مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 17/7/2013 ميلادي - 10/9/1434 هجري
الزيارات: 690260
وقفة مع قوله تعالى
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله. وبعد:
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ أي في جهاد أعداء الدين، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله أي لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا، والتمتع بزهرتها الذي يحذر من فواتها، من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة، بل قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون، فهم أحياء عند ربهم في دار كرامته، ويرزقون بأنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه إلا من أنعم به عليهم. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا. اهـ [1]. روى مسلم في صحيحه من حديث مسروق قال: سألنا عبدالله عن هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]، قال: "أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم إطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب!
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله مكتوبة
وإذا كانت الأخبار بذلك متظاهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فما الذي خُصَّ به القتيل في سبيل الله، مما لم يعم به سائر البشر غيره من الحياة، وسائرُ الكفار والمؤمنين غيرُه أحياءٌ في البرزخ, أما الكفار فمعذبون فيه بالمعيشة الضنك, وأما المؤمنون فمنعَّمون بالروح والريحان ونَسيم الجنان؟ قيل: إنّ الذي خَصّ الله به الشهداء في ذلك، وأفادَ المؤمنين بخبره عنهم تعالى ذكره، إعلامه إياهم أنهم مرزوقون من مآكل الجنة ومطاعمها في بَرْزَخِهم قَبل بعثهم, ومنعَّمون بالذي ينعم به داخلوها بعد البعث من سائر البشر، من لذيذ مطاعمها الذي لم يُطعمها الله أحدًا غيرَهم في برزخه قبل بعثه. فذلك هو الفضيلة التي فضَّلهم بها وخصهم بها من غيرهم, والفائدة التي أفادَ المؤمنين بالخبر عنهم, فقال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [سورة آل عمران: 169-170] ، وبمثل الذي قُلنا جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2323- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان, وَعَبدة بن سليمان, عن محمد بن إسحاق, عن الحارث بن فضيل, عن محمود بن لبيد, عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشهداءُ على بَارق، نهر بباب الجنة، في قبة خضراء -وقال عبدة: في روضة خضراء- يخرُج عليهم رزقهم من الجنه بُكرة وَعشيًّا.
(44). * * * ونصب " أن لا " بمعنى: يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. (45). ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله مكتوبة. وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 8226- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم " الآية، يقول: لإخوانهم الذين فارقوهم على دينهم وأمرهم، لما قدموا عليه من الكرامة والفضل والنعيم الذي أعطاهم. 8227- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم " الآية، قال، يقولون: إخواننا يقتلون كما قتلنا، يلحقونا فيصيبون من كرامة الله تعالى ما أصبنا. 8228- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ذكر لنا عن بعضهم في قوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، قال: هم قتلى بدر وأحد، زعموا أن الله تبارك وتعالى لما قبض أرواحهم وأدخلهم الجنة، (46) جُعلت أرواحهم في طير خضر ترعى في الجنة، وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش. فلما رأوا ما أعطاهم الله من الكرامة، قالوا: ليت إخواننا الذين بعدنا يعلمون ما نحن فيه!
فالصنم طاغوت، والقوانين الوضعية طاغوت، والدعاية إلى القومية العربية دون النظر
إلى الإسلام طاغوت، ومن دعا الناس إلى طاعة نفسه في معصية الله فهو طاغوت، والذين
يشرعون الأحكام المخالفة لمنهج الله طواغيت. فمن لوازم لا إله إلا الله الكفر بكل ما سبق من الطواغيت ويكون ذلك:
–
ببغضهم وكراهيتهم وتمني زوالهم. التصريح باللسان مع الاستطاعة بتقبيحهم والبراءة منهم. معنى لا اله الا الله هو. وبالجوارح: مجاهدتهم ومنابذتهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. وأقل الواجب – الذي لا يسقط عن أحد – هو بغضهم بالقلب، وهو من إنكار المنكر، وليس
بعد ذلك من الإيمان حبة خردل. إذاً يتضح لنا: أن معنى لا إله الله عظيم وكبير، وليس كما يفهم كثير من الناس اليوم
أن معناها: مجرد الاعتراف بالله ووجوده، والإقرار بملكه فقط، بل معناها ومفهومها هو
ما أخبر عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عندما قال لقومه: ( قولوا
لا إله إلا الله تفلحوا) 3
فلما عرفوا معناها قالوا: تباً لك ألهذا جمعتنا؟!!. ولو كانت كما يفهم القوم اليوم
لقالوها، ولكن معناها فوق ما يتصوره الجهال. إن معناها باختصار:
توحيد الله في الطاعة والقصد والإرادة. ولاء وبراء: ولاء للمؤمنين، وعداء للكافرين عموماً.
معني لا اله الا الله هو تعريف
3. توحيد الله في الحكم والتشريع: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا
لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[يوسف: 40]، { وَمَنْ
لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
[المائدة: 44]، { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، { وَمَنْ
لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
[المائدة: 47]. 4. حب الله ورسوله فوق كل حب. 5. معني لا اله الا الله هو تعريف. اتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم- في ما أمر، وتصديقه في كل ما أخبر، والابتعاد
عن كل ما نهى عنه وزجر.. بهذا نحقق معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله. نسأل الله تعالى أن يحيينا على
كلمة التوحيد، وأن يميتنا عليها، إنه قريب مجيب، والحمد لله رب العالمين. 1
شرح النووي على مسلم (1/ 323). 2
تفسير الطبري (5/419). 3
رواه الإمام أحمد في المسند.
لا بد أوّلًا من بيان أقسام التّوحيد قبل الشروع في بيان معنى (لا إله إلا الله)، فالتوحيد يُقسم إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي: 1. توحيد الرّبوبية، ومعناه إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق والملك والتدبير، فلا خالق سواه، ولا مالك لهذا الكون سواه، ولا مدبر له سواه، فهو رب هذا الكون، ولا رب غيره. وهذا التوحيد هو أصل التوحيد، وهو موجود عند أغلب البشر؛ لأن الله تعالى قد فطر الإنسان على معرفته وإفراده بالربوبية، وقلما تجد من الناس من يَنْقُض هذا التوحيد أو ينكره، وحتى كفار قريش قد كان هذا التوحيد موجودًا لديهم، فقد قال الله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان / 25]. 2. معنى لا إله إلا الله. توحيد الألوهيّة، وهو توحيد العبادة، ويستدل على هذا التوحيد بالتوحيد السابق، فالرب الخالق والمالك والمدبر هو الذي يستحق العبادة من دون غيره، ويتمثل توحيد الألوهية بكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وسنفصل الكلام في هذا التوحيد بعد قليل. 3. توحيد الأسماء والصفات، وهو إفراد الله تعالى بما سمى ووصف به نفسه من الأسماء والصّفات التي بينها في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأسماء والصفات يجب إثباتها لله عز وجل من دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.