وقال سهل بن عمار: رأيت يزيد بن هارون في المنام بعد موته ، فقلت له: ما فعل الله بك ؟ فقال: أتاني في قبري ملكان فظان غليظان ، فقالا: ما دينك ومن ربك ومن نبيك ؟ فأخذت بلحيتي البيضاء وقلت: ألمثلي يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة ؟! فذهبا وقالا: أكتبت عن حريز بن عثمان ؟ قلت نعم! فقالا: إنه كان يبغض عليا فأبغضه الله. وقيل: معنى ، يثبت الله يديمهم الله على القول الثابت ، ومنه قول عبد الله بن رواحة:يثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصراوقيل: يثبتهم في الدارين جزاء لهم على القول الثابت. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة ابراهيم - الآية 27. وقال القفال وجماعة: في الحياة الدنيا أي في القبر; لأن الموتى في الدنيا إلى أن يبعثوا ، وفي الآخرة أي عند الحساب; وحكاه الماوردي عن البراء قال: المراد بالحياة الدنيا المساءلة في القبر ، وبالآخرة المساءلة في القيامة:ويضل الله الظالمين أي عن حجتهم في قبورهم كما ضلوا في الدنيا بكفرهم فلا يلقنهم كلمة الحق ، فإذا سئلوا في قبورهم قالوا: لا ندري; فيقول: لا دريت ولا تليت; وعند ذلك يضرب بالمقامع على ما ثبت في الأخبار; وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكرة. وقيل: يمهلهم حتى يزدادوا ضلالا في الدنيا. " ويفعل الله ما يشاء " من عذاب قوم وإضلال قوم.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة ابراهيم - الآية 27
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)) ( [1]). هذه الدعوة المباركة الجليلة اقتبسها المؤلف حفظه اللَّه تعالى وسدَّده من قوله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾( [2]). وهذه الآية الكريمة نزلت في سؤال المسلم في القبر،فعن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (( المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه ، فذلك قوله: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾( [3])؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم (( إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ))( [4]). وتضمن هذا الدعاء المبارك، سؤال اللَّه تعالى الثبات في الحياة الدنيا ((عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه اللَّه تعالى على هوى النفس ومراداتها، وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي، والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح إذا قيل للميت: ((من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟))( [5]).
( [8]) أبو داود، كتاب الوتر، باب ما يقول الرجل إذا سلم، برقم 1512، والترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، برقم 3551، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب أبواب الدعاء، برقم 3830، والنسائي في الكبرى، 6/ 155، برقم 10368، والإمام أحمد، 3/ 452، برقم 1997، وابن أبي شيبة، 1/ 236، وابن حبان، 3/ 227، وعبد بن حميد، ص 236، والأدب المفرد للبخاري، ص 232، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، برقم 517.