وتتضح أوجه التلاقي بين مؤشر الجانب العقلي لمرحلة الرشد بحسب -بحوث علم النفس- والمعنى القرآني الذي يقيم مرحلة الرشد بحسب القدرة على التصرف في المال، وسداد الرأي في أمور الحياة، والتي تتطلب بدورها نمو القدرات العقلية لدى الفرد ليتحقق النضج المناسب في السلوك الإنساني. يمكن -في ضوء ما سبق- أن نحدد المبادئ والقيم الأساسية التي تحكم بناء مفهوم الرشد في القرآن، وهذه المبادئ هي: الهدى، والبلوغ والأهلية، والصلاح، والنفع. 1 – " الهدى ": هو محور الكون وحركته ، ويتعلق الهدى بمبدئية التوحيد، والذي يعني أن الكون كله من الله)أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ( وإليه)إِلَيْهِ الْمَصِيرُ(، وهي حركة لازمة لاستقامة حياة الإنسان بل وكل المخلوقات حتى الجماد، والانحراف في هذه الحركة –أي الانحراف عن الهدى والإيمان- يضر كل المخلوقات وحتى الجماد. معنى قوله تعالى: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون). 2 – و " البلوغ " يرتبط بأهلية الإنسان وتأهله لاستقبال فعل الاستخلاف، وإحدى مظاهره في مفهوم الرشد هو المال، ويتعلق المال والتعامل معه في القرآن بالقيام بواجب الاستخلاف، وهو –أيضا- أحد مظاهر هذا الواجب)وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ( [الحديد/7]. ومؤشر البلوغ هنا هو النضج العقلي، لذا فالعقل له مكانته المميزة في الوحي، وفي المعرفة، وفي الاعتبار، وكذلك في الإيمان بالله من خلال إدراك آثاره وآياته المبثوثة في الكون، والعقل –أيضًا- مناط التكليف في الإسلام، فلا تكليف لطفل أو مجنون.
معنى قوله تعالى: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون)
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى. وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن. قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) قال: عند قيام الساعة، وذهاب صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينـزو بعضهم على بعض في الأزقة. قال محمد بن عمرو: زنا. الباحث القرآني. وقال الحارث: زناة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريح، عن مجاهد مثله، وقال: زنا كما قال ابن عمرو. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزه، عن جابر، عن عكرمة ومجاهد وعطاء بن أبي رباح ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ).... الآية، قال: هم أمة محمد. وحدثني الحارث، قال: ثنا الأشيب، قال: ثنا شريك، عن أبي تميم بن مهاجر في قول الله: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ) قال: هم في هذه الأمة يتراكبون تراكب الأنعام والحمر في الطرق، لا يخافون الله في السماء، ولا يستحيون الناس في الأرض. وأما قوله ( فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) فإنه يعني أن هؤلاء الخلْف الذين خلفوا بعد أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين سيدخلون غيا، وهو اسم واد من أودية جهنم، أو اسم بئر من آبارها.
تفسير: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)
مضادات الرشد
يطرح القرآن على متصل الرشد مضاداته أو مقابلاته لجذبية البيان وتثبيت المعنى المراد توضيحه، فأسلوب التقابل من الأساليب التي اعتمدها القرآن في بناء الهوية القرآنية لدى المؤمنين. والمقابلة في اللغة بمعنى التضاد، ويعرفها الباقلاني بقوله " المقابلة هي أن يوفق بين معان ونظائرها والمضاد بضده" [5]
فالهدى –كإطار لمفهوم الرشد- يقابله/يضاده: الضلال أو الغيِّ (قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ). والغيُّ من يغوي غَيًّا غواية: انْهَمَكَ فِي الْجَهْلِ وَهُوَ خِلَافُ الرُّشْدِ، والغيُّ – أيضًا – واد في جهنم (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) أي جزاء الغي أو يدخلون وادي الغي في جهنم. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة مريم - قوله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات - الجزء رقم21. [6]
والبلوغ العقلي أو السداد في الرأي والتصرف، يقابله/يضاده السفه: أي الذين يسيئون التصرف لجهلهم أو نقص عقولهم (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ). وهذا المعنى أيضًا – السفه- مضاد لمفهوم العلم: سفَه نَفْسَه: حملها على السَّفَه أي الخِفَّة والطَّيش، فكأنه حمل نفسه سفيها، وهو ما يبدو واضحًا في قوله تعالى (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي جهلاً وحمقًا. و"النفع" – الركن الرابع لمفهوم الرشد- يقابله/يضاده الضرر، و الضَّرَرُ من الضُّر وهو: سوء الحال إما في نفسه لقلة العلم والفضل والعفة، وإما في بدنه لعدم جارحة ونقص، وإما في حالة ظاهرة من قلة مالٍ وجاه.
الباحث القرآني
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في "نَوادِرِ الأُصُولِ" مِن طَرِيقِ أبانٍ، عَنِ (p-١٠٣)الحَسَنِ وأبِي قِلابَةَ قالا: «قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ في الجَنَّةِ مِن لَيْلٍ؟ قالَ: وما هَيَّجَكَ عَلى هَذا؟ قالَ: سَمِعْتُ اللَّهَ يَذْكُرُ في الكِتابِ: ﴿ولَهم رِزْقُهم فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾ فَقُلْتُ: اللَّيْلُ مِنَ البُكْرَةِ والعَشِيِّ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ هُناكَ لَيْلٌ وإنَّما هو ضَوْءٌ ونُورٌ، يَرِدُ الغُدُوُّ عَلى الرَّواحِ، والرَّواحُ عَلى الغُدُوِّ، وتَأْتِيهِمْ طُرَفُ الهَدايا مِنَ اللَّهِ لِمَواقِيتِ الصَّلَواتِ الَّتِي كانُوا يُصَلُّونَ فِيها في الدُّنْيا وتُسَلِّمُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ». وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ قالَ: كانَتِ العَرَبُ في زَمانِها إنَّما لَها أكْلَةٌ واحِدَةٌ فَمَن أصابَ أكْلَتَيْنِ سُمِّيَ: فُلانٌ النّاعِمُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ يُرَغِّبُ عِبادَهُ فِيما عِنْدَهُ: ﴿ولَهم رِزْقُهم فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: كانُوا يَعُدُّونَ النَّعِيمَ أنْ يَتَغَدّى الرَّجُلُ ثُمَّ يَتَعَشّى، قالَ اللَّهُ لِأهْلِ الجَنَّةِ: ﴿ولَهم رِزْقُهم فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة مريم - قوله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات - الجزء رقم21
۞ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) يقول تعالى ذكره: فحدث من بعد هؤلاء الذين ذكرت من الأنبياء الذين أنعمت عليهم، ووصفت صفتهم في هذه السورة، خلْف سوء في الأرض أضاعوا الصلاة. ثم اختلف أهل التأويل في صفة إضاعتهم الصلاة، فقال بعضهم: كانت إضاعتهموها تأخيرهم إياها عن مواقيتها ، وتضييعهم أوقاتها. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ بن سعد الكندي، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن موسى بن سليمان، عن القاسم بن مخيمرة، في قوله ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ) قال: إنما أضاعوا المواقيت، ولو كان تركا كان كفرا. حدثنا إسحاق بن زيد الخطابي، قال: ثنا الفريابي، عن الأوزاعي، عن القاسم بن مخيمرة، نحوه. حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثني الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أضاعوا المواقيت، ولو تركوها لصاروا بتركها كفارا. حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن القاسم، نحوه.
معنى الغي في قواميس ومعاجم اللغة العربية
وقد انفرد المنهج القرآني في تذكير الإنسان بالعودة إلي ذاته أو إلي شعوره كي يعلم ويعقل؛ ذلك لأن التوجيه إلي آثار العقل وآياته هو الدليل القريب إلي حقيقة الإنسان، إذا وجده الإنسان وعرف حقيقته وميزه عن الجهل وفرق بين أحكامه الصائبة وخيالات النفس، وإذا استيقظ العقل داخل الذات بالتذكرة به والتوجيه إليه ، استطاع الإنسان أن يسكن إلي نفسه ويثق بفكره ويهتدي إلي السبيل إلي كل علم وكل خير. [4]
3 – أما مبدئية "الصلاح" فإنه يعني تحمل الإنسان لمسؤولياته تجاه الكون، أي الانتقال من حالة هداية الذات إلى هداية العالم، وهو ما يستوجب من الإنسان عملين متكاملين الأول: نقض الفساد وهدمه، والثاني طرح الهدى والإيمان مقابل هذا الفساد سواء كان هذا الفساد في الإيمان أو في طرق التفكير. 4 – " العلم " – الركن الرابع في إطار مفهوم الرشد- هو أداة العمران، وهو التفضيل الذي فضل الله به الإنسان على الملائكة فقد ذكر في حوار الملائكة مع الله حول "خلافة الإنسان" في الأرض أكثر من مرة، وهو أداة لاكتشاف الله في الكون والخلق (فَأَتْبَعَ سَبَبًا* ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ). والعلم هو أحد الأدوات اللازمة لحركة الإنسان في الكون وإعماره بجانب الموارد البشرية والمادية، وهو الذي يقوم باكتشاف السنن في النفس والآفاق بما ييسر للإنسان استغلال الطبيعة المسخرة في الأصل للإنسان، وبما يساهم في تحقيق غاية العمران في صورتها الإيجابية حينما يرتبط العلم بالهدى والإيمان.
(3) البيت للمرقش الأصغر: ربيعة بن سليمان بن سعد بن مالك ضييعة بن قيس بن ثعلبة ، وهو ابن أخي المرقش الأكبر ، وعم طرفة بن العبد ( المفضليات ، طبع القاهرة ص 118). وفي ( اللسان: غوى) قال: الغي: الضلال والخيبة. غوى ( بالفتح) غيا ، وغوى ( بالكسر) غواية. الأخيرة عن أبي عبيد: ضل. ورجل غاو ، وغو ، وغوى ، وغيان: ضال. وأغواه هو. وأنشد للمرقش: " فمن يلق.... البيت ".
فقال:" وانا اشهد ان يزيد ليس شرا من هشام فما لكم"، وذلك لا يمكن له ان يتغاضى اكثر من ذلك عما يشاهده من ظلم يقترف واعمال بعيده عن الاسلام يجاهر بها [4].
علي بن زيد بن جدعان
محمد طاهر الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
وأقبل الشيعة يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصي ديوانه فكان خمسة عشر ألف رجل سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة, وقيل إن عدد المبايعين بلغ أربعين ألفاً وقد بايعه كبار فقهاء أهل السنة فضلاً عن الشيعة وكان أبو حنيفة يفتي سراً بالجهاد معه ودعم الثورة بالمال والخروج معه
وقال الإمام الصادق (ع) عندما سألوه عن مبايعته: بايعوه.