وقوله: شُهَداءَ جمع شهيد- بوزن فعيل- والأصل فى هذه الصيغة، دلالتها على الصفات الراسخة فى النفس ككريم وحكيم. والقسط: العدل يقال أقسط فلان يقسط إذا عدل فى أقواله وأحكامه وقوله وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ أى: ولا يحملنكم من جرمه على كذا إذا حمله عليه أو معناه:
ولا يكسبنكم من جرم بمعنى كسب غير أنه فى كسب ما لا خير فيه ومنه الجريمة وأصل الجرم قطع الثمرة من الشجرة وأطلق على الكسب لأن الكاسب ينقطع لكسبه والشنآن: البغض الشديد. يقال: شنئت الرجل أشنؤه شنأ وشنأة وشنآنا، إذا أبغضته بغضا شديدا. والمعنى. يا أيها الذين آمنوا بالحق إيمانا صادقا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ أى. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة المائدة - الآية 8. ليكن من أخلاقكم وصفاتكم أن تقوموا لله وحده بالحق فى كل ما يلزمكم القيام به. ومن العمل بطاعته، واجتناب منهياته، وليكن من دأبكم وشأنكم- أيضا- أن تلتزموا العدل فى شهادتكم، ولا يحملنكم بغضكم الشديد لقوم على عدم العدل معهم، فإن عدم العدل فى الأقوال والأحكام يتنافى مع تعاليم دين الإسلام. الذى آمنتم به، ورضيه الله لكم دينا. وفى ندائه- سبحانه- بقوله: كُونُوا قَوَّامِينَ بصفة الكينونة الدالة على الدوام، وبصيغة المبالغة الدالة على الكثرة.
ولا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا
وفي هذه الآية دليل صريح على أن الإنسان عليه أن يعامل من عصى الله فيه، بأن يطيع الله فيه. وفي الحديث: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك». وهذا دليل واضح على كمال دين الإسلام، وحسن ما يدعو إليه من مكارم الأخلاق، مبين أنه دين سماوي لا شك فيه. وقوله في هذه الآية الكريمة {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} معناه: لا يحملنكم شنآن قوم على أن تعتدوا، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر: ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ** جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا أي حملتهم على أن يغضبوا. وقال بعض العلماء: {وَلاَ يَجرِمَنَّكُمْ} أي لا يكسبنكم، وعليه فلا تقدير لحرف الجر في قوله: {أَنْ تَعْتَدُوا} أي لا يكسبنكم بغضهم الاعتداء عليهم. وقرأ بعض السبعة {شنآن} بشكون النون، ومعنى الشنآن على القراءتين، أي بفتح النون، وبسكونها: البغض. مصدر «شنأه» إذا أبغضه. وقيل على قراءة سكون النون يكون وصفًا كالغضبان، وعلى قراءة {إن صَدُّوكُمْ} بكسر الهمزة. فالمعنى إن وقع منهم صدهم لكم عن المسجد الحرام، فلا يحملنكم ذلك على أن تعتدوا عليهم بما لا يحل لكم. ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى - المائدة آية 8 - YouTube. وإبطال هذه القراءة- بأن الآية نزلت بعد صد المشركين النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحديبية، وأنه لا وجه لاشتراط الصد بعد وقوعه- مردود من وجهين: الأول منهما: أن قراءة {إن صَدُّوكُم} بصيغة الشرط قراءة سبعية متواترة لا يمكن ردها، وبها قرأ ابن كثير، وأبو عمرو من السبعة.
ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم
وبهذا تعلم أن التحقيق الذي دل عليه الاستقراء التام في القرآن أن الأمر بالشيء بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب، فالصيد قبل الإحرام كان جائزًا فمُنع للإحرام، ثم أُمر به بعد الإحلال بقوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فاصطادوا} فيرجع لما كان عليه قبل التحريم، وهو الجواز، وقتل المشركين كان واجبًا قبل دخول الأشهر الحرم، فمنع من أجلها، ثم أمر به بعد انسلاخها في قوله: {فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم} الآية، فيرجع لما كان عليه قبل التحريم، وهو الوجوب. وهذا هو الحق في هذه المسألة الأصولية. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا). قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: وهذا أمر بعد الحظر، والصحيح الذي يثبت على السبر أنه يرد الحكم إلى ما كان عليه قبل النهي، فإن كان واجبًا رده، واجبًا، وإن كان مستحبًا فمستحب، أو مباحًا فمباح. ومن قال: إنه للوجوب ينتقض عليه بآيات كثيرة. ومن قال: إنه للإباحة يرد عليه بآيات أخرى، والذي ينتظم الأدلة كلها هذا الذي ذكرناه كما اختاره بعض علماء الأصول، والله أعلم، انتهى منه بلفظه. وفي هذه المسالة أقوال أخر عقدها في (مراقي السعود) بقوله: والأمر للوجوب بعد الحظل ** وبعد سؤل قد أتى للأصل أو يقتضي إباحة للأغلب ** إذا تعلق بمثل السبب إلا فذي المذهب والكثير ** له إلى إيجابه مصير وقد تقرر في الأصول أن الاستقراء التام حجة بلا خلاف، وغير التام المعروف.
ولا يجرمنكم شنئان قوم ان صدوكم
وإنـما وصف جلّ ثناؤه العدل بـما وصف به من أنه أقرب للتقوى من الـجور، لأن من كان عادلاً كان لله بعدله مطيعاً، ومن كان لله مطيعاً كان لا شكّ من أهل التقوى، ومن كان جائراً كان لله عاصياً، ومن كان لله عاصياً كان بعيداً من تقواه. وإنـما كنى بقوله: { هُوَ أقْرَبُ} عن الفعل، والعرب تكنـي عن الأفعال إذا كنَت عنها بـ «هو» وبـ «ذلك»، كما قال جلّ ثناؤه
ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا
تفسير القرآن الكريم
مرحباً بالضيف
(198) ولو لم يكن في الكلام " هو " لكان " أقرب " نصبا، ولقيل: " اعدلوا أقربَ للتقوى " ، كما قيل: انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ [سورة النساء: 171]. (199) * * * وأما قوله: " واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون " ، فإنه يعني: واحذروا أيها المؤمنون، أن تجوروا في عباده فتجاوزوا فيهم حكمه وقضاءَه الذين بيّن لكم، فيحلّ بكم عقوبته، وتستوجبوا منه أليم نكاله= " إن الله خبير بما تعملون " ، يقول: إن الله ذو خبرة وعلم بما تعملون أيها المؤمنون فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، من عمل به أو خلافٍ له، مُحْصٍ ذلكم عليكم كلّه، حتى يجازيكم به جزاءَكم، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، فاتقوا أن تسيئوا. (200) ------------------------- الهوامش: (192) في المطبوعة: "لولايتهم" ، وأسقط "لكم" ، وأثبتها من المخطوطة. (193) انظر تفسير "القسط" فيما سلف 9: 301 ، تعليق: 5 ، والمراجع هناك. (194) انظر ما سلف 9: 301 ، الآية الأولى = ثم الثانية 9: 483- 487. (195) انظر تفسير "العدل" ، و "التقوى" ، فيما سلف من فهارس اللغة. ولا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا. (196) "الفعل" ، يعني مصدر الفعل ، كما سلف قريبا ص: 82 ، تعليق: 2 ، وانظر فهرس المصطلحات. (197) كان في المطبوعة: "هو خير لكم" ، وفي المخطوطة بإسقاط "هو" ، وهذا الذي أثبته هو نص آية البقرة: 271 ، وراجع ذلك في 5: 582 مما سلف.
وتابعت دار الإفتاء المصرية: " وأما سجود السهو فيأتي فيه بذكر سجود الصلاة أيضًا، واستحب بعض أهل العلم أن يقال فيه: "سبحان من لا ينام ولا يسهو" إن كان سجوده للسهو بسببٍ غير متعمد، فإن كان متعمدًا فاللائق به الاستغفار". الموضوعات المتعلقة
فضل سجدة الشكر وماذا يقال فيها وكيف تتم
وروي عنه ﷺ أنه سجد لله شكراً لما بلغه قتل الأسود العنسي فالمقصود أن السجود لله شكر معروف، وهو مثل سجود الصلاة سجدة واحدة يسجدها لله ويشكره على ما حصل من النعمة، يقول...... دار الإفتاء: يجوز سجود الشكر بدون طهارة - اليوم السابع. : سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ويحمد ربه، ويشكره، ويدعوه على ما حصل من النعمة التي له أو للمسلمين. نعم. المقدم: جزاكم الله خيراً، هل تشترط لها الطهارة سماحة الشيخ؟
الشيخ: لا تشترط، الصواب لا تشترط مثل سجود التلاوة، الصواب لا تشترط الطهارة، والجمهور على أنها شرط، لكن الصواب أنها لا تشترط لعدم الدليل؛ لأنها خضوع لله، خضوع لله وذكر له سبحانه وتعالى، فأشبه التسبيح والتهليل، وأشبه القراءة عن ظهر قلب لا تشترط لها الطهارة. نعم.
دار الإفتاء: يجوز سجود الشكر بدون طهارة - اليوم السابع
[١٠]
قال الله -تعالى-: (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) [١١] وجه الدلالة من الآية: إن الركوع يأتي بمعنى السجود، والذي جعل داود -عليه السلام- يسجد هو فرحه بالتوبة، وقبول الله ذلك منه، فسجد شكرا لله -تعالى-. [١٢]
(بعَثَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خالدَ بنَ الوليدِ إلى اليمنِ يَدعوهم إلى الإسلامِ، فذَكَر الحديثَ في بعثِه عليًّا، وإقفاله خالدًا، ثم في إسلامِ هَمْدان، قال: فكتَب عليٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإسلامِهم، فلمَّا قرأَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الكتابَ خرَّ ساجدًا، ثم رفَع رأسَه، فقال: السَّلامُ على هَمْدان، السَّلامُ على هَمْدان) [١٣] وجه الدلالة من الحديث هي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسجد لحدوث النعم والخير. [١٤]
عن كعب بن مالك قال: (فبَيْنا أنا جالسٌ على الحالِ التي ذَكَر اللهُ؛ قد ضاقتْ عليَّ نفْسي، وضاقتْ عليَّ الأرضُ بما رَحُبتْ، سمعتُ صوتَ صارخٍ، أَوْفَى على جبلِ سَلْعٍ بأَعْلى صوتِه: يا كعبُ بنَ مالكٍ، أَبْشِر، قال: فخررتُ ساجدًا، وعرفتُ أنْ قد جاء فرَجٌ، وآذنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتوبةِ اللهِ علينا حين صَلَّى صلاةَ الفجرِ، فذَهَبَ الناسُ يُبشِّرونَنا) [١٥] وجه الدلالة من الحديث: قال ابن حجر: "وفيها مشروعية سجود الشكر، والاستباق إلى البشارة بالخير".
متى تؤدى سجدة الشكر
تستحب سجدة الشكر في الحالتين التاليتين: [٣]
عن البشائر والفرح يستحب سجود الشكر في حالات حدوث الفرح، وفي البشرى ببشائر يحبّها الإنسان، على الصعيدين الديني والدنيوي؛ كمن يُبشّر بفتح بلد من البلدان، أو بإسلام قوم من الأقوام، أو يفرح لنفسه أو لشخص يحبه؛ مثل حصوله على وظيفة، أو مولود يسرّ به، أو نجاح، أو أي أمر يُدخل على قلبه السعادة. عند زوال الضرر يستحب سجود الشكر في حالات رفع الحرج والضرر والمكروه، وهذا أيضاً على الصعيدين الديني والدنيوي؛ كانحسار العدو، أو انهزامه وخروجه من بلد من بلدان المسلمين، أو رفع البلاء عن المسلمين، أو السماح بالصلاة في المساجد. ومثل فتح مراكز التحفيظ في البلاد التي يحظر فيها تلاوة القرآن، أو رفع البلاء الدنيوي عن الرجل أو عمن يخصه؛ كبراءة السجين، والعفو عن الدين، وشفاء المريض، أو أي ضرر من الأضرار التي تزول عن الرجل، أو عن شخص يخصه ويحبه. ما يُقال في سجود الشكر
يُقال في سجود الشكر ما يُقال في سجود الصلوات المفروضة، أو ما يقال في سجود الصلوات المسنونة من التسبيح لله -تعالى-، كأن يقول: سبحان الله، سبحان العظيم، وغير ذلك، قال ابن باز: "ويحمد الله، ويثني عليه، ويشكره على ما من به عليه؛ من صحة، أو ولد، أو نصر للإسلام، أو فتح للمسلمين، أو نحو ذلك، مما يسرّه، أو يسرّ المسلمين".