ثانيًا: صور النبي – صلى الله عليه وسلم- من يستحق الرحمة من الله عز وجل في تعبير بلاغي فريد، حين جعل السماحة هي الرجل نفسه، والرجل هو السماحة نفسها، لا فرق بينهما فقال: "يرحم الله رجلًا سمحًا". ثالثًا: عرض النبي – صلى الله عليه وسلم – السماحة في البيع في صورة أدبية بلاغية عميقة، تتناول الأخلاق السامية في المعاملة، وتعتمد على القيم النبيلة في التجارة، وفي رعايتها صلاح حال الأفراد والمجتمع لضرورة تبادل المنافع بين الناس بالبيع والشراء، والأخذ والعطاء، فلا يبالغ البائع في الربح، بل يقنع باليسير منه، فيكثر الإقبال عليه، وتروج تجارته، ويتحقق له الغنى والثراء، أما الذين يبالغون في الربح من أهل الفظاظة لا السماحة، فإنهم ينفرون الناس من التعامل معهم، فتبور تجارتهم، وتكسد ساحتهم، وينتهون إلى الإفلاس فيحل عليهم الغضب لا الرحمة. [4]
ومن السماحة في البيع أن يحدد ثمن بضاعته، حتى لا يتعرض لكثرة المساومة والحلف لترويج سلعته، وقد ذم القرآن الكريم الذين يروجون سلعتهم بالأيمان الغموس، ويشترونها بالحلف الكاذب، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ.. } [آل عمران: 77] وقد امتدح النبي – صلى الله عليه وسلم- التاجر الصادق فقال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء» [5] وتقتضي السماحة من البائع عدم الغش أو البخس في الكيل والميزان، مما يتنافى مع المروءة فذلك عين الكذب، قال النبي – صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».
شَرْحُ حَدِيثِ: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا
جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي
رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى. رواه البخاري
في هذا الحديث دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة لمن تحلى بالتسهيل والتنازل والتغاضي في الأمور، وعدم الشدة والتصلب، وذكر ثلاثة أحوال: إذا كان بائعا، فلا يتشدد في رفع السعر ويصر على ذلك، بل يتجاوز عن بعض حقه. وإذا كان مشتريا، فلا يبخس ويقلل من قيمة البضاعة ويصر على ذلك. وإذا طالب بقضاء الديون التي له، فلا يشدد على الفقير والمحتاج، بل يطالبه برفق ولطف، وينظر المعسر. بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
شرح وترجمة حديث: رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى - موسوعة الأحاديث النبوية
مع حديث: رحم الله رجلا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا اقتضى - YouTube
تويوتا - شرح حديث رحم الله عبدا سمحا إذا باع.سمحا إذا اشترى سمحا إذا اقتضى
جاء عن جابر رضي الله عنه ومثله عن عثمان وعن عبد الله بن مسعود ، ولفظ حديث جابرقال رسول الله صلى الله عبه وسلم: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى)، والسماحة هي السهولة، فالإنسان عندما يسمح بماله، أي: يعطي ويبذل ماله ويسمح، فيكون سهلاً في عطائه، فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أو أخبره وكلا الأمرين حسن فإن دعا فدعوته مستجابة، أو أخبر عن حاله فهذا من المؤكد أن الله سبحانه قد رحمه. وصفة هذا العبد السماحة في البيع فهو يبيع بسماحة وبطيب نفس، ويبذل ما عنده، ويعطي ولا يماري ولا يجاري ولا يغش ولا يخدع، وفيه سماحة في بيعه وعطائه فليس عنده تعنت، فإذا وجد المحتاج الذي لا يقدر على دفع المال فإنه يعطيه ويتسامح معه بطيب نفس وبطيب خلق، فرحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى، فيشتري ولا يبخس السلعة قدرها ولا يجادل كثيراً، ولا يخاصم في ذلك، ولا يرفع صوته ولكن فيه سماحة في شرائه، وعلى قدر ما يكون الإنسان كذلك على قدر ما تكون المعاملة بينه وبين الله سبحانه على ذلك. فلا تظن أبداً أن إنساناً يكون سمحاً في العطاء وأن الله يضيق عليه في الرزق فهذا مستحيل، ولا يكون أبداً، والجزاء من جنس العمل، فالإنسان الذي يشح ويبخل فهذا يضيق الله تبارك وتعالى عليه، حتى وإن كان رزقه أمام الناس واسعاً لكن تجده خائفاً على المال مستشعراً بالفقر وبأن المال سيضيع منه.
رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ. صحيح. أفضل المؤمنين رجل سمح البيع مكذوب - منتديات برق
في المقابل هناك صورة أخرى قد لا تكون أقل مخالفة لصريح الهدي النبوي في التعامل بين البائع والمشتري من سابقتها، ألا وهي صورة البائع الذي لا يراعي في تجارته وتعامله مع المشترين القيم والسلوكيات الأخلاقية التي أرشد إليها الإسلام الحنيف أتباعه في بيوعهم. ويحضرني هنا مثال صارخ على غياب السماحة في التعامل عند بعض الباعة المسلمين، وملخص الحادثة أن رجلًا اشترى كمية كبيرة من السلع الموجودة في محل البائع، وحين سأل المشتري عن قيمة فاتورة الحساب كان الجواب من البائع: بضع مئات من الجنيهات وجنيه واحد أو نصف، ولأن عادة التجار في مثل هذه الحالة أن يخصم وحدة الجنية أو النصف الزائد على المئة أو المئات على سبيل التسامح والتساهل، أو لاستدراج الزبون ليكرر زيارته للمحل أو لعدم وجود فكة على الأقل. أعطى المشتري البائع المبلغ المطلوب دون الجنيه، فما كان من البائع إلا أن طالبه بالجنيه وأصر على ذلك، وهو ما أدهش المشتري وجعله في حيرة من تصرفه الذي لا يمت إلى التسامح والتساهل بأي صلة؟!. قد يظن أمثال هؤلاء أنهم بسلوكهم هذا يمارسون الحذاقة، ويتشدق بعضهم بتأويل الحديث النبوي على غير معناه الحقيقي، بينما دلالة الحديث تشير بوضوح إلى أن السهولة واليسر والتسامح هي هدي الإسلام في بيوع المسلمين ومعاملاتهم.
قال النووي: (والتَّجاوز والتَّجوز معناهما، المسامحة في الاقتضاء، والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير، كما قال وأتجوَّز في السِّكَّة، وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعسر والوضع عنه، إمَّا كل الدين، وإما بعضه من كثير، أو قليل، وفضل المسامحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء، سواء استوفي من موسر أو معسر، وفضل الوضع من الدين، وأنَّه لا يحتقر شيء من أفعال الخير، فلعله سبب السعادة والرَّحْمَة) [1730] ((شرح مسلم)) للنووي (10/225). قال ابن تيمية: (وأما السَّمَاحَة والصبر، فخلقان في النفس. قال تعالى: وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد: 17] وهذا أعلى من ذاك، وهو أن يكون صبَّارًا شكورًا، فيه سماحة بالرَّحْمَة للإنسان، وصبر على المكاره، وهذا ضد الذي خلق هلوعًا، إذا مسه الشر جزوعًا، وإذا مسه الخير منوعًا؛ فإنَّ ذاك ليس فيه سماحة عند النعمة، ولا صبر عند المصيبة) [1731] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/264). انظر أيضا:
أولًا: الترغيب في السَّمَاحَة في القرآن الكريم.
وللفائدة رأيت أن يكون هذا المقال جواباً على المسألتين باختصار، أما
المسألة الأولى: فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان هو قول
باللسان وقول بالقلب، وعمل بالجوارح وعمل بالقلب، ولهذا كان من قول
أهل السنة أن الإيمان قول وعمل، وقولهم: الإيمان قول وعمل ونية،
فالإيمان اسم يشمل أربعة أمور لابد أن تكون فيه، وهي:
- اعتقاد القلب أو قوله، وهو تصديقه وإقراره. - عمل القلب، وهو النية والإخلاص، ويشمل هذا انقياده وإرادته، وما
يتبع ذلك من أعمال القلوب كالتوكل والرجاء والخوف والمحبة. هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح – المنصة. - إقرار اللسان ، وهو قوله والنطق به. - عمل الجوارح -واللسان من الجوارح- والعمل يشمل الأفعال والتروك
قولية وفعلية. والأدلة على أن أعمال الجوارح داخلة في اسم الإيمان كثيرة، ومن ذلك
ما ثبت عند مسلم في( كتاب الإيمان، باب: الإيمان ما هو؟ وبيانُ خصاله)
حديث وفد عبد قيس، وقد جاء في بعض طرقه في الصحيح، أنه -صلى الله عليه
وسلم- أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال:"أتدرون ما الإيمان بالله
وحده؟"، قالوا: الله ورسوله أعلم.
قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح - المشهد
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: يعسر التفريق بين
المعرفة والتصديق المجرد، فيعسر التفريق بين المعرفة بالقلب والتصديق
الذي ليس معه شيء من أعمال الجوارح، ويقول: هذا هو إيمان الجهمية -
نسأل الله العافية - فالذي يزعم أنه مؤمن ولا ينطق بلسانه ولا يعمل
بجوارحه مع قدرته هذا هو مذهب الجهمية ، فلا بد من عمل يتحقق به هذا
التصديق كما أن الذي يعمل لابد له من تصديق في الباطن يصححه. وقد عد إسحق بن راهوية قول من قال بأن تارك عامة الفرائض من أهل
القبلة من قول غلاة المرجئة، فقد نقل عنه ابن رجب في (الفتح) قوله: "
غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قوماً يقولون: من ترك الصلوات
المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود
لها إنا لا نكفره، يرجأ أمره إلى الله بعد، إذ هو مقر. قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح - المشهد. فهؤلاء الذين
لا شك فيهم. يعني: في أنهم مرجئة".
هو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح – المنصة
نام کتاب: مختصر تسهيل العقيدة الإسلامية نویسنده: الجبرين، عبد الله بن عبد العزيز
جلد: 1
صفحه: 16
أما أهل السنة والجماعة فيرون أن المسلم إذا ارتكب معصية من الكبائر لا يخرج من الإسلام، بل هو مسلم ناقص الإيمان، ما دام لم يرتكب شيئاً من المكفرات، فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وهو في الآخرة تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه حتى يطهره من ذنوبه ثم يدخله الجنة، ولا يخلد في النار إلا من كفر بالله تعالى أو أشرك به. فالإيمان عند أهل السنة: قول باللسان واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. = فإن قلت: إن من قتل مسلماً مع أنه يقول لا إله إلا الله وختم له بها لا يدخل الجنة، ومن وقع في النميمة وأصر عليها وهو من المسلمين لا يدخل الجنة، فقد ناقضت قولك. ولذلك ينبغي للجاهل أن لا يقول في شرع الله ما لا علم له به، فإن هذا من كبائر الذنوب، ويجب على المسلم أن يعتقد ما دل عليه مجموع النصوص في مرتكب الكبيرة، كما هو عقيدة أهل السنة والجماعة. الأصل الخامس: باب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
توسَّط أهل السنة والجماعة في هذا الباب بين الشيعة وبين الخوارج. فالشيعة - ومنهم الرافضة - غلوا في حق آل البيت كعلي بن أبي طالب وأولاده - رضي الله عنهم - فادعوا أن علياً - رضي الله عنه - معصوم، وأنه يعلم الغيب، وأنه أفضل من أبي بكر وعمر، ومن غلاتهم من يدعي ألوهيته.
وقد بوب البخاري ومسلم في صحيحيهما أبواباً كثيرة تثبت أن الأعمال من
الإيمان، ففي البخاري:
باب الحياء من الإيمان. باب من قال: إن الإيمان هو العمل. باب الجهاد من الإيمان. باب تطوع قيام رمضان من الإيمان. باب صوم رمضان احتساباً من الإيمان. باب الصلاة من الإيمان. باب اتباع الجنائز من الإيمان. باب أداء الخُمس من الإيمان. وغيرها، وفي مختصر مسلم:
باب بيان الإيمان بالله أفضل الأعمال. باب من الإيمان حسن الجوار وإكرام الضيف. باب من الإيمان تغيير المنكر باليد واللسان والقلب. وغيرها من الأعمال، قال شيخ الإسلام في (الواسطية): "ومن أصول أهل
السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل
القلب واللسان والجوارح". فظهر أن اسم الإيمان يشمل كل ما أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه
وسلم-، ويدخل في ذلك فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات
والمكروهات، وإحلال الحلال وتحريم الحرام، واسم العمل يشمل عمل القلب
وعمل الجوارح، ويشمل الفعل والترك، ويشمل الواجبات التي هي أصول
الإسلام الخمس فما دونها، ويشمل ترك الشرك والكفر وما دونهما من
الذنوب. وعليه فحكم ترك العمل على أقسام:
- ترك الشرك وأنواع الكفر فهو شرط صحة لا يتحقق الإيمان إلاّ
به.