۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) { يستبشرون بنعمة من الله وفضل} أي: يهنىء بعضهم بعضا، بأعظم مهنأ به، وهو: نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم. وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة آل عمران - الآية 171
وقوله: أو ادفعوا أي لو لم تقاتلوا في سبيل الله فادفعوا عن حريمكم وأنفسكم وقوله: هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان، اللام بمعنى إلى فهذا حالهم بالنسبة إلى الكفر الصريح، وأما النفاق فقد واقعوه بفعلهم ذلك. وقوله: ﴿يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم﴾ ذكر الأفواه للتأكيد وللتقابل بينها وبين القلوب. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 171. قوله تعالى: ﴿الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا﴾ المراد بإخوانهم إخوانهم في النسب وهم القتلى، وإنما ذكر إخوتهم لهم ليكون مع انضمام قوله: وقعدوا أوقع تعيير وتأنيب عليهم فإنهم قعدوا عن إمداد إخوانهم حتى أصابهم ما أصابهم من القتل الذريع، وقوله: قل فادرءوا جواب عن قولهم ذاك، والدرء: الدفع. قوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا﴾ الآية، وفي الآية التفات عن خطاب المؤمنين إلى خطاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والوجه فيه ما تكرر ذكره في تضاعيف هذه الآيات، ويحتمل أن يكون الخطاب تتمة الخطاب في قوله: قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. والمراد بالموت بطلان الشعور والفعل، ولذا ذكرهما في قوله: بل أحياء إلخ حيث ذكر الارتزاق وهو فعل، والفرح الاستبشار ومعهما شعور. قوله تعالى: ﴿فرحين بما ءاتاهم الله﴾ الآية، الفرح ضد الحزن و، البشارة والبشرى ما يسرك من الخبر والاستبشار طلب السرور بالبشرى، والمعنى: أنهم فرحون بما وجدوه من الفضل الإلهي الحاضر المشهود عندهم، ويطلبون السرور بما يأتيهم من البشرى بحسن حال من لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
(( فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) أي: في أنكم تؤمنون عند الإتيان به. (( فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ)) أي: المعجزات (( وَالزُّبُرِ)) كصحف إبراهيم وفي قراءة بإثبات الباء فيهما. يستبشرون بنعمة من الله وفضل. (( وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ)) أي: الواضح وهو التوراة والإنجيل، والمعنى: فاصبر كما صبر هؤلاء الرسل الذين كُذِّبوا. تفسير قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم... )
إسلام ويب - تفسير القاسمي - تفسير سورة آل عمران - تفسير قوله تعالى يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين- الجزء رقم4
(( بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ)) تقديم الأيدي هو عملها؛ لأن من يعمل شيئاً يقدم يده، والتعبير بالأيدي عن الأنفس؛ لأن عامة أفاعيلها إنما تزاول بهن، فهو من قبيل التعبير عن الكل بالجزء الذي مدار العمل عليه. صيغة المبالغة في قوله: (ظلام) ووجه الإشكال والجواب عنه
وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [آل عمران:182] (ظَلَّامٍ) صيغة مبالغة من الظلم، تفيد كثرة الظلم، ولا يلزم من نفي الظلم الكثير نفي الظلم القليل، فلو قيل: (وأن الله ليس بظالم) لكان أدل على نفي الظلم قليله وكثيره، فما الجواب عن ذلك؟
الجواب من أوجه:
أحدها: أن الصيغة للنسب من قبيل نسبة البزاز إلى البز والحرير، والعطار إلى العطر، لا للمبالغة. إسلام ويب - تفسير القاسمي - تفسير سورة آل عمران - تفسير قوله تعالى يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين- الجزء رقم4. أن الله لا ينسب إلى الظلم؛ لأنه عندما تقول -ولله المثل الأعلى-: هذا ليس بعطار، فأنت لا تقصد المبالغة، وإنما تقصد نفي نسبته إلى بيع العطر. الوجه الثاني: أن صيغة (فعال) استعملت في لغة العرب لا على معنى الكثرة والمبالغة، بل تأتي على معنى الفاعل كقول طرفة:
ولست بحلال التلاع مخافة ولكن متى يسترشد القوم أرشد
هذا في معلقة طرفة بن العبد التي مطلعها:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
يقول التبريزي في قوله: ولست بحلال التلاع: (التلاع) مجاري الماء من رءوس الجبال إلى الأودية.
(وقوله: (ولست بحلال التلاع) أي أنني لا أتواجد في ذلك المكان ولا أسكنه مخافة أن يراني ابن السبيل والضيف، فهو ينزه نفسه عن البخل؛ لأن الذي يريد أن يهرب من الضيوف بسبب البخل يختبئ في هذه التلاع. قوله: (ولكن متى يسترشد القوم أرشد). أي: أنني لا أحل في التلاع، بل أنزل في الفضاء وأرشد من يسترشدني، وأعين من استعانني. والرشد يكون بالعطية، ويكون بالمعونة. فمثل هذا الشخص الكريم الذي ينزه نفسه عن البخل، بقوله: (ولست بحلال التلاع) لا يقصد بذلك نفي المبالغة، لأن المعنى سيكون مقتضياً أنه في بعض الأحيان يختبئ من الضيوف أو من ابن السبيل؛ فلذا كان يقصد مجرد الحلول بدون المبالغة؛ فهنا جاءت (فعال) لا يراد بها الكثرة؛ لأن تمام المدح لا يحصل بإرادة الكثرة. الوجه الثالث: هو أن المبالغة جاءت لمراعاة الجميع، كما تقول العرب مثلاً: فلان ظالم لعبده، ثم يقولون: وهو ظلام لعبيده، فتستعمل كلمة (فعال) إذا كان المتعلق به الفعل جمعاً. كذلك هنا نزه الله تعالى نفسه عن ذلك بقوله: (( وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ))، لرعاية صيغة الجمع في العبيد. الوجه الرابع: أنه إذا انتفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة؛ لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر، كان للظلم القليل المنفعة أترك.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 171
فقال: ما تقول ؟ فقال: ما أرى أن ترتحل حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة ، فقال أبو سفيان: والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم ، قال: فلا تفعل ، فإني لك ناصح ، فرجعوا على أعقابهم إلى مكة - انتهى - وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:
۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
«يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ» فعل مضارع والواو فاعل بنعمة متعلقان بالفعل قبلهما «مِنَ اللَّهِ» لفظ الجلالة و حرف الجر متعلقان بمحذوف صفة نعمة «وَفَضْلٍ» عطف على نعمة والجملة مستأنفة وقيل بدل «وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ» أن ولفظ الجلالة اسمها والجملة خبرها وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر معطوف على نعمة.
حيث وردت في ذكره الأحاديث من بينها ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان جالساً ذات يوم في صحابته، فغفا إغفاءةً ثم تبسم وقال لهم: "أَتَدْرون ما الكوثرُ؟ فقلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: فإنه نهرٌ وعَدنِيه ربي عزَّ وجَلَّ، عليه خيرٌ كثيرٌ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدد النجومِ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ، إنه مِن أمتي، فيقول: ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك". ما هو سبب نزول سوره الكوثر. سبب نزول سورة الكوثر:
أما سبب نزول سورة الكوثر فكما يرى عبد الله بن عباس -وهي أصح رواية-، فقد قيل عنه بأنها نزلت في العاص بن وائل، وذلك أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج من المسجد وهو يدخل، فالتقيا عند باب بني سهم، وتحدثا وأناس من صناديد قريش في المسجد جُلوس، فلما دخل العاص قالوا له: من الذي كنت تحدث؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبيّ -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان من خديجة، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنـزل الله تعالى هذه السورة. وكان في تفسير آياتها الخير العظيم وما ذكر الله به نهر الكوثر، فسورة الكوثر سورة جليلة عظيمة فهي من جانب تحدثنا عن بعض ما حبا الله به نبيه وفضله به وذلك نهر الكوثر، وهو من جانب آخر يرد على من كان يعتدي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بفحش وببذيء الكلام حين كان يصف النبي بأنه أبتر إذا مات، لا ولد من بعده يحمل اسمه فينقطع أثره ونسله بموته كما روى ذلك ابن العباس في رواية أخرى، فيروى بأنه قال: "كان العاص بن وائل يمر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ويقول: إني لأشنؤك وإنك لأبتر من الرجال، فأنـزل الله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) من خير الدنيا والآخرة".
ما سبب نزول سورة الكوثر - منشور
حيث وردت في ذكره الأحاديث من بينها ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان جالساً ذات يوم في صحابته، فغفا إغفاءةً ثم تبسم وقال لهم: "أَتَدْرون ما الكوثرُ؟ فقلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: فإنه نهرٌ وعَدنِيه ربي عزَّ وجَلَّ، عليه خيرٌ كثيرٌ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدد النجومِ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ، إنه مِن أمتي، فيقول: ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك". ما سبب نزول سورة الكوثر - منشور. سبب نزول سورة الكوثر أما سبب نزول سورة الكوثر فكما يرى عبد الله بن عباس -وهي أصح رواية-، فقد قيل عنه بأنها نزلت في العاص بن وائل، وذلك أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج من المسجد وهو يدخل، فالتقيا عند باب بني سهم، وتحدثا وأناس من صناديد قريش في المسجد جُلوس، فلما دخل العاص قالوا له: من الذي كنت تحدث؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبيّ -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان من خديجة، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنـزل الله تعالى هذه السورة. وكان في تفسير آياتها الخير العظيم وما ذكر الله به نهر الكوثر، فسورة الكوثر سورة جليلة عظيمة فهي من جانب تحدثنا عن بعض ما حبا الله به نبيه وفضله به وذلك نهر الكوثر، وهو من جانب آخر يرد على من كان يعتدي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بفحش وببذيء الكلام حين كان يصف النبي بأنه أبتر إذا مات، لا ولد من بعده يحمل اسمه فينقطع أثره ونسله بموته كما روى ذلك ابن العباس في رواية أخرى، فيروى بأنه قال: "كان العاص بن وائل يمر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ويقول: إني لأشنؤك وإنك لأبتر من الرجال، فأنـزل الله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) من خير الدنيا والآخرة".
[٥]
سبب تسمية سورة الكوثر بهذا الاسم
سُميّت سورة الكوثر بهذا الاسم لورود ذكر الكوثر فيها، حيث قال الله تعالى في مطلعها: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)، [٧] [٦] وقد ذكر ابن عاشور أنّها سُميّت بسورة الكوثر في جميع المصاحف، فهي من السور التي ليس لها إلّا اسم واحد، وقيل إنّها تُسمّى بسورة النحر. [٥]
المراجع