لم تكن قبيلة محمد عبدالكريم الخطابي مثل بقية شعب المغرب الذي اعتقد أن نهاية الحرب العالمية الأولى ستحل مشكلات الاستعمار بمبدأ حق تقرير المصير، وهذا ما حدث إذ أن فرنسا قررت حكم المغرب بالحديد والنار، بينما قامت إسبانيا بفرض نفوذها على شمال المغرب. الطريق إلى الثورة برعاية العائلة الخطابية
عبدالكريم الخطابي بين نجليه أحمد ومحمد
قرر عبدالكريم الخطابي الأب استدعاء ولديه من الخارج سنة 1919 وأعلنوا ضرورة محاربة الإستعمار أيًا كان مصدره ودولته. قررت الأسرة الخطابية إعلان التعبئة الدينية والسياسية في أهالي الريف والمغرب، وترأس عبدالكريم الخطابي الأب كتيبة عسكرية، وأعلنوا من منطقة وذيع قاعدة عسكرية لإنطلاق الثورة. محمد بن عبد الكريم الخطابي - ويكي الاقتباس. اقرأ أيضًا
موسيقى الغناوة.. الصوفية تقود طريقا إلى الثورة في بلاد المغرب
فشل الإسبان في استمالة كبير العائلة الخطابية لهم، حتى توفي في أغسطس سنة 1920 واجتمع زعماء بني ورياغل واتفقوا على تعيين محمد عبدالكريم الخطابي رئيسًا للقبيلة. انطلاق ثورة الريف
محمد عبدالكريم الخطابي
بدأت عملية التعبئة الجماهيرية للثورة في أواخر 1920 وشملت التعبئة إلقاء المحاضرات لتوحيد الأهالي فجعلها وحدة شعبية لا قبلية حيث قام بإصلاح الأحوال الداخلية للعشائر، ثم نجح في وضع التنظيم السياسي والعسكري لمواجهة الاستعمار.
- عبدالكريم الخطابي "شيخ مقاومي الاحتلال" في المغرب | اندبندنت عربية
- محمد بن عبد الكريم الخطابي - ويكي الاقتباس
- محمد عبدالكريم الخطابي (1 - 2) | قصة ثورة الريف التي أذلت الإسبان - الميزان
عبدالكريم الخطابي "شيخ مقاومي الاحتلال" في المغرب | اندبندنت عربية
وقد أوقع الخطابي بالإسبان هزيمة تاريخية في معركة أنوال يوم 22 يوليو/تموز 1921، حيث قتل 15 ألف جندي إسباني على رأسهم قائدهم الجنرال "سلفستر"، كما أسر 570 جنديا. فانسحب الاستعمار من منطقة الريف وأجبرت القوات الإسبانية على مغادرة إقليم جبالة كله والتراجع إلى السواحل. وأعلن الخطابي حكومة خاصة بمنطقة الريف في 18 سبتمبر/أيلول 1921 دون التنكر لسلطان المغرب. وحول رجاله المقاتلين إلى جيش نظامي وسعى إلى تنظيم الإدارة المدنية ووضع دستور وتشكيل مجلس عام (جمعية الوطنية)، مسطرا أهداف حكومته في عدم الاعتراف بالحماية الفرنسية على المغرب، وجلاء الإسبان من المناطق المحتلة، وإقامة علاقة طيبة مع جميع الدول. عبدالكريم الخطابي "شيخ مقاومي الاحتلال" في المغرب | اندبندنت عربية. انزعج الاستعمار الفرنسي من الواقع الجديد في منطقة الريف فقرر التدخل لمصلحة الإسبان، لخشيته من أن يكون نجاح ثورة الخطابي بمثابة وقود للمغاربة في باقي المناطق وللثورات في شمال أفريقيا كلها ضد الاستعمار. وقد قاوم الخطابي العمليات العسكرية للفرنسيين والإسبان ببسالة وقوة، فاستعانوا بإمدادات عسكرية هائلة وحاصروه وأنهكوه بالقنابل غير التقليدية، فاستسلم عام 1926 خوفا من سقوط مزيد من الشهداء واستمرار القتل. بعد ذلك أعلن عن تخليه عن مشروع جمهورية الريف ونادى باستقلال كامل التراب المغربي، فنفاه الاحتلال الفرنسي مع عائلته وبعض أتباعه إلى جزيرة "لارينيون" النائية في المحيط الهندي.
سياسة فرنسا مع الخطابي فُوجئ الفرنسيون بانتصار الخطابي على الإسبان، وكانوا يتمنَّوْنَ غير ذلك، كما فُجعوا بانسحاب القوات الإسبانية من إقليم الجبالة كله؛ لذا قرَّرُوا التدخُّل في القتال ضدَّ الخطابي ولمصلحة الإسبان، وكانت فرنسا تخشى من أن يكون نجاح الخطابي في ثورته عاملًا مشجِّعًا للثورات في شمال إفريقيا ضدَّها، كما أن قيام جمهورية قويَّة في الريف يدفع المغاربة إلى الثورة على الفرنسيين ورفض الحماية الفرنسية.
محمد بن عبد الكريم الخطابي - ويكي الاقتباس
وشهد له الأعداء قبل الأصدقاء بالتفوق في أدبيات التفاوض الدبلوماسي، وبالحنكة في إعداد وترتيب الخطط الحربية وتوقع نوايا وردود فعل الأعداء". ويضيف الكاتب أنه "نجح أيضاً في التأسيس لإدارة منظمة وتدبير عقلاني بحسب نوعية الموارد اللوجيستية والبشرية المتواضعة المتاحة. وأسس لفكر ثوري إنساني وأحيى ذخيرةً من قيم الحياة الكريمة والشريفة". الخطابي مصافحاً العاهل المغربي الراحل الملك محمد الخامس (مصدر مفتوح)
خصوصية الظرفية
وكان المغرب قد شهد في بداية القرن العشرين حالة عدم استقرار عبر اتساع رقعة التمرد على النظام، بالإضافة إلى سعي زعماء القبائل إلى تقوية نفوذهم على حساب السلطة المركزية، وفي خضم ذلك كانت علاقة منطقة الريف بـ"المخزن" (السلطة المركزية) سيئة جداً. وساهم ضعف الدولة المركزية في تسهيل مهمة فرنسا وإسبانيا في احتلال المغرب في بداية القرن العشرين. وكانت عائلة الخطابي تتمتع بحظوة لدى أهل منطقة الريف، ما ساهم، إلى جانب المكانة القيادية التي بات يتحلى بها الزعيم محمد بن عبدالكريم، في تمكنه من توحيد قبائل المنطقة، وإنهاء الصراعات التي كانت تعانيها تلك المنطقة. وانطلقت إثر ذلك شرارة "حرب التحرير الثانية" في صيف عام 1921، والتي عرفت مواجهات عدة مع قوات الاحتلال.
إن التاريخ احتفظ للخطابي بصفحة مكتوبة بمداد البطولة، حيث يتردد اسمه برنين يشابه جلال أعظم الأولياء". وبذلك الانتصار الهائل قويت شوكة منطقة الريف بعد أن أصبح لها جيش قوي بمعدات مهمة، الأمر الذي شجع "زعيم الريف" على إنشاء كيان مستقل. اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"جمهورية الريف"
ومع تعاظم قوة حركة المقاومة الريفية، عمل الخطابي على تأسيس تكتل يمكنه تعميق هزيمة قوى الاحتلال. وفي ذلك الاتجاه، طرح "زعيم الريف" فكرة تأسيس "جمهورية الريف" خلال اجتماع حضره ممثلون عن كل قبائل المنطقة، وحظي الأمر بالإجماع، ومن تم تشكلت "جمعية وطنية"، ووضِع دستور يأذن بإقامة جمهورية يرأسها الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي. وكان دور الجمعية الوطنية هو تنظيم المقاومة، وإدارة شؤون البلاد، ونص الدستور على تشكيل أربع وزارات، وجعل السلطة التشريعية والتنفيذية بيد الجمعية الوطنية التي يرأسها الأمير الخطابي. كما نص على أن رجال الحكومة مسؤولون أمام رئيس الجمهورية، والرئيس مسؤول أمام الجمعية الوطنية، التي اختارت قواعد دستورها وفق تقاليد الريف وعاداته المعروفة محلياً بـ"إزرفان".
محمد عبدالكريم الخطابي (1 - 2) | قصة ثورة الريف التي أذلت الإسبان - الميزان
1- كونسورتيوم: هو ائتلاف أو اتحاد.
عسكريا، جندت فرنسا أكثر من 200 ألف جندي بقيادة الماريشال بيتان وجندت إسبانيا أكثر من 60 ألف جندي بقيادة الرئيس الجنرال بريمو دي ريفييرا الذي جاء إلى الحكم بعد انقلاب نتيجة انعكاسات معركة أنوال على اسبانيا. فقد وظفت فرنسا واسبانيا الطيران الحربي بشكل مكثف، وكان الأخطر هو استعمال الغازات السامة ضد المغاربة في هذه الحرب لترحيل السكان من مناطقهم لمنع الدعم اللوجيستي عن قوات الريف من ماء ومأكل. ونتج عن استعمال هذا السلاح الجديد استسلام الخطابي سنة 1926.