إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة ، من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق ، فما أحوجنا إلى أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ، ونستلهم منها الحلول الناجعة لمشكلات الحياة ، ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو واجباتها. Source:
- بلاد الحرمين في حفظ الرحمن
بلاد الحرمين في حفظ الرحمن
وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره ، والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله ، وعندها لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ، ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ، ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب في علم الله ، كما قال سبحانه: { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} ( الحديد: 22).
ففي هذا الحديث عِدَّةُ كراماتٍ لحافظ القرآن وهي:
الإنعام عليه بتاج الكرامة، وحُلَّة الكرامة، فهو يُعرف بها يوم القيامة بين الخلائق، وهي علامةٌ على كرامة لابسهما ومكانته عند الله عزّ وجل. وهذا التَّاج وهذه الحُلَّة وسام شرف ورفعة يتميَّز بها أصحاب القرآن عن غيرهم من المؤمنين، وجدير بمن لبس هذا التَّاج وهذه الحُلَّة أن يكون رفيع الدَّرجة عالي المقام. وإذا كان العبد في الدنيا يزهو ويفتخر ويمتلئ إعجابًا وخيلاء إذا ما خَلَعَ عليه سلطانٌ أو مَلِكٌ خُلْعَةً ما، فما بالك بصاحب القرآن يوم القيامة إذا أنعم عليه مولاه، خالِقُ الخلق جميعًا، ومَلِكُ الناس وإلهُهم بهذه النعمة العظيمة، والمنزلة الرفيعة، وأَلْبَسَهُ تاجَ الكرامة، وحُلَّةَ الكرامة على أعين الخلائق. ما بالك بالسَّعادة والغبطة والفرح الذي يملأ قلبه. وأعظَمُ من ذلك كلِّه: رِضى اللهِ عنه، ثم يُزاد على كل ذلك بكل آية حسنة، فضلًا عن رفعه درجات في الجنة بعدد الآيات التي يحفظها من القرآن. فهل يعي المسلمون فضائِلَ حفظِ القرآن، ويُقْبِلوا عليه بشوق، ورغبة، ونَهَمٍ، ويربُّوا على ذلك أبناءَهم؟ ويا للأسف إنَّ أكثرهم يتسابقون على دنياهم أضعاف تسابقهم إلى آخرتهم.