*وهنا سؤال يطرح نفسه: ما الحكمة من نصب الموازين، مع كونه عزوجل وسع علمه أعمال العباد ومآلاتهم؟ * والجواب على ذلك من وجوه: ١ - الأول: ظهور سنة الابتلاء في باب الغيبيات، فيعلم من يؤمن بالميزان، رغم كونه لم يره، ممن هو منه في شك. فقد سقط في هذا الاختبار فئام من العقلانيين والمتكلمين الذين اتخذوا منهج التعطيل والتحريف سبيلاً دون التسليم والإثبات، فبئس للظالمين بدلاً.
ما الحكمة من نصب الميزان يوم القيامة بالترتيب
۳يبعث الإنسان على حالته التي خلق عليها. 4-عظم هول الموقف وشدته حتى إن الإنسان لا يشغل بما فطر على الانشغال به، ويذهل عما لا يذهل عنه. 5 – أمور الأخرة لا تقاس على أمور الدنيا بما في ذلك الفتنة عند الموت ونعيم القبر وعذابه، وأهوال القيامة وشدتها، والجنة والنار إلى غير ذلك؛ وذلك لأن قياس الغائب على الشاهد قياس باطل
لأنه قیاس مع الفارق، فهذه الأمور إنما تؤخذ من الكتاب والسنة فلا تعرف بالعقل المحض ولا بالقياس ولا بالعادة، فهي داخلة ضمن الإيمان بالغيب. ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٨٠٤. فالناس يبعثون حفاة عراة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة بلا طعام ولا شراب ولا ظل وقد دنت الشمس من الرؤوس ولو تحركت الشمس من مكانها مسافة لا تذكر نحو الأرض في الدنيا لذابت الأرض ومن عليها
ومن يدخل الجنة ينعم فيها على حالة تخالف ما في الدنيا، فيأكل أهل الجنة و شربون ولا يبولون ولا يتغوطون، ومن يدخل النار
لا يفنى جسمه. 6- على المسلم أن يعمل جاهدا لينجوا بنفسه من خزي الدنيا و عذاب الآخرة ويفوز برضا الله تعالى والجنة في الآخرة وهذا متوقف على إلزام المسلم نفسه به نهج الله تعالى وذلك بفعل الواجبات على أحسن وجه وأكمله
قدر الاستطاعة واجتناب المعاصي والمحرمات جملة وتفصيلا يرجو بذلك رضا والجنة.
ما الحكمة من نصب الميزان يوم القيامة مكرر
وأيضاً، فإنه - سبحانه - أنزلهم إلى دار يكون إيمانهم فيها بالغيب هو الإيمان النافع، وأما الإيمان بالشهادة فكل أحد يؤمن يوم القيامة، يوم لا ينفع نفساً إلا إيمانها في الدنيا، فلو خلقوا في دار النعيم لم ينالوا درجة الإيمان بالغيب، واللذة والكرامة الحاصلة بذلك لا تحصل بدونه.
واللهُ سيزنُ كُلَّ أعمال عباده في ساعةٍ واحدةٍ، فعنْ سلمانَ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: (يُوضَعُ الْمِيزَانُ يومَ القيامةِ، فلَوْ أنَّ فيهِ السَّمَاواتُ والأرضُ لَوُسِعَتْ، فتقُولُ الْمَلائِكَةُ: يا رَبِّ لِمَنْ تَزِنُ بهذا؟ فيقُولُ: لِمَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقي، فيقُولُونَ: سُبحانكَ ما عَبَدْناكَ حَقَّ عِبادَتِكَ) رواه الآجُرِيُّ في الشريعة وقال الألبانيُّ: (وإسنادَهُ صحيحٌ، وله حُكم المرفوع) انتهى، وقال الإمامُ ابنُ تيمية: (واللهُ سبحانه يحاسب الخلق في ساعة واحدة، لا يشغله حساب هذا عن حساب هذا) انتهى. عبادَ اللهِ: مِنَ الحِكَمِ في وَزْنِ الأعمالِ يوم القيامةِ: ظُهورُ عَدْلِهِ سُبحانَهُ، قال ابن أبي العِزِّ: (ولَوْ لَمْ يكُنْ مِنَ الحِكْمَةِ في وَزْنِ الأعْمَالِ إلاُّ ظُهُورُ عَدْلِهِ سُبحانهُ لجميعِ عِبَادِهِ، فلا أحَدَ أحَبُّ إليهِ العُذْرُ مِنَ اللهِ) انتهى، ومن الحِكَمِ: إقامةِ الحُجَّةِ على الخلْقِ، وإظهار علامةِ السعادةِ والشقاوةِ يومَ القيامةِ. ♦ ♦ ♦
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.