بدل أن يحاول المسلمون خلال عهودهم السابقة استجلاء المعنى العظيم للرسالة الإصلاحية لإبراهيم، كان التركيز على القصة والروايات التي سيقت عنها
أما ما ورد في القرآن من قصص فيجب أن تفهم أولاً بالمعنى الإصلاحي الذي جاءت به، أي أن نسبر مغزاها لا سردها، هذا أولاً. وثانياً، علينا أن نفهم تلك القصص بالمعنى العقلي الذي ينسجم مع الآية " وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا "، لا كما يريده المفسرون الذين خطّوا ملايين الصفحات في تفسير قصة ما، وإيراد الروايات المتعلقة بها، والطرق التي جاءت منها الروايات، وذلك بطبيعة الحال لا يفيد الناس في شيء، ولا ينسجم مع مضمون الرسالة الإصلاحية. وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا - إسلام أون لاين. فإبراهيم وقصة الذبح، يجب أن نفهمها من خلال المنام، وصيغة أن عادة ذبح الأبناء كانت موجودة قبل الرسالة الإبراهيمية، فقام إبراهيم بوحي من ربه (يأتي الوحي في المنام غالباً) بنسخ هذه العادة وإبدالها بعادة ذبح الحيوانات عوضا عن ذلك، ونقول هذا لعدة اعتبارات أهمها:
-أن إيمان إبراهيم لم يكن يحتاج لتأكيد إذ أنه نبي موحى إليه. -أن الحادثة يمكن أن تفسر على أنها رؤيا، " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ،… وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ "، فكانت حادثة الذبح وحياً أتى في المنام، وجرت أحداثه بين النبي وابنه، وكانت النتيجة هي إبطال عادة ذبح الأبناء والاستعاضة عن ذلك بذبح الدواب!
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا - إسلام أون لاين
قال تعالى: { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} فاطر: 43
كان من جملة تسخير الله – تعالى – الكون لهذا الإنسان أن بثّ فيه سنناً تتسم بالاطراد والثبات والشمول. وهذه السنن مبثوثة في الكون والأنفس والمجتمعات. وإن وجود السنن رحمة من الله – تعالى – بنا ؛ إذ أننا تمكنا بسببها من اختصار كثير من الجهود التي كان علينا أن نبذلها لفهم ما حولنا والتعامل معه. ولنتصور أن قانون إحراق النار ، أو قانون الجاذبية ، أو قانون تغير الحال إلى الأحسن أو الأسوأ تبعاً لجهد الإنسان وسلوكه لم يكن ثابتاً ولا مطرداً فكيف ستكون الحال إذن ؟! ومظهر آخر للرحمة في اطراد السنين هو أن التحول في أكثر الظواهر الاجتماعية يتم ببطىء ؛ وعمر الإنسان قصير إذا ما قيس بعمر الحضارات ؛ مما يجعله يبصر مقدمات الحدث دون نتائجه ، ونتائجه دون مقدماته وأسبابه. وحينئذ فإن من السهولة بمكان أن يصاب المرء بغبش الرؤية وضلال الأحكام. والسنة بتجسيرها للعلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل جعلت في إمكان المسلم أن يعرف النتائج من خلال الوقوف على الأسباب ، والمقدمات من خلال رؤية نتائجها ، أي جعلت الأزمنة كتلة واحدة ، وهي بهذا الاعتبار تكون قد أمنّت للمسلم نوعاً من التواصل عبر حقب الزمان المختلفة ، فالماضي لم يغادرنا حتى ترك في حاضرنا ثقافة عصرنا وصفات وراثية محددة وظروفاً تؤطر مساحات حركتنا اليوم.
وهنا نحن نطرح مقاربة عقليّة، بعيدة كل البعد عن جنون "الروايات الإسرائيلية" التي نُسبت زوراً إلى التراث الإسلامي ومنها أن نوحاً أرسل حمامةً بعد أن هدأ الطوفان ليستطلع الأمر، فعادت له بغصن زيتون.. وما إلى ذلك من الروايات التي يصح أن تُحكى للأطفال قبل نومهم، ولا يصح أن تكون جزءاً من تراث تؤمن به أمة ما. إذن، فالمعنى القصصي لا يعنينا بشيء أمام المعنى والمغزى الرمزي من قصة نوح، فالسفينة والهجرة هي رمز الخلاص من الحالة التي يعيشها الإنسان بعد أن ينقطع أمله بالإصلاح، وأن الإصلاح يحتم التبرؤ من المفسدين حتى لو كانوا أزواجاً أو أبناءاً أو ذوي قربى، والمعنى الرمزي " مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ " يرمز إلى الحياة وسنن الكون نفسه الذي خلقه الله والذي لا يتبدل حتى لو كان ذلك المهاجر إلى أرض جديدة رسولاً، إذ يجب عليه أن يخضع لسنن الحياة التي لا يمكن أن تستمر إلا بوجود زوجين من كل الأحياء! ولكن التراث الإسلامي -للأسف- غالباً ما كان يُركز على الروايات والقصص ويستعين بذلك بالإسرائيليات والروايات المختلفة، دون أن يحاول سبر المعنى الحقيقي للآيات القرآنية، وهذا جزء من مشكلة التقدم في العالم العربي والإسلامي، وهي اعتياد العقل على الأسطورة والروايات الجاهزة التي يتفاعل معها عاطفياً، وتُحرك خياله الوهمي، بينما المطلوب هو تحريك العقل والتفكير والتفكر والتدبر، وسبر المعاني التي تتفق مع الرسالة الإصلاحية للرسل وليس مع ما يرضي خيالنا القصصي!
[الواقعة: 7] فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ
الجلالين
الطبري
ابن كثير
القرطبي
البيضاوي
البغوي
فتح القدير
السيوطي
En1
En2
7 - (وكنتم) في القيامة (أزواجاً) أصنافاً (ثلاثة)
يقول تعالى ذكره: وكنتم أيها الناس أنواعاً ثلاثة وضروباً. كما حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " وكنتم أزواجاً ثلاثة " قال: منازل الناس يوم القيامة. قوله تعالى: " وكنتم أزواجا ثلاثة " أي أصنافا ثلاثة كل صنف يشاكل ما هو منه ، كما يشاكل الزوج الزوجة ، ثم بين من هم فقال: " فأصحاب الميمنة " " وأصحاب المشأمة " و" السابقون " ، فأصحاب الميمنة هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة ، وأصحاب المشئمة هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار ، قاله السدي. والمشأمة الميسرة وكذلك الشأمة. يقال: قعد فلان شأمة. ويقال: يا فلان شائم بأصحابك ، أي خذ بهم شأمة أي ذات الشمال. والعرب تقول لليد الشمال الشؤمى ، وللجانب الشمال الأشأم. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الواقعة - الآية 7. وكذلك يقال لما جاء عن اليمين اليمن ، ولما جاء عن الشمال الشؤم. وقال ابن عباس السدي: أصحاب الميمنة هم الذين كانوا عن يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه فقال الله لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي.
وكنتم أزواجاً ثلاثة - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
وقال المبرد: وأصحاب الميمنة أصحاب التقدم، وأصحاب الشأمة أصحاب التأخر. والعرب تقول: اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك، أي أجعلني من المتقدمين ولا تجعلنا من المتأخرين. والتكرير في { ما أصحاب الميمنة}. و { ما أصحاب المشأمة} للتفخيم والتعجيب، كقوله { الحاقة ما الحاقة} الحاقة: 1] و { القارعة ما القارعة} [القارعة: 1] كما يقال: زيد ما زيد! وفي حديث أم زرع رضي الله عنها: مالك وما مالك! والمقصود تكثير ما لأصحاب الميمنة من الثواب ولأصحاب المشأمة من العقاب. وقيل { أصحاب} رفع بالابتداء والخبر { ما أصحاب الميمنة} كأنه قال { فأصحاب الميمنة} ما هم، المعنى: أي شيء هم. وقيل: يجوز أن تكون { ما} تأكيدا، والمعنى فالذين يعطون كتابهم بأيمانهم هم أصحاب التقدم وعلو المنزلة. قوله تعالى { والسابقون السابقون} روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم) ذكره المهدوي. وقال محمد بن كعب القرظي: إنهم الأنبياء. الحسن وقتادة: السابقون إلى الإيمان من كل أمة. وكنتم أزواجاً ثلاثة - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. ونحوه عن عكرمة. محمد بن سيرين: هم الذين صلوا إلى القبلتين، دليله قوله تعالى { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [التوبة: 100].
تفسير:(وكنتم أزواجا ثلاثة..)، ومن هم أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة..؟ | الشيخ مصطفى العدوي - Youtube
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ): أي ماذا لهم، وماذا أعد لهم (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ): أي ماذا لهم وماذا أعد لهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ): أي من كل أمة. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول: وجدت الهوى ثلاثة أثلاث، فالمرء يجعل هواه علمه، فيديل هواه على علمه، ويقهر هواه علمه، حتى إن العلم مع الهوى قبيح ذليل، والعلم ذليل، الهوى غالب قاهر، فالذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه، فهذا من أزواج النار، وإذا كان ممن يريد الله به خيرا استفاق واستنبه، فإذا هو عون للعلم على الهوى حتى يديل الله العلم على الهوى، فإذا حسنت حال المؤمن، واستقامت طريقه كان الهوى ذليلا وكان العلم غالبا قاهرا، فإذا كان ممن يريد الله به خيرا، ختم عمله بإدالة العلم، فتوفاه حين توفاه، وعلمه هو القاهر، وهو العامل به، وهواه الذليل القبيح، ليس له في ذلك نصيب ولا فعل. والثالث: الذي قبح الله هواه بعلمه، فلا يطمع هواه أن يغلب العلم، ولا أن يكون معه نصف ولا نصيب، فهذا الثالث، وهو خيرهم كلهم، وهو الذي قال الله عزّ وجلّ في سورة الواقعة: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً) قال: فزوجان في الجنة، وزوج في النار، قال: والسابق الذي يكون العلم غالبا للهوى، والآخر: الذي ختم الله بإدالة العلم على الهوى، فهذان زوجان في الجنة، والآخر: هواه قاهر لعلمه، فهذا زوج النار.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الواقعة - الآية 7
4 مشترك كاتب الموضوع رسالة فاتن {{ مراقبة عامة}} المزاج: العمل/الترفيه: الاوسمه: الاوسمه2: موضوع: قوله تعالى{وكنتم أزواجا ثلاثة} الخميس أغسطس 14, 2008 2:23 pm قوله تعالى {وكنتم أزواجا ثلاثة} أي أصنافا ثلاثة كل، صنف يشاكل ما هو منه، كما يشاكل الزوج الزوجة، ثم بين من هم فقال {فأصحاب الميمنة} {وأصحاب المشأمة} و{السابقون}، فأصحاب الميمنة هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، وأصحاب المشأمة هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، قاله السدي. والمشأمة الميسرة وكذلك الشأمة. يقال: قعد فلان شأمة. ويقال: يا فلان شائم بأصحابك، أي خذ بهم شأمة أي ذات الشمال. والعرب تقول لليد الشمال الشؤمى، وللجانب الشمال الأشأم. وكذلك يقال لما جاء عن اليمين اليمن، ولما جاء عن الشمال الشؤم. وقال ابن عباس والسدي: أصحاب الميمنة هم الذين كانوا عن يمين حين أخرجت الذرية من صلبه فقال الله لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي. وقال زيد بن أسلم: أصحاب الميمنة هم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن يومئذ، وأصحاب المشأمة الذين أخذوا من شق آدم الأيسر. وقال عطاء ومحمد بن كعب: أصحاب الميمنة من أوتي كتابه بيمينه، وأصحاب المشأمة من أوتي كتابه بشماله.
وقوله: { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} أي: ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذ بهم ذات اليمين. قال السُّدِّيّ: وهم جمهور أهل الجنة. وآخرون عن يسار العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ، ويؤتون كتبهم بشمائلهم ، ويؤخذ بهم ذات الشمال ، وهم عامة أهل النار - عياذًا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم ، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء ، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين ؛ ولهذا قال: { فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم ، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} الآية [ فاطر: 32] ، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه.