وهو كذلك. فقد بدل الله خيراً منهم, فهم والله ماتوا, وجاء الإسلام, وعاش أهله في مكة إلى اليوم. فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم. تفسير قوله تعالى: (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون)
تفسير قوله تعالى: (يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون)
تفسير قوله تعالى: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون)
قراءة في كتاب أيسر التفاسير
هداية الآيات
قال: [ هداية الآيات] الآن مع هداية الآيات: [ من هداية الآيات: أولاً: بيان الحال التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بين ظهراني قريش، وما كان يلاقي من أذاهم] وهو بين المشركين الكافرين في مكة، فقد كان هذا يضحك, وهذا يسخر، وهذا يهدده, وهذا يريد أن يضربه. وقد دلت الآية الأولى على هذا. [ ثانياً: بيان أن الجنة تُدخل بالطهارة الروحية من قذر الشرك والمعاصي] فالجنة مقام ودار الأرواح الطاهرة النقية، وأما الأرواح الخبيثة كالمني المنتن فهذه لن تدخلها, وليست لها بأهل، واقرءوا دائماً: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [ الشمس:9-10]. وقد حلف الله على هذا الحكم الإلهي والله العظيم. فقد أفلح من زكى نفسه، أي: طيبها وطهرها بأدوات الإيمان وصالح الأعمال، وأبعدها عن الرجس والخبث, والشرك والكفر, والذنوب والآثام.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٩ - الصفحة ٣٧
ولذلك قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40]. وربها وخالقها ومالكها الله عز وجل. والله تعالى يحلف بما يشاء، ويقسم بما يشاء، وهو يقسم بالشيء ليلفت النظر إلى أنه مظهر من مظاهر قدرة الله ورحمته, وعلمه وحكمته، فقد قال: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ [التين:1-2]، وقال: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، وقال: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2]. وهو تعالى يحلف بالشيء من مخلوقاته؛ ليلفت النظر إلى أن هذا مظهر من مظاهر قدرة الله وعلمه, وحكمته ورحمته. وهو هنا يقسم بالمشارق والمغارب, فقال: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ [المعارج:40], أي: مستطيعون عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ [المعارج:41]. فيحلف الله تعالى أو يقول: لا أحلف على أننا قادرون على أن نبيد هؤلاء ونهلكهم وندمرهم, ونأتي بأمة أخرى. فذرهم يخوضوا ويلعبوا. وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ [المعارج:41]. فلا أحد يسبقنا في ذلك أو يصل إلى ما نصل إليه. وفي هذا تهديد لهؤلاء الكافرين المتبجحين المشركين، فهو يحلف تعالى أو يقول: لا أحلف برب المشارق والمغرب إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ [المعارج:40-41].
التفريغ النصي - تفسير سورة المعارج_ (3) - للشيخ أبوبكر الجزائري
شكرا لدعمكم
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون . [ الزخرف: 83]
إذاً: فلا ينبغي أن نتكبر ولا نتجبر، بل ينبغي علينا أن نعمل على أن تزكو نفوسنا وتطيب وتطهر. وما عدا حواء وآدم وعيسى عليه السلام, فهؤلاء ما خلقوا من نطفة، والبشرية كلها خلقت من النطفة القذرة, وهي المني. [ ثالثاً:] من هداية الآيات: [ الاستدلال بالنشأة الأولى على إمكان] الحياة [ الثانية] فالذي أوجدنا الآن لا يعجز أن يوجدنا غداً. والذي أوجدنا الآن ليس آباؤنا أو أمهاتنا, بل أوجدنا الله, وأعطانا فترة من الزمن أعماراً وآجالاً, ثم أماتنا، فهو قادر إذاً على أن يحيينا مرة ثانية؛ ليحاسبنا ويجزينا على كسبنا وعملنا في حياتنا هذه. فمن هداية هذه الآيات: الدلالة على أن الخالق لهذا الخلق الآن يقدر على أن يخلقهم غداً في الدار الآخرة. فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون . [ الزخرف: 83]. [ رابعاً:] من هداية الآيات التي تدارسناها: [ تقرير عقيدة البعث والجزاء] والبعث هو: أن يبعثنا الله من قبورنا أحياء في ساحة واحدة, تسمى فصل القضاء، ثم يحاسبنا، ثم يجزينا. فصاحب الإيمان والعمل الصالح الطاهر النفس يدخل الجنة دار النعيم، وصاحب النفس الخبيثة المنتنة بالشرك والذنوب والآثام في دار الجحيم. هذا البعث الآخر والحياة الثانية والدار الآخرة. وأركان الإيمان ستة، والركن الخامس هو: الإيمان باليوم الآخر.
وفي الآية مقابلة لما يثبته الوثنية لكل من السماء والأرض إلها أو آلهة، وفي تذييل الآية بقوله: (وهو الحكيم العليم) الدال على الحصر إشارة إلى وحدانيته في الربوبية التي لازمها الحكمة والعلم. قوله تعالى: (وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه يرجعون) ثناء عليه تعالى بالتبارك وهو مصدريته للخير الكثير. وكل من الصفات الثلاث المذكورة حجة على توحده في الربوبية أما ملكه للجميع فظاهر فإن الربوبية لمن يدبر الامر والتدبير للملك، وأما اختصاص علم الساعة به فلان
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131...
»
»»
اقرأ أيضًا: حكم العدل لمن تولى مسؤولية كالأب، والمعلم، والحاكم
إن إقامة العدل بين الناس في الشريعو الإسلامية تعد ن أهم الواجبات وأقدسها، وحكم العدل على من توالى مسؤولية واجبًا وليس من الامور الطوعية التي تترك لمزاج المسؤول أو الحاكم، وإقامة العدل بين الناس أفرادًا ودولًا وجماعات ليست من الأمور التطوعية حسب إجماع الأمة الإسلامية، وهذا الحكم تؤيده السنة النبوية والنصوص القرآنية. إن من أهداف إقامة المجتمع الإسلامي في دولة الإسلام، المجتمع الذي تسود فيه قيم المساواة والعدل، ومحاربة الظلم ورفعه بكافة أشكاله وأنواعه، وعليها تسهيل وتيسير سبل الوصول أمام كل إنسان خلفه حق يطالب به، دون أن يكلفه ذلك مالًا أو جهدًا، وعليها منع الوسائل التي من شأنها إعاقة صاحب الحق عن أخذ حقه، وإن العدل العدل في فكر الصحابي الجيلي أبي بكر هو عدا الإسلام، فلا يتحقق الإسلام في مجتمع لا يعرف العدل ويسوده الظلم، والعدل هو الدعامة الأساسية في إقامة الحكم الإسلامي. لقد كا الصحبي الصديق رضي الله عنه يبهر الأباب ويأسر العقول والقلوب في كونه قدوة للعدل، فالعدل هو دعوة عملية للإسلام في نظره، وباب لإدخال الإيمان في قلوب الناس، فقد طلب رضي الله عنه من الناس أن يكونوا عونًا له في تحقيق العدل، وكان قد عدل في العطاء بين الناس، وعرض القصاص من نفسه في أكثر من واقعة.
حكم العدل على من يتولى مسؤولية محدودة مملوكة بنسبة
[3]
تحمل المسؤولية
إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوة الأمة الإسلامية في مواجهة الصعوبات والتحديات وتحمل المسؤولية ، فمن يتأمل في مسيرته المباركة الطيبة ويستقرئ في سيرته العطرة، يعرف مدى صبره وتحمله وجهاده، وما تميز به من شمائل وآداب ووصفات وأخلاق، فهو صلى الله عليه وسلم القدوة الصالحة والمثال الحي في تحمل المسؤولية والأمانة وأنه كان عليه أفضا الصلاة وأتم التسليم على قدر من المسؤولية العظيمة، كيف لا وقد اصطفاه الله من بين سائر خلقه سبحانه. وفي مجال الدعوة والصبر على ردود الأفعال والإرشاد، وما ينتج عن ذلك من إعراض وسخرية وإيذاء من الجهلاء، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقابل ذلك بالتوكل الصادق والصبر الجميل، ومقابلة الإساءة بالإحسان، إن الرسول الكريم يعلم الناس درسًا مهمًا بليغًا في الصبر والتحمل دون كلل أو ملل، ويعلم الناس ما يحمله المسلم من مسؤوليات كبيرة، ومهام عظام تتمثل في التحلي بالأخلاق الحميدة ولآداب السامية في الإرشاد والدعوة، فلا يجوز التحييد عن هذا المسار. إن صور تحمل المسؤولية في الحياة اليومية كثيرة وأنواعها عديدة، ومتنوعة أبوابها ومنها:
مسؤولية الإنسان تجاه ربه في مراقبة أقواله وأفعاله، وأن يعبد الله كأنه يراه، أي حينما يختفي عن الانظار.
فمركز المتعاقدين، مثلا، متساو من ناحية العدل التبادلي، فإذا استلم احد الطرفين المتعاقدين أكثر مما يستحق أو اقل وجب الرد وإيجاد التوازن لتحقيق العدل، وإذا الحق احدهم بآخر ضرراً وجب عليه التعويض. بغض النظر عن كونه من القادة أو من الأفراد العاديين او من الأغنياء او من الفقراء من النساء او من الرجال فالعدل التوزيعي يحمي الإنسان لذاته بغض النظر عن مركزه الاجتماعي او الديني او المالي او السياسي او مستواه العقلي. ولا غرابة إن كان هناك ارتباط وثيق، بين الحديث عن الفضيلة في علم الأخلاق، وبين الحديث عن العدل، بل يمكن القول، إن العدالة هي رأس الفضائل في أي مذهب من المذاهب الأخلاقية المعروفة. حكم العدل على من تولى مسؤولية - الداعم الناجح. وعلى هذا النحو يعرّف أفلاطون العدالة بأنها نظام في النفس يكفل لها جمالاً وانسجاماً. فالعدل في حقيقته ومعناه ليس بخاصية من خصائص القانون وليس هو ظاهرة من ظواهر المجتمع، بل هو فضيلة وسلوك للإنسان في علاقاته الاجتماعية ينبغي أن تتحقق ولو لم يكن هناك قانون أو دولة بسبب ظروف قاهرة معينة. ذلك ان الفضيلة تعني استعداداً دائماً ومستمراً للنفس البشرية لفعل الخير ورد الشر، فالفضيلة تحمل طابع الدوام والثبات والتعود، أما إذا اتخذ السلوك الفاضل صفة التقطع فلا يعد فضيلة، لان التقطع يرتبط بالانتهازية والتحيز وربط الموقف الأخلاقي بالمصالح الأنانية، وعلى هذا النحو فان الإنسان إما ان يكن عادلا وفاضلاً على طول الخط أو لا يكون.