والفصل هو القضاء بحكم. وعندما يكون الذي يحكم هو الذي شهد، فهو العادل. لذلك قال الحق: { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. ويقول الحق بعد ذلك: { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ... }
- إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المائدة - قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى - الجزء رقم2
- إعراب قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر الآية 69 سورة المائدة
- شرح فقرة: "اللهم عرفني نفسك،..."
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المائدة - قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى - الجزء رقم2
ولنلحظ أن كلمة " الصابئين " في هذه الآية منصوبة. وفي سورة المائدة نجد قول الحق: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]. ولنلحظ أن كلمة " الصابئون " هنا مرفوعة ومقدمة على كلمة " النصارى ". إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المائدة - قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى - الجزء رقم2. وفي آية سورة الحج يقول الحق: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئِينَ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17]. هنا إخبار عن أربعة، وزاد الحق عليهم اثنين في آية الحج، ونجد أن الإخبار يختلف، وكذلك يختلف الأسلوب، فمرة تتقدم النصارى على الصابئين، ومرة تتقدم الصابئون على النصارى، ومرة تكون الصابئون مرفوعة، ومرة تكون منصوبة بالياء. وأما اختلاف الإخبار، فهو سبحانه يخبرنا في سورة البقرة فيقول: { مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62].
إعراب قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر الآية 69 سورة المائدة
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر العدني ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال: قال سلمان: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم ، فذكرت من صلاتهم وعبادتهم ، فنزلت: ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر) إلى آخر الآية. وقال السدي: ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا) الآية: نزلت في أصحاب سلمان الفارسي ، بينا هو يحدث النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر أصحابه ، فأخبره خبرهم ، فقال: كانوا يصومون ويصلون ويؤمنون بك ، ويشهدون أنك ستبعث نبيا ، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم ، قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان ، هم من أهل النار. إعراب قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر الآية 69 سورة المائدة. فاشتد ذلك على سلمان ، فأنزل الله هذه الآية ، فكان إيمان اليهود: أنه من تمسك بالتوراة وسنة موسى ، عليه السلام ؛ حتى جاء عيسى. فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى ، فلم يدعها ولم يتبع عيسى ، كان هالكا. وإيمان النصارى أن من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمنا مقبولا منه حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن لم يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل - كان هالكا.
الثالث: أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن " ؛ فالحروف الناسخة ، إن وأخواتها ، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر ، واسم إن محله الأصلي ، قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ ، ومن هنا رفعت "الصابئون" باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن. [ انظر: أوضح المسالك ، لابن هشام ، مع شرح محيي الدين ، 1/352-366, تفسير الشوكاني والألوسي ، عند هذه الآية].
فقال رجل منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي والدان، فكنت أحلب لهما في إنائهما فآتيهما، فإذا وجدتهما راقدين قمت على رءوسهما كراهة أن أرد سنتهما في رءوسهما، حتى يستيقظا متى استيقظا، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك، ومخافة عذابك، ففرج عنا. فزال ثلث الحجر وقال الثاني: اللهم إن كنت تعلم أني [ ص: 493] استأجرت أجيرا على عمل يعمله، فأتاني يطلب أجره وأنا غضبان، فزبرته، فانطلق وترك أجره، فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال، فأتاني يطلب أجره، فدفعت إليه ذلك كله، ولو شئت لم أعطه إلا أجره الأول، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك، ففرج عنا. فزال ثلثا الحجر. وقال الثالث: اللهم إن كنت تعلم أنه أعجبته امرأة فجعل لها جعلا، فلما قدر عليها وفر لها نفسها، وسلم لها جعلها. دعاء اللهم عرفني نفسك. اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك، ففرج عنا. فزال الحجر وخرجوا معانيق يمشون". وأخرج البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وابن المنذر ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون، إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار، فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه.
شرح فقرة: "اللهم عرفني نفسك،..."
قوله تعالى: أم حسبت الآية. أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الكهف هو غار الوادي. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق علي ، عن ابن عباس قال: الرقيم الكتاب. /وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق العوفي، عن ابن عباس قال: الرقيم واد دون فلسطين، قريب من أيلة. وأخرج ابن جرير ، من طريق ابن جريج، عن ابن عباس قال: الرقيم الجبل الذي فيه الكهف. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: والله ما أدري ما الرقيم؛ أكتاب أم [ ص: 488] بنيان؟
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، عن مجاهد قال: الرقيم؛ منهم من يقول: كتاب قصصهم. ومنهم من يقول: الوادي. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، عن أبي صالح قال: الرقيم لوح مكتوب. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال: الرقيم لوح من حجارة كتبوا فيه قصة أصحاب الكهف وأمرهم، ثم وضع على باب الكهف. شرح فقرة: "اللهم عرفني نفسك،...". وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: الرقيم حين رقمت أسماؤهم في الصخرة، كتب الملك فيها أسماءهم، وكتب أنهم هلكوا في زمان كذا وكذا في ملك دقيوس، ثم ضربها في سور المدينة على الباب، فكان من دخل أو خرج قرأها، فذلك قوله: أصحاب الكهف والرقيم. وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والزجاجي في "أماليه"، وابن مردويه ، من طريق عكرمة ، عن ابن عباس قال: لا أدري ما الرقيم، وسألت كعبا فقال: اسم القرية التي خرجوا منها.
ففرج الله عنهم فخرجوا". وأخرج البخاري في "تاريخه" من حديث ابن عباس ، مثله.