فإذا بجواب النبي صلى الله عليه وسلم يكون: " اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ".
أحاديث عن إماطة الأذى - الجواب 24
والله أعلم.
قصص عن كف الأذى عن الطريق | المرسال
تاريخ النشر: الأحد 2 محرم 1433 هـ - 27-11-2011 م
التقييم:
رقم الفتوى: 168173
27886
0
374
السؤال
ماهو حكم الشخص الذي يضع الأحجار والخشب والزيت في طريق المسلمين وغير المسلمين ليؤذيهم ويمنع وصولهم إلى أعمالهم صباحا ومساء؟. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الوعيد الشديد في أذية المسلمين، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً {الأحزاب:58}. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان وأسباب دخول الجنان، وأنها من أنواع الصدقة والإحسان، وبالمقابل أن وضع الأذى في الطريق من الإساءة والعصيان ومن أسباب اللعنة والخذلان، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: الإيمان بضع وستون ـ أو سبعون ـ شعبة، أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. اماطة الاذى عن الطريق حديث. رواه مسلم والبخاري وغيرهما. والأذى كل ما يؤذي المار كالحجر والشوكة والعظم والنحاسة والحديد والزجاج وغير ذلك، وإماطته: تنحيه وإزالته. وعن أبي هريرة قال: قال النبي: عُرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن.
وعليه، فكل ما يؤذي الإنسان فهو أذى سواء كان كبيرا أو صغيرا كثيرا أو قليلا. وبالتالي فالرذائل أذى، والجهل أذى، والسكوت عن الحق أذى، والتلوث أذى، والأسلحة الفتاكة أذى، والاستكبار بشتى أنواعه وأشكاله أذى. إماطة الأذى عن الطريق في علاقة الإنسان بربه إن الإنسان المسلم يؤمن ويعتقد اعتقادا جازما أنه في يوم من الأيام سيرجع إلى ربه، وسيحاسبه على ما قدم في دنياه من أعمال سواء كانت هذه الأعمال صالحة أو طالحة، يقول الله عز وجل: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره 3. والإنسان في هذه الدنيا إنما يزرع لآخرته. فلابد له من النظر إلى ما يزرعه. قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون 4 ، من هنا فحري بأي إنسان أن يعمل ويكثر من العمل الصالح. حديث عن اماطه الاذي عن الطريق. وإماطة الأذى عمل صالح كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وعلى الإنسان العاقل أن يميط الأذى عن نفسه أولا وقبل كل شيء وهذا لا يكون إلا بالمجاهدة، وجهاد النفس أشد، فأكبر عدو للإنسان ينبغي مجاهدته هي النفس التي يحمل بين جنبيه، وما دام الإنسان يجاهد نفسه فهو في عبادة، بحيث يميط الأذى من طريقها ويسير بها إلى ما فيه صلاحها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟! ". قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. تخريج حديث من غشنا فليس منا. قَالَ: "أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي". وَفِي رِوَاية لَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنِّا، وَمَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنِّا". كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شدة تواضعه يذهب إلى الأسواق بنفسه؛ ليشتري ما هو في حاجة إليه، وليتعرف على حال التجار فيها، فيبارك من تحلى بالصدق والأمانة في المعاملات، ويعظ من يراه مخالفاً لما عليه سلوك المؤمنين المخلصين، ويعلمهم ما يحل لهم وما يحرم عليهم من الأخذ والعطاء، والبيع والشراء. فمر يوماً على رجل أمامه صبرة – أي كومة من طعام – يبيع منها، فأدخل يده في قلبها، فنالت أصابعه بللاً، وكأنه كان يعرف بنور بصيرته أن في الصبرة طعاماً قد أصابه بلل ينقص من قيمته، ولعله لمح ذلك الغش في وجه الرجل، أو من خلال كلامه مع الناس؛ فمن حاول إخفاء شيء ظهر على صفحات وجهه أو فلتات لسانه.
تخريج حديث من غشنا فليس منا
ويقول جل شأنه: { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} (سورة لقمان: 24)
ويقول عز من قائل: { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا} (سورة مريم: 75). الدرر السنية. ويقول سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (سورة النساء: 29-30). ويقول – تبارك وتعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (سورة إبراهيم: 42-43). والإسلام يطلب من معتنقيه قلباً يقظاً وضميراً حياً، تحفظ به حقوق الله وحقوق الناس، وتصان به الأعمال من التفريط والإهمال والغش والخداع.
الغش في العمل: وهو ما يقوم به الموظفون من غش في وظائفهم ومهامهم، فيوراوغون ويخادعون ويماطلون دون وضع تقوى الله ومخافته في اعتباراهم. الغش في تقديم النصيحة في غير مكانها الصحيح: أي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن كان بمقدوره أن يقدم لأخيه نصيحه تنفعه في دينه ودنياه ولم يفعل يعد من الغشاشين؛ إذ روى جرير بن عبد الله عن الرسول أنه قال: [بَايَعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى إقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ] [٧]. من صور الغش في المجتمع غش الرعية، فمن أوكل له أمر المسلمين ولم يؤدِ ذلك بما يرضي الله -عز وجل- دخل في دائرة الغش، إذ روى معقل بن يسار عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: [ما مِن عبدٍ يسترعيه اللهُ رعيَّةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيَّتِه إلَّا حرَّم اللهُ عليه الجنَّةَ] [٨]. من غشنا فليس منا english. تزوير الحقائق وقلبها: والنقض في العهود والمواثيق؛ فشهادة الزور غش، وكتمان الباطل غش؛ إذ يقول الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [٩]. الغش في الاختبارات المدرسية: وما يترتب عليه من ظلم للطلاب؛ إذ يرفع الغش طلابًا لا يستحقون النجاح، ويقلل من درجات طلابٍ ويضعهم في غير موقعهم، وللأسف يزيد الظلم عند خروج جيل جاهل قد يحتل مناصبًا حساسة وهامة في المجتمع، إذ يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: [إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ] [١٠].