وإننا لهذا نقول إن النفاق في داخل الإسلام مراتب، وأعلاها أولئك الذين يتملقون الحكام، وينحدرون إلى درجة وضعهم في مقام النبيين ومنهم من يذهب به فرط نفاقه، فيفضل بعض عملهم على عمل النبيين، وهؤلاء نتردد في الحكم بأنهم [ ص: 1925] مسلمون، وقريب منهم الذين يتأولون النصوص من غير حجة في التأويل ويعبثون بظواهرها القاطعة لهوى الحكام. هذا عقاب المنافقين في إيمانهم في الآخرة، ولهم عقاب في الدنيا والآخرة، ذكره سبحانه بقوله تعالى: ولن تجد لهم نصيرا نفى الله تعالى عنهم نفيا مؤكدا، أن يكون لهم نصراء، وجعل الخطاب موجها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي ذاق آثار نفاقهم، وذاق المؤمنون معه مرارة ذلك النفاق، لأن في ذلك تثبيتا للمؤمنين، حتى لا يتزلزل أحد منهم بعمل المنافقين الذي مردوا عليه، ولم يتراجعوا عنه، ولأنهم أرادوا بالنفاق الاستنصار بغير دولة الحق، لتفوز دولة الباطل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكر الله تعالى لنبيه أنه لن يجدهم منصورين عليه أبدا لأنهم لا ناصر لهم.
- الباحث القرآني
- قرار أممي يطالب روسيا بإنهاء الحرب
- إسلام ويب - زهرة التفاسير - تفسير سورة النساء - تفسير قوله تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار- الجزء رقم4
- شرح وترجمة حديث: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت - موسوعة الأحاديث النبوية
- متصلة تسأل عن معنى حديث "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا" - YouTube
- بيان معنى حديث: (لا تجعلوا بيوتكم قبورًا)
الباحث القرآني
والدرك لغة فى الدرك وهو كالدرج، إلا أن الدرج يقال باعتبار الصعود. والدرك يقال باعتبار النزول والحدور. ولذا قيل: درجات الجنة ودركات النار. قال الآلوسى: والنار لها طبقات سبع: تسمى الأولى كما قيل: جهنم: والثانية: لظى. والثالثة: الحطمة. والرابعة: السعير. ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار. والخامسة: سقر. والسادسة: الجحيم. والسابعة: الهاوية. وقد تسمى النار جميعاً باسم الطبقة الأولى، وبعض الطبقات باسم بعض لأن لفظ النار يجمعها... والمعنى: إن هؤلاء المنافقين الذين مردوا على النفاق. وسرى فى طباعهم مسرى الدم سيكونون يوم القيامة فى الطبقة السفلى من النار، ولن تجد لهم نصيراً ينصرهم من عذاب الله أو يدفع عنهم عقابه. وإنما كان للمنافقين هذا العذاب الشديد، لأنهم أضافوا إلى كفرهم، الاستهزاء بالإِسلام وأهله، وجمعوا بسوء طباعهم بين الكفر. والفسق والتضليل، والخداع، وإشاعة الفاحشة فى صفوف المؤمنين، وغير ذلك من رذائلهم المتعددة، وقبائحهم المتنوعة. قال بعض العلماء: ولكن من هو المنافق الذى يستحق أشد العقاب، ويكون فى أعمق النيران يوم القيامة؟ نقول فى الجواب عن ذلك: إنه المنافق الخالص الذى لم يكن فيه خصلة أو أكثر من خصلة فقط، ولكن هو الذى كفر بالله وبالرسالة المحمدية، ولم يكتف بذلك بل أظهر الإِسلام ليفسد بين المسلمين ويتعرف أسرارهم.
قرار أممي يطالب روسيا بإنهاء الحرب
والدَّرَكَةُ المَنزِلَةُ في الهُبُوطِ. فالشَّيْءُ الَّذِي يُقْصَدُ أسْفَلُهُ تَكُونُ مُنازِلُ التَّدَلِّي إلَيْهِ دَرَكاتٍ، والشَّيْءُ الَّذِي يُقْصَدُ أعْلاهُ تَكُونُ مَنازِلُ الرُّقِيِّ إلَيْهِ دَرَجاتٍ، وقَدْ يُطْلَقُ الِاسْمانِ عَلى المَنزِلَةِ الواحِدَةِ بِاخْتِلافِ الِاعْتِبارِ، وإنَّما كانَ المُنافِقُونَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ، أيْ في أذَلِّ مَنازِلِ العَذابِ، لِأنَّ كُفْرَهم أسْوَأُ الكُفْرِ لِما حَفَّ بِهِ مِنَ الرَّذائِلِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (في الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرّاءِ عَلى أنَّهُ اسْمُ جَمْعِ "دَرَكَةٍ" ضِدِّ الدَّرَجَةِ. وقَرَأهُ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ بِسُكُونِ الرّاءِ وهُما لُغَتانِ. وفَتْحُ الرّاءِ هو الأصْلُ، وهو أشْهَرُ. الباحث القرآني. والخِطابُ في ﴿ولَنْ تَجِدَ لَهم نَصِيرًا﴾ لِكُلِّ مَن يَصِحُّ مِنهُ سَماعُ الخِطابِ، وهو تَأْكِيدٌ لِلْوَعِيدِ، وقَطْعٌ لِرَجائِهِمْ، لِأنَّ العَرَبَ ألِفُوا الشَّفاعاتِ والنَّجَداتِ في المَضائِقِ. فَلِذَلِكَ كَثُرَ في القُرْآنِ تَذْيِيلُ الوَعِيدِ بِقَطْعِ الطَّمَعِ في النَّصِيرِ والفِداءِ ونَحْوِهِما. واسْتَثْنى مِن هَذا الوَعِيدِ مَن آمَنَ مِنَ المُنافِقِينَ، وأصْلَحَ حالَهُ، واعْتَصَمَ بِاللَّهِ دُونَ الِاعْتِزازِ بِالكافِرِينَ، وأخْلَصَ دِينَهُ لِلَّهِ، فَلَمْ يَشُبْهُ بِتَرَدُّدٍ ولا تَرَبَّصَ بِانْتِظارِ مَن يَنْتَصِرُ مِنَ الفَرِيقَيْنِ: المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ، فَأخْبَرَ أنَّ مَن صارَتْ حالُهُ إلى هَذا الخَيْرِ فَهو مَعَ المُؤْمِنِينَ وفي لَفْظِ "مَعَ" إيماءٌ إلى فَضِيلَةِ مَن آمَنَ مِن أوَّلِ الأمْرِ ولَمْ يَصِمْ نَفْسَهُ بِالنِّفاقِ لِأنَّ "مَعَ" تَدَخُلُ عَلى المَتْبُوعِ وهو الأفْضَلُ.
إسلام ويب - زهرة التفاسير - تفسير سورة النساء - تفسير قوله تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار- الجزء رقم4
ومنهم من يذهب به فرط نفاقه، فيفضل بعض عملهم على عمل النبيين، وهؤلاء نتردد فى الحكم بأنهم مسلمون. وقريب منهم الذين يتأولون النصوص من غير حجة فى التأويل. ويعبثون بظواهرها القاطعة لهوى الحكام. قوله تعالى: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراقوله تعالى: في الدرك. قرأ الكوفيون " الدرك " بإسكان الراء ، والأولى أفصح ؛ لأنه يقال في الجمع: أدراك مثل جمل وأجمال ؛ قاله النحاس. وقال أبو علي: هما لغتان كالشمع والشمع ونحوه ، والجمع أدراك. وقيل: جمع الدرك أدرك ؛ كفلس وأفلس. والنار دركات سبعة ؛ أي طبقات ومنازل ؛ إلا أن استعمال العرب لكل ما تسافل أدراك. يقال: للبئر أدراك ، ولما تعالى درج ؛ فللجنة درج ، وللنار أدراك. قرار أممي يطالب روسيا بإنهاء الحرب. وقد تقدم هذا. فالمنافق في الدرك الأسفل وهي الهاوية ؛ لغلظ كفره وكثرة غوائله وتمكنه من أذى المؤمنين. وأعلى الدركات جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية ؛ وقد يسمى جميعها باسم الطبقة الأولى ، أعاذنا الله من عذابها بمنه وكرمه. وعن ابن مسعود في تأويل قوله تعالى: في الدرك الأسفل من النار قال: توابيت من حديد مقفلة في النار تقفل عليهم. وقال ابن عمر: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون ؛ تصديق ذلك في كتاب الله تعالى ، قال الله تعالى: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
تاريخ الإضافة: 3/5/2017 ميلادي - 7/8/1438 هجري
الزيارات: 20177
تفسير: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا)
♦ الآية: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: النساء (145). الآية إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار. ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾ أَيْ: في أسفل درج النَّار ﴿ ولن تجد لهم نصيرًا ﴾ مانعًا يمنعهم من عذاب الله. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾، قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي الدَّرْكِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ كَالظَّعْنِ وَالظَّعَنِ وَالنَّهْرِ والنهر، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ فِي تَوَابِيتَ مِنْ حَدِيدٍ مُقْفَلَةٍ فِي النَّارِ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَيْتٌ مقفل عليهم، توقد فِيهِ النَّارُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِهِمْ، ﴿ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ مانعا من العذاب. تفسير القرآن الكريم
مرحباً بالضيف
السؤال:
سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا»؟
الجواب:
اختلف في المعنى المراد بقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا» على قولين:
القول الأول: أن المعنى لا تدفنوا فيها موتاكم وهذا ظاهر اللفظ، ولكنه أورد على ذلك دفن النبي-صلى الله عليه وسلم- في بيته. وأجيب بأنه من خصائصه. القول الثاني: أن المعنى لا تجعلوا البيوت مثل المقابر لا تصلون فيها؛ لأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها، ويؤيده ما جاء في بعض الطرق «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورًا». وكلا المعنيين صحيح فإن الدفن في البيوت وسيلة إلى الشرك، ولأن العادة المتبعة من عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا أن الدفن مع المسلمين، ولأنه يضيق على الورثة وربما يستوحشون منه، وقد يحدث عنده من الأفعال المحرمة ما يتنافى مع مقصود الشارع وهو تذكير الآخرة. وفي هذا الحديث دليل على أن المقابر ليست محلا للصلاة؛ لأن اتخاذ المقابر مكانًا للصلاة سبب للشرك. والحديث يدل أيضًا على أن الأفضل أن المرء يجعل من صلاته في بيته، وذلك جميع النوافل لقوله-صلى الله عليه وسلم-: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» إلا ما ورد في الشرع أن يفعل في المسجد مثل صلاة الكسوف، وقيام الليل في رمضان، حتى ولو كانت في مكة أو المدينة فإن صلاة النافلة في بيتك أفضل لعموم الحديث، ولأن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال ذلك وهو في المدينة.
شرح وترجمة حديث: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت - موسوعة الأحاديث النبوية
السؤال: ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبوراً "؟
الإجابة: اختلف في المعنى المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبوراً " على
قولين:
القول الأول: أن المعنى لا تدفنوا فيها موتاكم وهذا ظاهر اللفظ، ولكنه
أورد على ذلك دفن النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. وأجيب بأنه من
خصائصه. القول الثاني: أن المعنى لا تجعلوا البيوت مثل المقابر لا تصلون فيها؛
لأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها، ويؤيده ما جاء في بعض
الطرق " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا
تجعلوها قبوراً ". وكلا المعنيين صحيح فإن الدفن في البيوت وسيلة إلى الشرك، ولأن العادة
المتبعة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا أن الدفن مع
المسلمين، ولأنه يضيق على الورثة وربما يستوحشون منه، وقد يحدث عنده
من الأفعال المحرمة ما يتنافى مع مقصود الشارع وهو تذكير الآخرة. وفي
هذا الحديث دليل على أن المقابر ليست محلاً للصلاة؛ لأن اتخاذ المقابر
مكاناً للصلاة سبب للشرك. والحديث يدل أيضاً على أن الأفضل أن المرء يجعل من صلاته في بيته،
وذلك جميع النوافل لقوله، صلى الله عليه وسلم: " أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة "
إلا ما ورد في الشرع أن يفعل في المسجد مثل صلاة الكسوف، وقيام الليل
في رمضان ، حتى ولو كانت في مكة أو المدينة فإن صلاة النافلة في بيتك
أفضل لعموم الحديث، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو في
المدينة.
شرح حديث: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قرأت على عبد الله بن نافع أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً)] يحتمل معنيين وكل منهما صحيح: يعني: لا يدفنون الموتى فيها؛ لأن الدفن في البيت من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (الأنبياء يدفنون حيث يموتون) فدفن في بيته صلى الله عليه وسلم، والناس ليس لهم أن يدفنوا في بيوتهم وإنما يدفنون في المقابر. المعنى الثاني: أي: لا تجعلوها شبيهة بالمقابر التي هي ليست أماكن للصلاة، حيث تخلو من الصلاة ومن قراءة القرآن، والتعبد إلى الله عز وجل فيها، بل عليكم أن تأتوا بهذه العبادات فيها، وألا تجعلوها شبيهة بالمقابر التي ليست أماكن للصلاة. قوله: [ (ولا تتخذوا قبري عيداً)] يعني: بتكرار الترداد عليه، ولهذا جاء بعده قوله: [ (وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)] يعني: ليس الأمر مقصوراً على كونكم تأتون عند قبري، بل صلوا علي من أي مكان كنتم فيه؛ فإن صلاتكم تبلغني بواسطة الملائكة، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: (إن لله ملائكة سياحين يبلغونني عن أمتي السلام).
متصلة تسأل عن معنى حديث &Quot;لا تجعلوا بيوتكم قبورًا&Quot; - Youtube
حديث: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) رواه أبو داود بإسناد حسن ورواته ثقات]. هذا الحديث من أدلة حمايته صلوات الله وسلامه عليه لجناب التوحيد حتى لا يخدش أو ينال بشيء يكدر صفوه، وحتى لا تكون العبادة فيها شيء لغير الله، قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي أينما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني) هذه الكلمات فيها إرشاد للأمة، وفيها حماية لعبادة الله جل وعلا، وصيانة لحق الله جل وعلا، ورأفة بالمؤمنين، ورحمة منه صلوات الله وسلامه عليه.
وفي هذا الحديثِ: يقول النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تَجعلوا بُيوتَكم قُبورًا"، أي: لا تَترُكوا الصَّلاةَ وغيرَها من العِبادات في البُيوتِ؛ فتكون كأنَّ أَهْلَها أَمواتٌ، ولكن اجعلوا نصيبًا من صلاتِكم في البيتِ. وقِيلَ: إنَّه يعني النَّهْي عن الدَّفْنِ في البُيوتِ، ودَفْنُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بَيْتِهِ أَمْرٌ خاصٌّ به مُسْتَثْنى من النَّهْي، "ولا تجعلوا قَبْرِي عِيدًا"، أي: تَتَكَلَّفوا المُعاوَدَةَ إلى زِيارةِ القبْرِ، وكأنَّه مُناسَبَةُ عِيدٍ تَتَكرَّرُ فيُذْهَبُ إليه. ثُمَّ أَمَرَهم بما يَنُوبُ ويُغْنِي عن ذلك، فأَمَرَهم بالصَّلاةِ عليه "وصَلُّوا عَلَيَّ؛ فإنَّ صلاتَكم تَبْلُغُني حيث كُنتم"، أي: إنَّ صلاةَ المُسلِم على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم تَصِلُهُ؛ فَمَنْ صلَّى عليه كأنَّه جاءَ إليه فَصَلَّى وسَلَّمَ عليه؛ فلا حاجةَ لاتِّخاذِ القَبْرِ عِيدًا. وفي الحديثِ: الحَثُّ على إقامةِ جُزْءٍ من العِبادةِ في البيتِ. وفيه: النَّهْيُ عن اتِّخاذِ قَبْرِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عِيدًا. وفيه: الحَثُّ على الصَّلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وفيه: بَيانٌ لكرامة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على رَبِّه.
بيان معنى حديث: (لا تجعلوا بيوتكم قبورًا)
فشبَّه الذَّاكر: بالحيِّ الذي ظاهره متزيِّن بنور الحياة، وباطنه بنور المعرفة. وغيرَ الذَّاكر: بالبيت الذي ظاهره عاطل، وباطنه باطل» [6]. ♦ ويدلُّ على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ» [7]. فَمَنْ هجر القرآن وترك قراءته فهو كالميِّت في قبره، وكفى له ذمًّا بذلك. [1] خُصَّتْ سُورة البقرة بذلك؛ لطولها، وكثرة أسماء الله تعالى، والأحكام فيها. انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (8 /146). [2] رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (1 /539) (ح780). [3] تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (8 /146). [4] انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (1 /529). [5] رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (1 /539) (ح779). [6] فتح الباري شرح صحيح البخاري (11 /210-211). [7] رواه البخاري، كتاب الدَّعَوات، باب: فضل ذِكْرِ اللهِ عزّ وجل (4/2012) (ح6407). مرحباً بالضيف
بذلت نفسي في سبيلك حتى قتلت، فيقول الله جل وعلا له: كذبت، بذلت نفسك ليقال: شجاع، جريء، وقد قيل، ثم يؤمر به فيسحب إلى النار) ما صار له من جهاده ومن قتله وإراقة دمه إلا قول الناس: هذا شجاع، هذا جريء، هذا مقدام، هذا فيه كذا وكذا، يعني: أجره المدح فقط، أما في الآخرة فهو من الخاسرين نسأل الله العافية، وذلك لأنه قصد الترفع على الناس، هذا قصده؛ لأنه إذا أثني عليه ومدح صار فوق الناس في ذلك. (ويؤتى بالمتصدق ويقرر بنعم الله فيقرر بها) ومعنى يقرر أن تذكر له، ألم يخلقك الله ولم تكن شيئاً؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم يجعل لك سمعاً وبصراً وعقلاً؟ فيقول: بلى يا رب، ألم يفضلك على كثير من خلقه؟ فيقول: بلى يا رب، ألم ينعم عليك بالنعم من الأرزاق؟ ألم يزوجك؟ ألم يجعل لك أولاداً؟ إلى غير ذلك من النعم، فيقر بها ولا يستطيع أن ينكر، ويقول: بلى يا رب، عند ذلك يقول: (ماذا صنعت؟ - يعني: ماذا عملت مقابل هذه النعم؟ - فيقول: يا رب! ما تركت باباً من أبواب الخير إلا أنفقت الأموال في سبيلك ابتغاء وجهك، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، تبعاً لقول الله جل وعلا، ولكنك تصدقت ليقال: هو جواد، هو كريم، وقد قيل - يعني: قد أخذت أجرك من قول الناس - فيؤمر به فيسحب إلى النار.