تاريخ النشر: الخميس 16 جمادى الآخر 1424 هـ - 14-8-2003 م
التقييم:
رقم الفتوى: 36185
169464
0
412
السؤال
هل هناك حديث عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نصه هو: ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا) فهل هناك حديث بنفس هذا النص؟ مع العلم بأن لدي موسوعة للحديث الشريف تضم تسعة كتب في الحديث، وعندما بحثت بها وجدت ثلاثة أحاديث تحمل تقريبا نفس المعنى ولكن ليس هناك أي حديث يحمل نفس النص؟ وأرجو منكم الإجابة بأسرع وقت وإذا أمكن يوم قبل يوم الجمعة المقبل وجزاكم الله كل خير. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نجد الحديث بهذا اللفظ الذي ذكره السائل، إلا أن البغوي رواه في تفسيره بلفظ شبه مطابق عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده كتاب الله. ورواه الترمذي بلفظ شبه مطابق أيضًا عن زيد بن أرقم وحبيب بن أبي ثابت رضي الله عنهما - مرفوعًا - قال: إنّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمسّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلّوا بَعْدِي. والحديث في صحيح مسلم وغيره بألفاظ مقاربة قد أشار إليها السائل. والله أعلم.
- تركت فيكم ما ان تمسكتم به
- تركت فيكم ما إن تمسكتم به الدرر السنية
تركت فيكم ما ان تمسكتم به
إلا جيل القدوة أصحابه الغر الميامين. وتكرار نموذج الدولة والمنهاج في العصر النبوي كان في عصر الخلافة الراشدة التي احتذت حذو نبيها في جميع مرافق الحياة وقد شملها حديث النبي: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" ؛ ففهم من هذا الحديث انه لا فرق بين منهج النبوة وبين منهج الخلفاء من بعده. وأكثر المفسرين على أن هذه الفترة امتدت إلى نهاية الخلفاء الراشدين – وقد استبعد شيخنا الإمام الألباني: أن خلافة عمر بن عبدالعزيز تحمل على هذا الحديث ؛ إذ لم تكن خلافته بعد ملكان: ملك عاض وملك جبري ومعاوية رضي الله عنه هو أول ملوك الإسلام كما أخبرنا رسول الله e في سياق هذا الحديث الشريف. أن الملك العاض ، هو حكم بالإسلام، ولكن فيه إساءة في تطبيق الإسلام منحيث البيعة! ، كالاستخلاف وولاية العهد في الحكم مثلاً، لكن على الرعية الطاعة في غير معصية، ويحرم على المسلمين الخروج على الحاكم في هذا الملك العاض ما دام يحكم بالإسلام، وإن كان هناك إساءة في التطبيق من ظلم وجلد للظهر وأكل المال والإستخلاف وولاية العهد، ولا أدل على الملك العاض من ملك بني أمية ثم ما تلاه من عهد العباسيين والعثمانيين... وهذا يدل عليه الجزء الثالث من الحديث «ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها».
تركت فيكم ما إن تمسكتم به الدرر السنية
3- عصمة العترة
وذلك لأنّ النبي «صلى الله عليه وآله» أوجب في حديث الثقلين التّمسك بهم مع الكتاب كما مر، ومن يحتمل معصيته وخطؤه وسهوه واشتباهه يستحيل أن يأمر الله تعالى ونبيّه بالتّمسك به، فلو لم يكونوا معصومين لجاز أن يكون المتمسك بهم ضالاً، وبما أنّ الأمر النبوي بالتسمك بهم مطلق بدون قيد أو شرط، دلّ ذلك على هداية من تمسك بهم مطلقاً، ومن كان التمسك به هداية دائماً، فهو معصوم. هذا، مضافاً إلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد صرّح في حديث الثقلين بعدم افتراقهم عن القرآن الكريم، في قوله: «ولن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض»، وتجويز المعاصي والأخطاء والاشتباه عليهم يعني تجويز افتراقهم عن القرآن. وهناك أدلّة أخرى عديدة على عصمة العترة الطاهرة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قول النبي «صلى الله عليه وآله»: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك» 7. وفيه دلالة على عصمة أهل البيت «عليهم السلام» وذلك لأنّ التخلّف عنهم حال الخطأ لا يعد هلاكاً، والنبي «صلى الله عليه وآله» صرّح فيه بأنّ النجاة في اتباعهم، والهلاك في التخلّف عنهم، فثبت أنّهم لا يخطئون، فإذاً هم معصومون.
وأمّا أنّه يلزم أن يكون معصوماً، فلأنّه لو لم يكن كذلك فلربما يقتحم الذنب والمعصية فيبيّن معارف الشريعة وأحكامها أو يفسر آيات الكتاب المجيد على غير واقعها ووجهها الصحيح، أو يخطأ في ذلك أو ينسى شيئاً منها أو من بيانها ومعناها أو يدخل عليه السهو في ذلك، وكل ذلك مخالف للهدف الذي نصب الإمام وجعل من أجله، وهو هداية النّاس، فمن لم يكن معصوماً فلا يؤمن عليه من أن يأخذ بالآخرين إلى طريق الغواية والضلال. 6- أنّ إمامة العترة مستمرة إلى يوم القيامة
كما ويدل حديث الثقلين على أنّ الزمان لا يخلو من واحد من العترة الطاهرة، ممن يجب التمسك بهم 12 ، ويؤيد ذلك حديث الإثني عشر، المروي عن النبي «صلى الله عليه وآله» والذي يصرّح فيه بأنّ عدد الأئمة على الأمّة من بعد وفاته إلى يوم القيامة هم إثنا عشر إماماً، قال ابن حجر الهيتمي: «وعن ابن مسعود بسند حسن أنّه سئل كم يملك هذه الأمّة من خليفة، فقال: سألنا عنها رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال: إثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل» 13. في معجم أبي يعلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: «يكون لهذه الأمة إثنا عشر قيّماً» 14. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: «دخلت مع أبي على النبي «صلى الله عليه وآله» فسمعته يقول: إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة، قال: ثم تكلّم بكلام خفي عليّ، قال: فقلت لأبي ما قال؟ قال: «كلهم من قريش» 15.