فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا
إن هذا القرآن مشعل هداية للإنس والجن كافة، وليس للإنس فحسب؛ لأن جميعهم مكلف بدين الله تعالى، والقرآن نذير وبشير لهم كلهم، يقول تعالى: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [الأنعام: 130]. وفي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إسماع القرآن واستماعه لهم جميعًا أيضًا، فكما أسمع رسول الله الإنس واستمعوه منه وآمن به بعضهم لما سمعه، كذلك الشأن كان مع الجن.
الباحث القرآني
2018-10-12, 01:33 PM #1 وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن أبو الهيثم محمد درويش {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ}: صرف الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وفداً من الجن ليكمل بلاغ محمد صلى الله عليه وسلم للثقلين الإنس والجان. فلما استمعوا وتواصوا بالإنصات وأقبلوا ولم يعرضوا شرح الله صدورهم للإسلام وفتح قلوبهم للإيمان فآمنوا وأصبحوا أول دعاة للإسلام إلى الجن, فبشروهم بكتاب جديد يهدي إلى الحق لما فيه من الحكم والأحكام ومصدق لما سبقته من الكتب, فهو مكمل وشامل لكل ما لم تشمله التوراة وكذا مهيمن على ما احتواه الإنجيل من أحكام تكميلية للتوراة, متناسق مع أصل الكتب السابقة يدل أتباعه على الله وصراطه والطريق الموصل إلى الجنة. دعوا قومهم إلى الإيمان وبشروهم بالمغفرة والفوز إن هم آمنوا وأذعنوا, وحذروهم من الخسران فلن يفلت من الله مستكبر أو معاند, ولن يعجز الله عن عقاب مخالفيه, فالفلاح كل الفلاح والفوز المبين في ولاية الله وتوحيده, والخسران كل الخسران والعذاب الأليم في الابتعاد عن تلك الولاية وعن عقيدة التوحيد.
صفحة 506 سورة الأحقاف صوت الحصري- وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا - Youtube
المسألة الثانية: اختلفوا في تفسير قوله: ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) فقال بعضهم: لما لم يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم قراءة القرآن عليهم ، فهو تعالى ألقى في قلوبهم ميلا وداعية إلى استماع القرآن ، فلهذا السبب قال: ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن). ثم قال تعالى: ( فلما حضروه) الضمير للقرآن أو لرسول الله: ( قالوا) أي: قال بعضهم لبعض: ( أنصتوا) أي: اسكتوا مستمعين ، يقال: أنصت لكذا واستنصت له ، فلما فرغ من القراءة: ( ولوا إلى قومهم منذرين) ينذرونهم ، وذلك لا يكون إلا بعد إيمانهم ، لأنهم لا يدعون غيرهم إلى استماع القرآن والتصديق به إلا وقد آمنوا ، فعنده: ( قالوا ياقومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) ووصفوه بوصفين:
الأول: كونه: ( مصدقا لما بين يديه) أي: مصدقا لكتب الأنبياء ، والمعنى أن كتب سائر الأنبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد والنبوة والمعاد والأمر بتطهير الأخلاق فكذلك هذا الكتاب مشتمل على هذه المعاني. الثاني: قوله: ( يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم).
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الأحقاف - قوله تعالى وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن - الجزء رقم12
دروس من قصة الهداية:
1- بيان فضل الجهر بالقرآن، وإسماعه بين الخلق، فإن لم يهتد به إنسي فقد يهتدي به جني. 2- من أراد الوصول إلى الحق، وسلوك الطريق المستقيم، فليستمع القرآن وليهتد بهداه؛ فإنه كفيل بنيل تلك الغاية. 3- الاهتداء بالقرآن يحتاج إلى إنصات وتدبر، وإزاحة لوسائل التشويش وذهاب التأمل. 4- المهتدي بالقرآن الصادق في استقامته لا يقعد عن التحرك في دعوة الناس إلى الإسلام والطاعة بقدر الاستطاعة، فهؤلاء الجن الصالحون انطلقوا بعد استماعهم القرآن إلى قومهم منذرين، ومرغبين لهم بالإسلام ومثنين على هذا الكلام بأبلغ ثناء. على الداعي إلى الله تعالى أن يكون القرآن الكريم وسيلته العظمى في الدعوة إلى ربه، فيسمعه الناس إسماع تأثير، ويفسره لهم، ويحتج به احتجاجًا صحيحًا في تأييد ما يدعو إليه من الحق. واذ صرفنا اليك نفرا من الجن. [1] رواه الترمذي، سنن الترمذي (5/ 399)، والبزار، مسند البزار (2/ 245)، والحاكم، المستدرك (2/ 515)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي: رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. وحسنه الألباني، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الهيثمي (7/ 23)، صحيح الجامع الصغير، الألباني (19/ 416).
وذُكر لنا أن ابن مسعود لما قَدِم الكوفة رأى شيوخا شُمطا من الزُّط، فراعوه، قال: من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء نفر من الأعاجم، قال: ما أريت للذين قرأ عليهم النبيّ ﷺ الإسلام من الجنّ شبها أدنى من هؤلاء. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، أن نبيّ الله ﷺ ذهب وابن مسعود ليلة دعا الجنّ، فخطَّ النبيّ ﷺ على ابن مسعود خطا، ثم قال له: لا تخرج منه ثم ذهب النبيّ ﷺ إلى الجنّ، فقرأ عليهم القرآن، ثم رجع إلى ابن مسعود فقال: وهل رأيت شيئا؟ قال: سمعت لغَطا شديدا، قال: إن الجنّ تدارأت في قتيل قُتل بينها، فقُضِي بينهم بالحقّ، وسألوه الزاد، فقال: وكل عظم لكم عرق، وكلّ روث لكم خُضْرة. قالوا: يا رسول الله تقذّرها الناس علينا، فنهى النبيّ ﷺ أن يستنجي بأحدهما؛ فلما قدم ابن مسعود الكوفة رأى الزُّطّ، وهم قوم طوال سود، فأفزعوه، فقال: أظَهَرُوا؟ فقيل له: إن هؤلاء قوم من الزُّطّ، فقال ما أشبههم بالنفر الذين صُرِفوا إلى النبيّ ﷺ. ⁕ قال: ثنا ابن ثور، عن معمر. عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو بن غَيلان الثقفيّ أنه قال لابن مسعود: " حُدثت أنك كنت مع رسول الله ﷺ ليلة وفد الجنّ، قال: أجَل، قال: فكيف كان؟ فذكر الحديث كله.
وقد ورد الاسم في الكتاب العزيز خمسًا وأربعين مرة. ثانيًا: البصير:
- أنه سبحانه ذو إبصار بما يعمل الخلق، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر. - أنه سبحانه عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، وهو الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وما ذلك إلا لحكمته ورحمته. وينبغي على المسلم:
- إثبات صفة البصر له جل شأنه، لأنه وصف نفسه بذلك وهو أعلم بنفسه، وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع، فالمتصف بهما أكمل ممن لا يتصف بذلك. - أن الله تبارك وتعالى بصير بأحوال عباده خبير بها بصير بمن يستحقها. وورد هذا الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة. اثار الايمان باسماء الله وصفاته في حياتنا. آثار الإيمان باسمي (السميع والبصير):
- الخوف من الله تعالى، فهو سبحانه يسمع ما نقول، ويرى ما نعمل، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، مما يكون باعثًا على تجنب معصيته خوفًا من عقابه. - الرجاء، فالله سبحانه وتعالى يرى ويسمع أعمالنا وأقوالنا، فيكون ذلك باعثًا على الجد في الطاعة رجاء ثوابه سبحانه. - مراقبة الله تعالى وهو الإحسان الذي ورد ذكره في حديث جبريل عليه السلام: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" [2]. الهوامش:
[1] رواه البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، والشروط التي يتعارفها الناس بينهم، وإذا قال: مائة إلا واحدة أو ثنتين، رقم الحديث: (2736).
درس الإيمان بأسماء الله وصفاته | منصة تاء
والإيمان بأسماء الله تعالى يتضمن كما يقول العلماء ثلاثة أمور [6]: أ- الإيمان بالاسم نفسه. ب- الإيمان بما يتضمنه من صفة أو صفات. ج- الإيمان بآثاره. التوقيع ربى الله
ما آثار الإيمان بأسماء الله وصفاته على قلب العبد وعمله ؟ (عين2020) - الآثار السلوكية المترتبة على الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته - توحيد 1 - أول ثانوي - المنهج السعودي
ومن آثار الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته: أنه كلما زاد العبد معرفةً بها تبصَّر أكثر بما في نفسه من نقائص، وما يعتريها من عيوب وآفات، فيجتهد في إصلاحها، ويسعى في تقويمها، يقول ابن القيم -رحمة الله عليه-: " أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة... ومنشأ هذه الأربعة من جهله بربه وجهله بنفسه، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال، ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر، ولم يغضب لها، ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله، فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، وأحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته ". والإيمان بأسماء الله وصفاته سيجعلك -أيها المسلم- ترى نفسك على حقيقتها، وتضعها في مكانه، وبهذا سيسهل عليك سلوك سبيل الاستقامة، ومجانبة طريق الضلال والانحراف. درس الإيمان بأسماء الله وصفاته | منصة تاء. أيها المسلمون: فإنَّ هذا الذي سمعتموه هو جزء من الثمرات العظيمة للإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته، وتلك الآثار هي بعض من الفوائد الجليلة لمعرفتها، وهذا يدعوكم إلى الاهتمام بمعرفة أسماء الله وصفاته، وإلى التعرف على ربكم من خلالها؛ لتنعموا بتلك الثمار، ولتجنوا تلك الفضائل، فإن من عرف الله حق المعرفة عبده كما ينبغي له، وأناب إليه كما هو مطلوب منه.
استنتج ثلاثه من اثار الايمان باسماء الله تعالى وصفاته على سلوك المؤمن - إسألنا
الدرس الإيمان بأسماء الله وصفاته
معرفة الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، والتعبد لله سبحانه بمقتضياتها، من أعظم الأعمال التي تزيد في الإيمان. استنتج ثلاثه من اثار الايمان باسماء الله تعالى وصفاته على سلوك المؤمن - إسألنا. ستتعرف في هذا الدرس على شيء من ذلك. التعرف على توحيد الأسماء والصفات معرفة معتقد أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات التعرف على معاني بعض أسماء الله عز وجل
18, 854 طالب آخر أكملوا هذا الدرس
الإيمان بأسماء الله وصفاته
أكد القرآن على تعريف العباد بربهم وخالقهم وكرر ذلك في كثير من الآيات؛ لأنه لا بد للمسلم من معرفة ربه بأسمائه الحسنى وصفات الجلال والجمال التي يتصف بها سبحانه حتى يعبد الله على بصيرة ويمتثل مقتضيات تلك الأسماء والصفات وآثارها في حياته وعباداته. الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
وهذان الاسمان هما اللذان ابتدأ الله بهما فاتحة كتابه وأول ما عرَّف به الله سبحانه نفسه إلى عباده، وبهما افتتحت كل سور القرآن الكريم في قول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، عدا سورة التوبة. وقد تفضل ربنا بأن كتب على نفسه الرحمة، ورحمته سبحانه وسعت كل شيء، حتى أن رحمة المخلوقات بعضها لبعض ورحمة الوالدة بولدها وتيسير الطعام للمخلوقات ما هو إلا أثر من آثار رحمة الله بمخلوقاته، كما قال تعالى: (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) (الروم: 50).
مؤسسة التحاضير الحديثة - تحاضير جاهزة 1443 للمعلمات والمعلمين - جاهزة للطباعة
ومن آثار الإيمان بصفات الله تعالى -أيضا-: أن هناك تلازم وترابط وثيق بين هذه الصفات وبين ما تقتضيه من عبادات ظاهرة وباطنة؛ فإنَّ لكل صفة من صفات المولى -جلَّ وعلا- عبودية خاصة هي من موجبات ومقتضيات العلم بها والتحقق بمعرفتها، وهذا الأمر عام ويطَّرد في كل أنواع العبودية التي على القلب والجوارح. فمثلاً: حين يعلم العبد أن الرب -جلَّ جلاله- متفرد بالعطاء، والمنع، وبالضر والنفع، والرزق والخلق والإماتة والإحياء؛ فإن ذلك يثمر له: عبودية التوكل على ربه باطنًا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا.
فعلم العبد بعظمة الله، وتسميته بالأسماء الحسنى، واتِّصافه بالصفات العلى، يحجزه عن معصية خالقه، ويدفعه إلى طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. الوقاية من فتنة الدجال:
قال الشيخ يوسف بن عبدالله الوابل: هذه بعض الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم أمَّته، لتنجو من هذه الفتنة العظيمة التي نسأل الله العظيم أن يعافينا ويعيذنا منها، معرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحدٌ، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب، وأن الله تعالى منزه عن ذلك، وأن الدجال أعور، والله ليس بأعور، وأنه لأحد يرى ربه حتى يموت، والدجال يراه الناس عند خروجه، مؤمنهم وكافرهم.