الرواية الثالثة: روى الطبري عن مجاهد، قال: كانوا يحجون، ولا يتجرون، فأنزل الله: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}، قال: في الموسم، أي: موسم الحج. الرواية الرابعة: روى الطبري عن سعيد بن جبير، قال: كان بعض الحاج يسمون (الداج)، فكانوا ينزلون في الشق الأيسر من منى، وكان الحاج ينزلون عند مسجد منى، فكانوا لا يتجرون، حتى نزلت: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}، فحجوا. و(الداج): هم الذين مع الحجاج من الأجراء والمكارين والأعوان والخدم، وظاهر أنهم كانوا لا يحجون مع الناس). وهذه الروايات على اختلاف ألفاظها وسياقاتها متفقة من حيث المضمون، وهي تبين أن المسلمين كانوا يتحرجون في أثناء أداء الحج من تبادل المنافع التجارية، حتى نزلت هذه الآية، ترفع الحرج عنهم في فعل ذلك. وتأسيساً على ما صرحت به الآية الكريمة، وما جاء في سبب النزول، فقد قرر العلماء إباحة التجارة والإجارة وسائر أنواع المكاسب في الحج، وأن ذلك لا يحبط أجراً، ولا ينقص ثواباً. قال الشوكاني: في الآية ترخيص لمن حج في التجارة، ونحوها من الأعمال التي يحصل بها شيء من الرزق، وهو المراد بـ (الفضل) هنا، ومنه قوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} (الجمعة:10).
ص421 - كتاب تفسير العثيمين الفاتحة والبقرة - الآية ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم - المكتبة الشاملة
كان للعرب في أيام جاهليتهم أسواق موسمية منتظمة، يتبادلون فيها السلع، ويعقدون فيها التجارات، وكان من أهم تلك الأسواق سوق عكاظ، ومَجِنَّة، وذي المجاز وغيرها. وكانت هذه الأسواق قريبة من مكة، وكان من عادة أهل الجاهلية أنهم إذا خرجوا من أسواقهم إلى مكة حرم عندهم البيع والشراء. واستمر انعقاد هذه الأسواق مع مجيء الإسلام، واستمر تحرج الناس من البيع والشراء في مواسم الحج، وذهب بهم الظن إلى عدم مشروعية التجارة في أيام موسم الحج، إلى أن أنزل الله سبحانه قوله: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} (البقرة:198). وقد جاء في سبب نزول هذه الآية بضع روايات، نقف على أهمها، ونذكر بعض الفوائد منها: الرواية الأولى: روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} في مواسم الحج. وهذه الرواية أصح ما جاء في سبب نزول هذه الآية. الرواية الثانية: روى الإمام أحمد وغيره عن أبي أمامة التيمي، قال: قلت لـ ابن عمر رضي الله عنهما: إنا نكري، فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون (المُعَرَّف)، وترمون الجمار، وتحلقون رءوسكم؟ قال: قلنا: بلى، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن الذي سألتني، فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بهذه الآية: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: (أنتم حجاج).
تفسير قوله تعالى : {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ..}
والرواية الرابعة: قال مجاهد: إنهم كانوا لا يتبايعون في الجاهلية بعرفة ولا منى ، فنزلت هذه الآية. إذا ثبت صحة هذا القول فنقول: أكثر الذاهبين إلى هذا القول حملوا الآية على التجارة في أيام الحج ، وأما أبو مسلم فإنه حمل الآية على ما بعد الحج ، قال: والتقدير: فاتقون في كل أفعال الحج ، ثم بعد ذلك ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) ونظيره قوله تعالى: ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) [الجمعة: 10]. واعلم أن هذا القول ضعيف من وجوه:
أحدها: الفاء في قوله: ( فإذا أفضتم من عرفات) يدل على أن هذه الإفاضة حصلت بعد ابتغاء الفضل ، وذلك يدل على وقوع التجارة في زمان الحج. وثانيها: أن حمل الآية على موضع الشبهة أولى من حملها لا على موضع الشبهة ، ومعلوم أن محل الشبهة هو التجارة في زمن الحج ، فأما بعد الفراغ من الحج فكل أحد يعلم حل التجارة. أما ما ذكره أبو مسلم من قياس الحج على الصلاة فجوابه: أن الصلاة أعمالها متصلة فلا يصح في أثنائها التشاغل بغيرها ، وأما أعمال الحج فهي متفرقة بعضها عن بعض ، ففي خلالها يبقى المرء على الحكم الأول حيث لم يكن حاجا. لا يقال: بل حكم الحج باق في كل تلك الأوقات ، بدليل أن حرمة التطيب واللبس وأمثالهما باقية ، لأنا نقول: هذا قياس في مقابلة النص فيكون ساقطا.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم "- الجزء رقم4
قال: اتجروا في الموسم. 3783 - حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني عمي ، قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال: كان الناس إذا أحرموا لم يتبايعوا حتى يقضوا حجهم ، فأحله الله لهم. 3784 - حدثنا المثنى ، قال: حدثنا أبو نعيم ، قال: حدثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال: كانوا يتقون البيوع والتجارة أيام الموسم ، يقولون: " أيام ذكر! " فأنزل الله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، فحجوا. 3785 - حدثنا أبو كريب ، قال: حدثنا وكيع ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج". 3786 - حدثنا المثنى ، قال: حدثنا الحماني ، قال: حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال: لا بأس بالتجارة في الحج ، ثم قرأ: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ". 3787 - حدثت عن عمار ، قال: حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال: كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا على ضالة ولا ينتظرون لحاجة ، وكانوا يسمونها" ليلة الصدر" ولا يطلبون فيها تجارة.
تاريخ النشر: الإثنين 28 رمضان 1423 هـ - 2-12-2002 م
التقييم:
رقم الفتوى: 25929
4864
0
274
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد حصلت على تأشيرة للعمل كسائق في موسم الحج بالسعودية وإذا قمت بأداء مناسك الحج فهل تجوز لي الحجة؟ نرجو الإفادة وسرعة الرد ونشكركم على حسن تعاونكم معنا. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا أمكنك أن تقوم بأداء مناسك الحج، فلا حرج عليك ولا يؤثر في صحة حجك ما تمارسه من عمل كأجير أثناء تأدية المناسك، والدليل ما رواه أبو داود وغيره، عن أبي أمامة قال: كنت رجلاً أُكّرِّي في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج، فلقيت ابن عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إني رجل أكري في هذا الوجه وإن ناساً يقولون لي: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر: وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار، قال: قلت: بلى، قال: فإن لك حجا. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني عنه فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُم [البقرة:198]. فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ عليه هذه الآية وقال: لك حج.
** ورد عند الواحدي
قوله تعالى: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ "
(*) عن العلاء بن المسيب ، عن أبي أمامة التيمي قال: سألت ابن عمر فقلت: إنا قوم نكرى في هذا الوجه ، وإن قوما يزعمون أنه لا حج لنا. قال: ألستم تُلبُّون ، ألستم تطوفون ، ألستم تسعون ، بين الصفا والمروة ؟ ألستم ألستم ؟ قال: قلت: بلى ، قال: إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما سألت عنه فلم يدْرِ ما يردّ عليه حتى نزلت: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ " فدعاه فتلا عليه حين نزلت ، فقال: أنتم الحجاج. (*) عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال: كان ذو المجاز وعكاظ متجراً للناس في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ" في مواسم الحج. (*) وروى مجاهد عن ابن عباس قال: كانوا يتقون البيوع والتجارة في الحج يقولون: أيام ذكر الله عز وجل: فأنزل الله تعالى: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ " فاتَّجروا. ** ورد في التفسير الكبير
قوله تعالى: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ "
الروايات المذكورة في سبب النزول.
اقرأ في قسم المنوعات:-
معجزه حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله وأفضل الأدعية
طريقة الحمل السريع بعد الدورة عالم حواء
ألم في الرقبة من الجهة اليسري والكتف
هل الإسهال من علامات الحمل عالم حواء
علامات الولادة الحقيقية عالم حواء الصحه
آلام شديدة أسفل الظهر. وهن كبير في العظام والمفاصل. عدم القدرة على المشي باستقامة. إصابة الحامل بإسهال. نزول إفرازات مهبلية كثيرة. نزول ماء الجنين.
الحقوق محفوظة لمجلة انا حواء xaz