الإمام محمد بن الحنفية – ابن الإمام علي وأخو الحسن والحسين في روائع قصص التابعين نماذج وعبرٌ وقدوةٌ للشباب في كل زمان ، من هؤلاء العظماء الإمام "محمد بن الحنفية" ، هو أشهر أبناء الإمام علي بن أبي طالب بعد سيّدا شباب أهل الجنة: الحسن والحسين، يقول عنه الإمام الجنيد: (لا أعلم أحدًا أخذ عن علي وأفاد منه أكثر من محمد بن الحنفية). تسمية محمد بن الحنفية في أواخر حياة النبي ﷺ كان جالسًا مع علي بن أبي طالب فقال: (يا رسول الله، أرأيت إنْ وُلد لي ولد مِنْ بعدك، أفأسمّيه باسمك؟ وأكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم) ، ودارت الأيام وتوفي رسول الله ﷺ ثم لحقت به ابنته السيدة فاطمة الزهراء، فتزوّج الإمام علي بخولة بنت جعفر بن قيس الحنفية، فولدت له محمدًا وعرف بابن الحنفية؛ تميزًا له عن أبناء السيدة فاطمة. محمد بن الحنفية والحسن بن علي كان محمد بن الحنفية يعرف ويقدّر لأخويه مكانتهما ، فقد حدثت بينه وبين أخيه الحسن جفوة فأرسل إليه برسالة يقول فيها: إنّ الله عزّ وجل فضّلك عليّ: فأمّك فاطمة بنت محمد بن عبد الله ﷺ، وأمي امرأة من بني حنيفة. محمد بن الحنفية (قصة قصيرة). وجدّك لأمّك رسول الله ﷺ صفوة خلقه، وجدّي لأمي جعفر بن قيس. فإذا جاءك كتابي هذا؛ فتعال إليّ وصالحني حتى يكون لك الفضل عليّ في كل شيء.
محمد بن الحنفية (قصة قصيرة)
(الفتوح لابن أعثم: 5 / 21 ، مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 188). ومما جاء في وصية الإمام الحسين (ع) أنه ذكر فيها الهدف من خروجه: إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي محمد (ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي محمد، وأبي علي بن أبي طالب. (المصدر السابق). وتسليم الحسين (ع) وصيته إلى أخيه محمد يعني أنه معفيّ عن الخروج معه، ومكلّفٌ بنشرها وبيانها للمسلمين، وهذا دور مهم وخطير أوكل إلى محمد بن الحنفية، وهو الجهاد في الدفاع عن نهضة سيد الشهداء (ع)، وتقديمها بصورة صحيحة للعالم الإسلامي كما أرادها الإمام الحسين (ع) من أنها نهضة إصلاحية الغرض منها إرجاع حكم النبي وعلي بن أبي طالب، والدفاع عنها في مقابل تشويهات الأموية، ودفع شبهات المغرضين. وكانت الرسائل تصدر من الحسين (ع) الى محمد بن الحنفية، فقد رويَ عن الإمام الباقر (ع): «كتب الحسين بن علي من مكة إلى محمد بن علي: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قبله من بني هاشم، أما بعد فإن من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح. والسلام. » (كمال الزيارات ص157)
أخبر الإمام (ع) من خلال هذه الرسالة أنه ماضٍ نحو الشهادة، وسيترتب على شهادته الفتح.
تمت
اختار مجالسة العلماء وورث العلماء العاملين فأخذ علمهم وتأثر بهم وأخلاقهم الفاضلة وسلوكهم الحياتي الرفيع فجمع بين المعرفة والأخلاق والسلوك والعمل حتى أصبح أكثر الرجال خبرة في زمانه، كما دمج العز بين العلوم القانونية والعلوم العربية في إنجازه، ودرس تفسير وعلوم القرآن، والفقه وأصوله، والحديث وعلومه، واللغة والتصوف، والقواعد، والبلاغة، وعلم الخلاف. كان معظم تعليمه في دمشق، لكنه سافر أيضًا إلى بغداد لزيادة معرفته، لأنّ رحلة البحث عن المعرفة أصبحت قاعدة ثابتة في الحضارة الإسلامية، وتعتبر حجابًا وفخرًا وميزة لصاحبها، حيث ذهب إلى بغداد في شبابه عام 597 هـ، وأقام فيها شهورًا آخذًا العلم والمعرفة ثم عاد إلى دمشق. كما ترك الشيخ إرثاً علمياً واسعاً في علوم التفسير، والحديث، والسيرة، والعقيدة، والفقه، وأصول الفقه، والزهد، والتصوف، والطلاب العظماء ، وقاتل البدعة، وأعاد السنة النبوية، وكان له فتنة مع الانتماء الغري للحنابلة في أمور العقيدة المنتمية إلى الحنابلة. توفي العز بن عبد السلام في العاشر من جماد الأول بعد الهجرة بستمائة وستين سنة، ودفن العز بن عبد السلام في ضريح في منطقة البستانية بالقاهرة بالقرب من مقبرة التونسي ومقبرة الإمام الليث، كما يعود تاريخ خليل بن كالافون وقبة الخلفاء العباسيين إلى النصف الثاني من القرن السابع الهجري.
العز بن عبد السلام رحمه الله - Youtube
وقال فيه ابن الحاجب: إنه أفقه من الغزالي!. وألقى دروساً في التفسير، وله تفسير كامل للقرآن الكريم، كما قام باختصار تفسير المارودي: "النكت والعيون"، وألَّفَ في متشابه القرآن كتابه "فوائد في مُشْكل القرآن". ومن خلال قراءتك لمؤلفات العز في التفسير تلاحظ طول باعه في علوم اللغة والمعاني والبيان وكثرة استشهاده بأشعار العرب، مقتدياً في ذلك بحبر الأمة عبد الله بن عباس الذي قال: إذا أشكل عليكم شيء من القرآن فالتمسوه في الشعر فإنه ديوان العرب. سمع الحديث من أبي محمد القاسم بن الحافظ الكبير علي بن عساكر محدّث دمشق ومؤرخها، ودرس الفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وأخذ الأصول عن العالم الأصولي الكبير سيف الدين الآمدي (551- 592هـ)، وسافر إلى بغداد وتتلمذ على علمائها الكبار. وقد تخرَّج على العز بن عبد السلام طلاب كثيرون، منهم شيخ الإسلام ابن دقيق العيد مجدّد القرن الثامن (محمد بن علي بن وهب القشيري: 625- 702هـ)، وهو الذي لقّبه بسلطان العلماء، ومنهم جلال الدين الدشناوي الزاهد الورع شيخ الشافعية بـ"قوص" في صعيد مصر، ومنهم المؤرخ أبو شامة المقدسي…
ومن مؤلفاته العظيمة كتاب "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" وهو أول ما كُتب خارج المذهب الحنفي، في بيان القواعد التشريعية، وهي عِلم يمثل صلة الوصل بين الفقه وأصول الفقه، ويوضح المبادئ التي يقوم عليها التشريع الإسلامي.
لماذا لقب العز بن عبدالسلام بـ بائع الملوك | المرسال
من الرجال القلائل، صاحب الرأي السديد والموقف الثابت، الذي زاوج بتلقائية وصلابة واعية بين مهمة الفقيه، ومهمة صاحب الرسالة الإصلاحية حين يضع الرأي في مكانه، ويثبت عليه مهما كلف من أمر، ومهما كانت التبعات، فلم يشغله العلم عن مقاومة الظلم ومواجهة الحُكام والجهاد ضد الأعداء، بل وظفه لخدمة كل ذلك، سيرته ومواقفه يتطلع لها كل متشوق للعدالة والحرية هروبًا من هذا الزمن الذي ندر فيه الإخلاص للحق قولًا وفعلًا، وكثر فيه خدّام السلاطين من أهل الدين والعلم الذين يضعون فتاواهم وعلمهم تحت الطلب. إنه « عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب السلمي، المغربي أصلاً، الدمشقي مولداً، ثم المصري داراً ووفاة، والشافعي مذهباً »، الإمام والفقيه والعالِم، مُقاوم الظلم والطغيان، الذي كانت تخشاه السلاطين والملوك.
حكاية من التاريخ .. من هو العز بن عبد السلام .. سلطان العلماء وبائع الأمراء؟ - Youtube
صلاح الدين المنجد
الناشر: دار الكتاب الجديد - بيروت - لبنان
الطبعة: الأولى، ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م
عدد الصفحات: ٣٨
أعده للشاملة: أبو إبراهيم حسانين
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ابن عبد السَّلام (٥٧٧ - ٦٦٠ هـ = ١١٨١ - ١٢٦٢ م) عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقيّ، عز الدين الملقب بسلطان العلماء • فقيه شافعيّ بلغ رتبة الاجتهاد. ولد ونشأ في دمشق. وزار بغداد سنة ٥٩٩ هـ فأقام شهرا. وعاد إلى دمشق، فتولى الخطابة والتدريس بزاوية الغزالي، ثم الخطابة بالجامع الأموي. • ولما سلم الصالح إسماعيل ابن العادل قلعة «صفد» للفرنج اختيارا أنكر عليه ابن عبد السَّلام ولم يدع له في الخطبة، فغضب وحبسه. ثم أطلقه فخرج إلى مصر، فولاه صاحبها الصالح نجم الدين أيوب القضاء والخطابة ومكّنه من الأمر والنهي. ثم اعتزل ولزم بيته. ولما مرض أرسل إليه الملك الظاهر يقول: إن في أولادك من يصلح لوظائفك. فقال: لا. وتوفي بالقاهرة. [من كتبه] • التفسير الكبير • الإلمام في أدلة الاحكام • قواعد الشريعة - خ • الفوائد - خ [طُبع] • قواعد الأحكام في إصلاح الأنام - ط «فقه • ترغيب أهل الإسلام في سكن الشام • بداية السول في تفضيل الرسول - ط • الفتاوي - خ • الغاية في اختصار النهاية - خ» فقه [طُبع] • الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز - ط في مجاز القرآن، • مسائل الطريقة - ط تصوف • الفرق بين الإيمان والإسلام - خ رسالة • مقاصد الرعاية - خ في شستربتي (٣١٨٤) [طُبع] وغير ذلك.
عز الدين بن عبد السلام - المكتبة الشاملة
وشهد القرن السابع الهجري أعظم النكبات التي حلت بالثروة العلمية والتراث الإسلامي الضخم، فقُتل عدد كبير من العلماء، وحُرقت الكتب والمكتبتات، وهاجر كثير من العلماء من بلادهم إلى مكان آخر، يأمنون فيه على دينهم وعلمهم، ويمارسون نشاطهم ودروسهم، ويركنون فيه إلى البحث والتأليف. أضف إلى ذلك الفتن المذهبية التي كانت تعمل عملها في الداخل، فالصراع شديد بين الباطنية وأهل السنة، وبين أهل السنة مع بعضهم البعض، وبين المسلمين وأهل الذمة. وفي هذا العصر نفسه، ظهرت نهضة علمية كبيرة في الشام ومصر والأندلس، وأقبل كثير من الحكام والأمراء على العلم وتشجيع العلماء وبناء المساجد، والتنافس في بناء المدارس الشهيرة التي كانت بمثابة جامعات، كالمستنصرية التي بنيت في بغداد سنة 631هـ، والكاملية بالقاهرة (621هـ)، والصالحية بمصر (639هـ)، والظاهرية بدمشق (661هـ)، والمنصورية بالقاهرة (679هـ)، وامتاز العهد الأيوبي في مصر والشام بالاهتمام الشديد بالمدارس والعلماء وتدريس الفقه والحديث، وبناء المعاهد لكل ذلك.
فلما علم " العز " بذلك عزل نفسه عن القضاء، وقرر العودة إلى الشام، فتبعه العلماء والصلحاء والتجار والنساء والصبيان. وجاء من هَمَس في أذن الملك: متى ذهب الشيخ ذهب مُلكُك. فخرج الملك مسرعاً ولحق بالشيخ، وأدركه في الطريق وترضّاه، ووعده أن ينفّذ حكم الله في المماليك كما أفتى الشيخ. فرجع العز ونفّذ الحكم!. 3- والموقف الثالث كان مع الملك نجم الدين أيوب نفسه، فقد ذكر السبكيّ في طبقاته أن الشيخ عز الدين طلع إلى السلطان في يوم عيد، إلى القلعة (في القاهرة) فشاهد العسكر مصطفّين بين يديه، والأمراء تقبّل الأرض أمامه! فالْتَفَتَ الشيخ إلى السلطان وناداه: يا أيوب، ما حُجّتك عند الله إذا قال لك: ألم أُبَوِّئ لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟ فقال: هل جرى ذلك؟ فقال: نعم، الحانة الفلانية تباع فيها الخمور وغيرها من المنكرات! فقال: يا شيخنا هذا من أيام أبي. فقال الشيخ: أنت من الذين يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أُمّة وإنّا على آثارهم مقتدون؟! وقد أمر السلطان بإقفال الحانة فوراً. ثم سأل الشيخَ أحدُ تلامذته: أما خفتَ السلطان وأنت تخاطبه بهذا؟! فقال الشيخ: استحضرتُ هيبة الله تعالى فصار السلطان أمامي كالقطّ!. 4- والموقف الرابع دوره في معركة المنصورة: جاء العز إلى مصر مستاءً من خيانة حاكم دمشق، فراح يدعو إلى الجهاد ضد الصليبيين وضد التتار، وتعرضت مصر آنذاك إلى حملة صليبية جديدة سنة 647هـ = 1249م في جموع كبيرة، يقودها لويس التاسع ملك فرنسا، فاستولوا على دمياط ثم اتجهوا إلى القاهرة حتى وصلوا إلى المنصورة، حيث دارت معارك هُزم فيها الإفرنج وأُسِرَ لويس التاسع وكبار قواده، وحبسوا في دار ابن لقمان.