وهذا ما فعله النبي موسى(ع) عندما أراد من الله أن يجعل له شريكاً في أمره، لأنه يعيش بعض نقاط الضعف التي يملك فيها هارون نقاط قوة..
وهذا ما يجب على العاملين في سبيل الله أن يواجهوه في ما يتحملونه من مسؤوليات، ليخلصوا للدور العملي في استكمال كل الإمكانات التي يحتاجونها، ولو كانت لدى الآخرين، لأن ما نعانيه في ساحة العمل هو أن بعض العاملين قد يدفعهم الشعور الأناني بالعظمة الفارغة، فيسيئون إلى مسؤولياتهم، لأنهم لا يريدون الاعتراف بالحجم المحدود لقدراتهم، وبالإمكانات المتوفرة لدى الآخرين. وهكذا انطلق موسى(ع) ليعلن موقفه أمام الله في ما يريد أن يقوم به مع أخيه، بعد صدور الأمر الإلهي لهما بالانطلاق معاً في دور النبوة، {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً* وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً} في ما يوحي به التسبيح من تعظيم لله في المواقف العامة والخاصة التي يتحركان فيها ليثيرا عظمة الله في حياة الناس، وفي ما يوحي به ذكر الله من الإحساس بحضوره الدائم في الوعي الإنساني في حركة المسؤولية ليلتزم بأوامره ونواهيه، ولينضبط في ما يفرض عليه من مواقف والتزامات، {إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً} في ما نملك من قدرات محدودة، وفي ما نتطلع إليه للحصول على رضاك من خلال الالتزام بما توحي إلينا به من وصايا وتعاليم.
من الآية 24 الى الآية 41
فقال القادرون عند ذلك: إلهنا الجواد الكريم إن الحياة والقدرة بلا عقل لا تكون إلا لأحد القسمين إما للمجانين المقيدين بالسلاسل والأغلال ، وإما للبهائم المستعملة في حمل الأثقال وكل ذلك من صفات النقصان وأنت قد رقيتنا من حضيض النقصان إلى أوج الكمال فأفض علينا من العقل الذي هو أشرف مخلوقاتك وأعز مبدعاتك الذي شرفته بقولك: " بك أهين وبك أثيب وبك أعاقب " حتى نفوز من خزائن رحمتك بالخلع الكاملة والفضيلة التامة ، فأعطاهم العقل وبعث في أرواحهم نور البصيرة وجوهر الهداية [ ص: 30] فعند هذه الدرجة فازوا بالخلع الأربعة ، الوجود والحياة والقدرة والعقل.
ومنها: الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه، والتنعم بعبادته، فلا شيء أشرحُ لصدر العبد من ذلك... وللمحبة تأثير عجيب في انشراح الصدر، وطيب النفس، ونعيم القلب، لا يعرفه إلا من له حسَّ به، وكلما كانت المحبَّة أقوى وأشدَّ، كان الصدر أفسح وأشرح، ولا يضيق إلا عند رؤية البطالين الفارغين من هذا الشأن، فرؤيتهم قذى عينه، ومخالطتهم حمى روحه. ومنها: دوام ذكره على كل حال، وفي كل موطن، فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر، ونعيم القلب، وللغفلة تأثير عجيب في ضيقه وحبسه وعذابه. ومنها بل من أعظمها: إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة التي تُوجِب ضيقه وعذابه، وتَحُول بينه وبين البُرء، فإن الإنسان إذا أتى الأسباب التي تشرح صدره، ولم يخرج تلك الأوصاف المذمومة من قلبه، لم يحظَ من انشراح صدره بطائل، وغايته أن يكون له مادتان تعتوران على قلبه، وهو للمادة الغالبة عليه منهما. ومنها: الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال، والجاه، والنفع بالبدن، وأنواع الإحسان؛ فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيقُ الناس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا.
كان من اشهر الشعراء في عصره و حتى الآن، و الذي اشتهر بمرافقته لهارون الرشيد بعد رفضه في بداية الأمر قول أشعاره أمامه، و قبل ذلك ذهب لقصر المهدي عن طريق صديق له، و اعجب المهدي بجميع اشعار ابو العتاهية، و كان يجعله يقول الشعر باستمرار في القصر الخاص به، اشهر ما في حياة ابو العتاهية هو حبه لجارية تسمى عتبة، و رفض هذه الجارية له بسبب أن شكله لم يعجبها فلم ترضى به، و اشتهر باستخدامه الأسلوب البسيط في الشعر، و محاولة تهذيب الاخلاق و تذكير الناس بالموت عن طريق شعره، و بأن شعره كان له ايقاع موسيقي يختلف عن اي شعر آخر في هذا الوقت. معلومات عن حياة الشاعر أبو العتاهية
اسمه الحقيقي هو اسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، و كان يعمل بائع للجرار و كانت ولادته في عين التمر، كانت شهرته بهذا اللقب الشهير ترجع إلى، تعلقه الشديد بواحدة من جواري الخليفة المهدي، و التي لم تقبل به لأن شكله لم يكن جميلاً بالنسبة لها، و أيضاً بسبب حياة المجون و اللهو التي اشتهر بها في شبابه و لكنه توقف عنها، و في شبابه كان يميل أبو العتاهية لدراسة الادب و نظم الشعر، و تفوق في هذه المجالات و بعدها انتقل الى بغداد، و قد ذهب أبو العتاهية لقصر المهدي بسبب صديق له أخذه لهذا القصر و عرفه عليه، و منذ هذا اليوم بدأ بقول أشعاره و عرضها في قصر المهدي.
مظاهر التجديد في شعر ابو العتاهية
فقال له رجلٌ في مجلسِه: ما هذا الشِّعر بمُستحقٍّ لما قلتَ! قال: ولِمَ؟
قال: لأنَّه شعرٌ ضعيف! فقال ابن الأعرابيُّ -وكان فيه حِدَّة-: الضَّعيفُ -واللهِ- عقلكَ! التجديد في شعر ابو العتاهية. لأبي العتاهية تقول: (ضعيف الشعر)! ؟ واللهِ؛ ما رأيتُ شاعرًا قطُّ أطبع، ولا أقدرَ على بيتِ شعرٍ منه، ولا أحسبُ مذهبَه إلا ضربًا مِن السِّحر. ثم أنشد له، وقال:
قطعتُ منكِ حبائلَ الآمالِ /// وحطَطتُ عن ظهرِ المطيِّ رحالي
ووجدتُ بَرد اليأسِ بين جوانحي /// فأرحتُ نفسي من عُرى الترحالِ
قستُ السُّؤالَ فكان أعظمَ قيمةً /// مِن كلِّ عارفةٍ أتتْ بسؤالِ
فإذا ابتُليتَ ببذلِ وجهِكَ سائلًا /// فابذُلهُ للمُتكرِّمِ المِفضالِ
وإذا خشيتَ تَعَذُّرًا في بلدةٍ /// فاشدُدْ يدَيكَ بعاجِلِ الترحالِ
واصبِرْ على نكدِ الزَّمانِ فإنَّما /// فرجُ الشَّدائدِ مثلُ حلِّ عِقالِ
ثم قال للرجلِ: أتعرفُ أحدًا يقول مثلَ هذا الشِّعر؟
فقال له الرجلُ: يا أبا عبد الله! جعلني اللهُ فداءَك؛ إني أردُدْ عليكَ ما قلتَ، ولكن الزُّهد مذهب أبي العتاهية، وشعره في المديحِ ليس كشِعره في الزُّهد. فقال ابنُ الأعرابي: أليس هو القائلُ في المديح: [الطويل]
وهارونُ ماءُ المُزنِ يُشفى به الصَّدى /// إذا ما الصَّدِي بالرِّيقِ غصَّتْ حناجرُهْ
وأوسطُ عِزٍّ في قُريشٍ لَبيتُهُ /// وأوَّل عزٍّ في قريشٍ وآخرُهْ
وزحفٍ له تَحكي البُروقَ سيوفُه /// وتَحكي الرُّعودَ القاصِفاتِ حوافرُهْ
إذا حمِيَتْ شمسُ النَّهارِ تضاحكتْ /// إلى الشمسِ فيه بيضُهُ ومغافِرُهْ
إذا ذُكر الإسلامُ يومًا بنكبةٍ /// فهارونُ مِن بين البريَّةِ ناصرُهْ
ومَن ذا يفوتُ الموتَ والموتُ مُدركٌ /// كذا لم يَفُتْ هارونَ ضدٌّ ينافرُهْ
فقال له [الرجلُ]: القول ما قلتَ، وما كنتُ سمعتُ له بهذين الشِّعرَين!
ابو العتاهية شعر الزهد والحكمة
فقلت: مَن؟
قال: أبو العتاهية. وأنشدني له: [المديد]
سكنٌ يبقى لها سكَنُ /// ما بهذا يؤذِنُ الزَّمنُ
وذكر اليزيدي عن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة، قال: حدَّثني الشهرزوري، قال: أتيتُ سلمًا الخاسر، فقلتُ: أنشِدني لنفسِك. فقال: لا، ولكن أنشدكَ لأشعر الجنِّ والإنس؛ أبي العتاهية.
شعر أبو العتاهية عن الموت
كل طفل يستمتع … كل ولادة ستنفد بسرعة. باستثناء البلاء … لا شيء سوى نهايتها. الثروة ليست متجذرة في … لكن ثروة الروح ثروة. ومن الواضح أنني أفعل شيئًا …. إنه يمثل مصنعًا غير مرئي. دنيا سألتك من قبل لذا أنا أسامح هذا الطلب … بصرف النظر عن القلق والحزن والاتهامات ، لا أحصل على شيء. ثم في رأيي أنا لست قائد فرقة موسيقية … استمتع ، لكن متعب. لذلك سرعت من معتقداتي الدينية وفشلت في تحقيق رغبتي … إذا كان الهروب قد ساعدك ، فقد هرب داني منك. تخلت عن جهودي وطاقي … يتخلى الناس عن القرحة. إذن ، ما حدث طوال اليوم …. كان سعيدًا جدًا ، باستثناء غياب أعمال الشغب. على الرغم من أنني كنت أطعم القرع المر من الحليب ، إلا أن جهود الله له قد خيبت أملي. أعتقد أنه لا ينبغي عليك إخافة العشيقة … كما لو كان بداخلها ، يمكنك الحماية بأمان من التلف. ألا تراها بيت فراق وكارثة ……. إذا شخص واحد سوف. التفت إلى جانبي مرارًا وتكرارًا … أفهم الروح الداخلية للروح ، لكن القلب يدور. ذكاءي الأخلاقي يتخلل بالرضا والعفة … في مفهومي الأخلاقي ، أملك الذهب. شعر ابو العتاهيه في الزهد. لم أر مثل هذا الرضا المحظوظ لعائلته … لشخص واحد يلخص الحياة التي يحتاجها. ولا أرى الفضائل التي تتحقق إلا النعمة … باستثناء الآداب ، لا أرى عقلًا سليمًا.
التجديد في شعر ابو العتاهية
أداء عبد الرحمن بن فهد الحمين
شخصيات قد تهتم بمتابَعتها
[٣] [١]
المراجع
^ أ ب ت ث ج د. كمال تمام (2011-3-30)، "أبو العتاهية ومذهبه الشعري" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-8. بتصرّف. ↑ "تعريف و معنى عتاهية في معجم المعاني الجامع" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-8. بتصرّف. ↑ "Abū al-ʿAtāhiyah",, Retrieved 2019-2-8. Edited.