وكأن هذا الحديث بفقرتيه مأخوذ من القرآن الكريم. أما الفقرة الأولى: (ما الفقر أخشى عليكم، إنما أخشى عليكم التكاثر) فذلك قوله تبارك وتعالى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ[التكاثر:1] فهذا خطاب لعامة البشر، كأن الله عز وجل يشير إلى أن طبيعة البشر الذين لم يربَّوا على الإسلام، وعلى أخلاق الإسلام، ولم يتأثروا بأوامر الإسلام ووعي الإسلام؛ أنه م يحبون التكاثر في الأموال والأولاد، وأن ذلك ديدنهم وشغلهم، حتى يزوروا المقابر، أي: الموت.. ما الفقر أخشى عليكم | Amin Sabry. أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ[التكاثر:1] هذا خطاب لعامة البشر، فلا ينجو من هذا الخطاب إلا المسلم الذي تربى بتربية الإسلام، وتأدب بآداب الإسلام. فيخشى الرسول صلوات الله وسلامه عليه على أصحابه أصلاً، وعلى من يأتون من بعدهم تبعاً، يخشى عليهم التكاثر في الأموال، ولا يخشى عليهم الفقر؛ لأن الله تبارك وتعالى قد أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بكثير من المغيبات، ومنها: أن الله عز وجل سيفتح له كسرى وقيصر، وقد تحقق ذلك كما هو معروف في الأحاديث الصحيحة وأخبار السيرة. ولذلك قال لهم: (ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم التكاثر) كأنه يقول لهم: لا تكونوا من عامة الناس، الذين يلهيهم التكاثر حتى يزوروا المقابر -حتى يموتوا- فلا ينفعهم إن ماتوا مالهم، كما مر معنا في أحاديث كثيرة: إن المسلم أو المرء إذا مات يتبعه ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى معه عمله.
- ما الفقر أخشى عليكم | Amin Sabry
- الدرر السنية
- ما الفقر اخشى عليكم - YouTube
ما الفقر أخشى عليكم | Amin Sabry
فالفقر لا يُخشى منه، بل الذي يُخشى منه أن تُبسَط الدنيا عليهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((أخشى أن تُبسَطَ عليكم - يعني كما بُسطتْ على من كانوا قبلنا - فتهلككم كما أهلكتهم)). وهذا هو الواقع، وانظر إلى حالنا نحن هنا - يعني في المملكة - لما كان الناس إلى الفقر أقربَ، كانوا لله أتقى وأخشع وأخشى، ولما كثُر المال كثُر الإعراض عن سبيل الله، وحصل الطغيان، وصار الإنسان الآن يتشوف لزهرة الدنيا وزينتها... سيارة، بيت، فرش، لباس، يباهي الناس بهذا كله، ويُعرِض عما ينفعه في الآخرة، وصارت الجرائد والصحف وما أشبهها لا تتكلم إلا بالرفاهية وما يتعلق بالدنيا، وأعرَضوا عن الآخرة، وفسَد الناس إلا من شاء الله. فالحاصل أن الدنيا إذا فُتحت - نسأل الله أن يقيَنا وإياكم شرَّها - أنها تجلب شرًّا، وتُطغي الإنسان ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7]. وقد قال فرعون لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ [الزخرف: 51]، افتخَر بالدنيا، فالدنيا خطيرة جدًّا. الدرر السنية. وفي هذه الأحاديث أيضًا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إن الدنيا حُلْوة خضرة)) حلوة المذاق، خضرة المنظر، تجذب وتَفتِن، فالشيء إذا كان حلوًا ومنظرُه طيبًا فإنه يَفتن الإنسانَ، فالدنيا هكذا حلوة خضرة؛ حلوة في المذاق، خضرة في المنظر.
الدرر السنية
قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: "فوَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُمْ ولكنِّي أَخْشَى أن تُبْسَطَ الدُّنْيا عليكُمْ كما بُسِطَتْ على مَنْ كَانَ قبلَكُم فَتَنافَسُوها كَما تَنافَسُوها فتُهْلِكَكُمْ كما أهلَكَتْهُم" متّفَقُ عَليهِ. ما الفقر اخشى عليكم - YouTube. أيُّ فَصاحَةٍ وَأَيُّ بَلاغةٍ وَأَيُّ حِكَمٍ هذهِ التِي نَطَقَ بِها مُحَمّدٌ، فَواللهِ قدْ صَدَقَ محمّدٌ، وَوَاللهِ قدْ صَدَقَ مَنْ قالَ عنْ محمّدٍ: "إنْ سَكَتَ عَلاهُ الوَقارُ وإنْ نَطَقَ أخَذَ بِالقُلُوبِ وَالبَصَائِرِ والأَبْصَارِ". قالَ: "فَوَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُمْ ولكنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدّنْيا عليكُمْ كما بُسِطَتْ على مَنْ كانَ قبلَكُم فَتَنافَسُوها كَما تَنافَسُوها فتُهْلِكَكُمْ كما أهلَكَتْهُم". فرَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يَخَافُ على أُمَّتِهِ مِنْ حُصُولِ الفِتْنَةِ بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ كَثْرَةِ المالِ فَيَتَنَافَسُوا فِي هذهِ الدنيا، وما كانَ يخشَى على أمَّتِهِ أن يَجْتَاحَهُمُ الفَقْرُ في المستقبلِ. وقد استَعَاذَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ مِنْ فتنةِ الفَقْرِ ومِنْ فِتْنَةِ الغِنَى، فَقَالَ صَلَواتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عليهِ: "وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ ومنْ فتنَةِ الغِنى".
ما الفقر اخشى عليكم - Youtube
تاريخ النشر: السبت 9 ربيع الآخر 1430 هـ - 4-4-2009 م
التقييم:
رقم الفتوى: 119750
17475
0
419
السؤال
ما المقصود ب:ولكن أخشى عليكم التكاثر-في الحديث:ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر وما أخشى عليكم الخطأ،ولكن أخشى عليكم التعمد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّكَاثُرَ وَمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْتعَمُّدَ. رواه أحمد ، و البيهقي في شعب الإيمان، و الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، و قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد ، و رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني. والتكاثر في اللغة: مصدر قولهم تكاثر فلان وفلان، أي: قال كل منهما أنا أكثر منك في كذا وكذا، أو طلب كل منهما أن يكون أكثر من الآخر. وقال الراغب في غريب مفردات القرآن: التكاثر التبارى في كثرة المال والعز. وقال ابن القيم في الفوائد: والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره وهذا مذموم، إلا فيما يقرب إلى الله، فالتكاثر فيه منافسة في الخيرات ومسابقة إليها.
ومِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ. فَهُوَ يَهدبُهَا" [البخاري ومسلم. ] ــ هذا النصح الذي عرف به سيد المرسلين وخيرة الخلق أجمعين قال ابن علان الصديقي: "... قال الطيبي: لأن الأب الدنيوي يخشى على ولده الفقر الدنيوي، والأب الديني يخشى على ولده الفقر الديني")) ــ لم يبخل صلى الله عليه وسلم وهو أكرم الناس بنصحه للناس وكان يريد لهم الباقي وذلك بدفع الفاني له ثمناً رحمة بهم وشفقة عليهم ومحبة لهم وحسن صحبة وطيب معشر وخير قدوة وأعظم عبودية في الدعوة إلى الله.
ولذلك فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث والحديث السابق وأمثالهما كثير، يخشى على أمته المال، أي: الغنى والثروة، ولا يخشى عليهم الفقر، وهذا هو واقع الأمة الأولى والجيل الأول من المسلمين. وأما واقعنا اليوم، فنحن لا نكاد نرى فقيراً يشكو من الجوع أو من العري، هذا لا يمكن! فهذا الذي هو أفقر الناس تراه متظاهراً بأحسن اللباس، وقد يأكل أنواعاً من الطعام وألذه، ولذلك فلا ينبغي للمسلم أن يخشى الفقر.