عن جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه، فأكلوا ثمنه". أدلة تحريم الخمر التدريجية. جملوه أي: أذابوه. قوله: (عام الفتح)، وفي رواية يقول: عام الفتح وهو بمكة، قوله: إن الله ورسوله حرم. قال القرطبي: إنه صلى الله عليه وسلم تأدُّب فلم يجمع بينه وبين اسم الله في ضمير الاثنين؛ لأنه من نوع ما رد به على الخطيب الذي قال ومن يعصهما.
- أدلة تحريم الخمر التدريجية
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأعراف - الآية 8
- ص4 - تأملات قرآنية المغامسي - تفسير قوله تعالى والوزن يومئذ الحق - المكتبة الشاملة الحديثة
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - الآية 8
أدلة تحريم الخمر التدريجية
لقدْ كانَ في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّمَ كثيراً منَ الشّواهدِ الّتي تبيّنُ أحكامَ الأطعمة والأشربةِ للمسلمينَ، ومن الأشربةِ الّتي نهى عليه الصّلاةُ والسلامُ عنْها الخمرُ، تأكيداً لما جاءَ في كتابِ الله عزّ وجلَّ في ذلكَ، وسنعرضُ حديثاً في تحريمِ الخمرِ. الحديث يوردُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: (( وحدّثنا محمّدُ بنُ المثنّى، ومحمّدُ بنُ حاتمٍ، قالا: حدّثنا يحيى ـ وهوَ القطّانُ ـ عنْ عبيدِ الله، أخبرنا نافعٌ، عنِ ابنِ عمرَ، قال: ولا أعلمهُ إلّا عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، قال: "كلُّ مسكرٍ حرامُ، وكلُّ خمرٍ حرام ")). رقمُ الحديث: 75/2003. حديث تحريم الخمر. ترجمة رجال الحديث الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأشربةِ، بابُ: (بيانُ أنّ كلّ مسكرٍ خمر، وأنّ كلّ خمرٍ حرام)، والحديثُ جاء منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ عبدُ الله بنُ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ ، منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ عنه عليه الصّلاةُ والسّلام، أمّا بقيّةُ رجالِ السّندِ الباقونَ: محمّدُ بنُ المثنّى: وهو أبو موسى الزّمن، محمّدُ بنُ المثنّى بنِ عبيدٍ العنزيُّ (167ـ252هـ)، وهوَ من ثقاتِ الرّواية للحديثِ منْ تبع الأتباع.
قوله: (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود")... إلخ. قال الحافظ: وسياقه مشعر بقوة ما أوله الأكثر أن المراد بقوله: هو حرام البيع لا الانتفاع، وروى أحمد والطبراني من حديث ابن عمر مرفوعًا: الويل لبني إسرائيل؛ إنه لما حرمت عليهم الشحوم، باعوها فأكلوا ثمنها، وكذلك ثمن الخمر عليكم حرام. عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال وهو عند الركن: قاتل الله اليهود إن الله حرم عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها؛ لأن الله إذا حرم على قوم أكلَ شيء، حُرِّم عليهم ثمنه؛ رواه أبو داود. قال الحافظ: والظاهر أن النهي عن بيع الأصنام للمبالغة في التنفير عنها، ويلتحق بها في الحكم الصلبان التي تُعظمها النصارى، ويحرُم نحت جميع ذلك وصَنعتُه، قال: ويستثنى من الميتة عند بعض العلماء ما لا تحله الحياة كالشعر والصوف والوبر، فإنه طاهر؛ فيجوز بيعه وهو قول أكثر المالكية والحنفية، وزاد بعضهم العظم والسن والقرن والظلف، وقال بنجاسة الشعور الحسن والليث والأوزاعي، ولكنها تطهر عندهم بالغسل وكأنها متنجسة عندهم بما يتعلق بها من رطوبات الميتة لا نجاسة العين، ونحوه قول ابن القاسم في عظم الفيل: إنه يطهر إذا سلق بالماء) [2].
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) قوله تعالى والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون قوله تعالى والوزن يومئذ الحق ابتداء وخبر. ويجوز أن يكون الحق نعته ، والخبر يومئذ ويجوز نصب الحق على المصدر. والمراد بالوزن وزن أعمال العباد بالميزان. قال ابن عمر: توزن صحائف أعمال العباد. وهذا هو الصحيح ، وهو الذي ورد به الخبر على ما يأتي. وقيل: الميزان الكتاب الذي فيه أعمال الخلق. وقال مجاهد: الميزان الحسنات والسيئات بأعيانها. وعنه أيضا والضحاك والأعمش: الوزن والميزان بمعنى العدل والقضاء ، وذكر الوزن ضرب مثل; كما تقول: هذا الكلام في وزن هذا وفي وزانه ، أي يعادله ويساويه وإن لم يكن هناك وزن. قال الزجاج: هذا سائغ من جهة اللسان ، والأولى أن يتبع ما جاء في الأسانيد الصحاح من ذكر الميزان. ص4 - تأملات قرآنية المغامسي - تفسير قوله تعالى والوزن يومئذ الحق - المكتبة الشاملة الحديثة. قال القشيري: وقد أحسن فيما قال ، إذ لو حمل الميزان على هذا فليحمل الصراط على الدين الحق ، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد ، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة ، والملائكة على القوى المحمودة. وقد أجمعت الأمة في الصدر الأول على الأخذ بهذه الظواهر من غير تأويل.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأعراف - الآية 8
تفسير القرآن الكريم
ص4 - تأملات قرآنية المغامسي - تفسير قوله تعالى والوزن يومئذ الحق - المكتبة الشاملة الحديثة
وإذا أجمعوا على منع التأويل وجب الأخذ بالظاهر ، وصارت هذه الظواهر نصوصا. قال ابن فورك: وقد أنكرت المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض يستحيل وزنها ، إذ لا تقوم بأنفسها. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأعراف - الآية 8. ومن المتكلمين من يقول: إن الله تعالى يقلب الأعراض أجساما فيزنها يوم القيامة. وهذا ليس بصحيح عندنا ، والصحيح أن الموازين تثقل بالكتب التي فيها الأعمال مكتوبة ، وبها تخف. وقد روي في الخبر ما يحقق ذلك ، وهو أنه روي أن ميزان بعض بني آدم كاد يخف بالحسنات فيوضع فيه رق مكتوب فيه لا إله إلا الله فيثقل. فقد علم أن ذلك يرجع إلى وزن ما كتب فيه الأعمال لا نفس الأعمال ، وأن الله سبحانه يخفف الميزان إذا أراد ، ويثقله إذا أراد بما يوضع في كفتيه من الصحف التي فيها الأعمال. وفي صحيح مسلم عن صفوان بن محرز قال قال رجل لابن عمر: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ قال سمعته يقول: يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه فيقول هل تعرف ؟ فيقول أي رب أعرف قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم فيعطى صحيفة حسناته وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رءوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على الله.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - الآية 8
وعلى هذا اختلف العلماء في الذي يوزن، مع اتفاقهم جملة على أنه يوجد ميزان له كفتان، لكن اختلفوا في الذي يوزن على أقوال أشهرها: القول الأول: أن الذي يوزن: العمل نفسه، والذين قالوا بهذا القول احتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان) ، فموضع الشاهد: أنه قال: أن (الحمد لله) تملأ الميزان، وقال صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف تحاج عن أصحابها) فهذا من أدلة من قال: إن الذي يوزن هو العمل. وقال آخرون: إنما الذي يوزن: صحائف العمل، وهؤلاء احتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي بسند صحيح: (إن الله سيخلص رجلاً من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق ينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مد البصر فيقول له ربه: أتنكر مما رأيت شيئاً؟ فيقول: لا يا رب! القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - الآية 8. فيقول الله جل وعلا له: أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب! فيقول الله: إن لك عندنا بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فيقول: يا رب! وما تغني هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة، قال صلى الله عليه وسلم: فطاشت السجلات، ورجحت البطاقة) وفي زيادة عند الترمذي: (ولا يثقل مع اسم الله شيء).
شكرا لدعمكم
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.