ولذلك جاء "أسلوب العرض متماسكًا متلاحم الأقطار، لم يضعفه التفكك وتخلخل الفكرة، جاء مرتبًا غير مضطرب، واضحًا بعيدًا عن اللبس والاحتمال، قاطع الدلالة على الغرض، صادقًا لا يتسرب إليه الريب"[3]. [1] العقد الفريد ص 128، 129 جـ4 لابن عبد ربه، تحقيق: محمد سعيد العريان. خطبه عن ابو بكر الصديق. [2] الخطابة للشيخ علي محفوظ ص 52، الطبعة الرابعة، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة. [3] الخطب والمواعظ لمحمد عبدالغني حسن ص 44، طبعة دار المعارف بمصر 1955م.
- خطبة مؤثرة عن أبي بكر الصديق - سطور
- ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء .. بقلم / يحيى المحطوري : صحافة 24 نت
خطبة مؤثرة عن أبي بكر الصديق - سطور
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ» صحيح - رواه مالك. وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَدِّم أبا بكر لِيُصَلِّيَ بالناس، وكان يُهَيِّئُه لخلافة المسلمين من بعده؛ لَمَّا أتَتْ امرأةٌ رسولَ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ [كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ] قَالَ: «إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ» رواه البخاري. خطبة مؤثرة عن أبي بكر الصديق - سطور. وأعظم دليلٍ على قوة إيمانه - رضي الله عنه - وعِظَمِ يقينه بالله تعالى؛ ثباتُه في نبأ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبيته للناس؛ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ! فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ؛ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].
[ 25] خطبة أبي بكر الصديق
بدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
[ 26] « إن الله بعث محمدا رسولاً إلى خلقه ، وشهيداً
على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه ، وهم يعبدون من دونه آلهة شتی ، ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ، ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت ، وخشب منجور. ثم قرأ: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لاَ يَضًّرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ الله﴾ يونس ۱۸ ﴿وَقَالُوا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لَيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زُلْفَى﴾ الزمر 3. فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم ، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه ، والإيمان به ، والمواساة له
والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم ، وتكذيبهم إياهم ، وكل الناس لهم مخالف. خطبة ابو بكر الصديق بعد وفاة الرسول. زار عليهم ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم ، وشنف الناس لهم [1] وإجماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد الله في الأرض ، وآمن
بالله وبالرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا
الأمر من عبده ، ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم، أنتم يا
معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ، ولا سابقتهم
العظيمة في الإسلام. رضيكم الله أنصاراً لدينه [ 27] ولرسوله، وجعل إليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تُفْتاتون بمشْوَرة، ولا تُقضى دونكم الأمور.
قوله تعالى: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم قال ابن عباس: حيث ألحق العجم بقريش ؛ يعني الإسلام: فضل الله يؤتيه من يشاء; قاله الكلبي. وقيل: يعني الوحي والنبوة; قاله مقاتل. وقول رابع: إنه المال ينفق في الطاعة; وهو معنى قول أبي صالح. وقد روى مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم. فقال: " وما ذاك ؟ " قالوا: يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم. قال: " تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة ". قال أبو صالح: فرجع [ ص: 85] فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وقول خامس: أنه انقياد الناس إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ، ودخولهم في دينه ونصرته.
ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء .. بقلم / يحيى المحطوري : صحافة 24 نت
وعن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن
بن الحارث بن هشام عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه { أن فقراء
المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ، قد ذهب أهل
الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم. قال وما ذاك ؟ قالوا: يصلون كما نصلي ،
ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق. ويعتقون ولا نعتق. ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء .. بقلم / يحيى المحطوري : صحافة 24 نت. فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم ، وتسبقون من بعدكم. ولا
يكون أحد أفضل منكم ، إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ قالوا: بلى ، يا رسول الله. قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة: ثلاثا وثلاثين مرة. قال أبو صالح: فرجع
فقراء المهاجرين ، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ، ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}.
وهناك وجه آخر في التفسير: والتقدير: ولا تصدقوا أن أحدا يمكن أن يؤتى مثل ما أوتيتم أو يمكنه أن يحاججكم عند ربكم إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ أي إلا من كان على ملتكم اليهودية، أما أن يكون من غيركم كهذا النبي العربي فلا يمكن أن يؤتى مثل ما أوتيتم من الكتاب والنبوة، لأنهما- في زعمهم- حكر على بنى إسرائيل. فهم على هذا الوجه من التفسير يزعمون أنهم غير مصدقين ولا معتقدين بأن المسلمين قد أوتوا كتاباً وديناً وفضائل مثل ما أوتوا هم، أي اليهود، ويرون أنفسهم- لغرورهم وانطماس بصيرتهم- أنهم أهدى سبيلاً من كل من سواهم من البشر. (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) أي: الأمورُ كلها تحت تصريفه، وهو المعطي المانع، يَمُنّ على من يشاء بالإيمان والعلم والتصور التام، ويضل من يشاء ويُعمي بصره وبصيرته، ويختم على سمعه وقلبه، ويجعل على بصره غشاوة، وله الحجة والحكمة. • وفي الآية إثبات اليد لله تعالى. قال تعالى (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ). وقال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ).