفسه، فأما العبد فإن إقراره لا يخلو من أحد قسمين: إما أن يقر على بدنه، أو على ما في يده وذمته؛ فإن أقر على ما في بدنه فيما فيه عقوبة من القتل فما دونه نفذ ذلك عليه. وقال محمد بن الحسن: لا يقبل ذلك منه؛ لأن بدنه مستغرق لحق السيد، وفي إقراره إتلاف حقوق السيد في بدنه؛ ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: (من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإن من يبدلنا صفحته نقم عليه الحد). القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة القيامة - الآية 14. المعنى: أن محل العقوبة أصل الخلقة، وهي الدمية في الآدمية، ولا حق للسيد فيها، وإنما حقه في الوصف والتبع، وهي المالية الطارئة عليه؛ ألا ترى أنه لو أقر بمال لم يقبل، حتى قال أبو حنيفة: إنه لو قال سرقت هذه السلعة أنه لم تقطع يده ويأخذها المقر له. وقال علماؤنا: السلعة للسيد ويتبع العبد بقيمتها إذا عتق؛ لأن مال العبد للسيد إجماعا، فلا يقبل قوله فيه ولا إقراره عليه، لا سيما وأبو حنيفة يقول: إن العبد لا ملك له ولا يصح أن يملك ولا يملك، ونحن وإن قلنا إنه يصح تملكه.
تقول العرب: "كل شيء لا يوافِق هوى الأحمق، فاعلم أنّه صواب"، فعلى العاقل أن لا يتكدّر باله بما قد يصله من الناقمين من تعليقات لا تفضح إلا سوء النيّات، فالخير لن يتغيّر جوهره إن عابه ناقص عقل، وعمل الصحيح لن يشينه إن لم يَرُق لمنتكس بصيرة، المهم أن لا ينزلق هذا العاقل إلى معارك مستفِزّة لا طائل من ورائها، فهذه المعارك الصغيرة خسارتها بالابتعاد عنها هو الربح الأوفر!
وحين تتأملُ في مضمارِ السباقِ، تجدُ أنَّ القومَ لا يتسابقونَ بأقدامِهم، ولا بمراكبِهم، وإنما يتسابقونَ بقلوبِهم، فهي التي تقودُ أرواحَهم وأجسادَهم إلى رضوانِ اللهِ، يتجهون إلى الله حُبًا ورَغَبًا ورَهَبًا، زينتُهم الإخلاصُ، وزادُهم التقوى، قالَ يحيى بنُ معاذٍ-رحمه اللهُ تعالى-: "مَفَاوِزُ الدنيا تُقْطَعُ بِالْأَقْدَامِ، وَمَفَاوِزُ الآخرة تُقْطَعُ بِالقلوب". في مضمارِ سباقِ القلوبِ لن تستغربَ أنْ تجدَ متسابقَينِ اثنينِ وصلا إلى المنزلةِ نفسِها، أحدُهما جاهدَ في سبيلِ اللهِ، وواجَه المخاوفَ، وتَعَرَّضَ للأخطارِ حتى كُتبتْ له الشهادةُ، والآخرُ ماتَ على فراشِه بين أهلِه وأحبابِه وأموالِه، وذلك لأنهما سابقا بقلبيهما إلى اللهِ، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-: "مَن سَأَلَ اللَّهَ الشَّهادَةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ علَى فِراشِهِ". ولن تستغربَ أن ترى في جموعِ المنحرفينَ عن السباقِ، رجلًا أمضى حياتَه في كتابِ اللهِ حفظًا وتعلمًا وتعليمًا، ورجلًا جاهدَ حتى قُتلَ، ورجلًا أنفقَ مالَه حتى أفناه في الخيرِ، ستراهم في خارجِ السباقِ لأنهم لم يسابقوا بقلوبِهم إلى اللهِ، وانحرفَ بهم المسارُ، فلم يصلوا إلى مغفرةِ اللهِ وجنتِه، وإنما وصلوا إلى ما أرادوا من الرياءِ والسمعةِ، سابقوا إلى حيثُ يُقالُ لهم: فلانٌ قارئٌ، فلانٌ شجاعٌ، فلانٌ جوادُ، أولئك الذينَ قالَ عنهم النبي-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-: "يا أبا هريرةَ أولئِك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامةِ".
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنبياء - الآية 90
بقلم |
محمد جمال |
الاثنين 02 يوليو 2018 - 02:06 م
حين خلق الله تعالى الخلق قسمهم إلى قسمين ﴿
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ﴾ [التغابن: 2] ﴿
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]
﴿ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ [الشورى: 7]. ومن أهل الكفر من يسارعون في الشر. والكفر
أعظم الشر، ومسارعتهم فيه تقتضي مسارعتهم فيما هو دونه من الإثم والمعصية؛ ومن
مسارعتهم في الكفر صدهم عن دين الله تعالى، ومحاربتهم المؤمنين، والحيلولة بين
الناس وبين الإيمان، وقد أخبر الله تعالى عن ذلك في سياق الحديث عن مصاب المؤمنين
في غزوة أحد ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ
لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا
فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 176].
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنبياء - الآية 90
(ثلاثة الأصول وأدلتها ش5).
إخوة الإسلام
إن المسارعةُ إلى الخيراتِ ، والمسابقةُ في الأعمالِ الصَّالحةِ للفوزِ برِضا اللهِ - عزَّ وجلَّ من أخلاق المؤمنين الصادقين ، وكيف لا ، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث الأُمَّةَ المسلمةَ في كلِّ زَمانٍ ومكانٍ بالمبادرةِ إلى كلِّ ما يُقرِّبُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - حين قال:
((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا » رواه مسلم.