[فصلت: 35] وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
الجلالين
الطبري
ابن كثير
القرطبي
البيضاوي
البغوي
فتح القدير
السيوطي
En1
En2
35 - (وما يلقاها) يؤتي الخصلة التي هي أحسن (إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ) ثواب (عظيم)
يقول تعالى ذكره: وما يعطي دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا لله على المكاره ، والأمور الشاقة. وقال: " وما يلقاها " ولم يقل: وما يلقاه ، لأن معنى الكلام: وما يلقى هذه الفعلة من دفع السيئة بالتي هي أحسن. وقوله: " وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " يقول: وما يلقى هذه إلا ذو نصيب وجد له سابق في المبرات عظيم. كما حثنا محمد ، قال: ثنا أحمد ، قال: ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله: " وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ": ذو جد. وقيل: إن ذلك الحظ الذي أخبر الله جل ثناؤه في هذه الآية أنه لهؤلاء القوم هو الجنة. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة فصلت - الآية 35. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة " وما يلقاها إلا الذين صبروا "... الآية والحظ العظيم: الجنة. " ذكر لنا أن أبا بكر رضي الله عنه شتمه رجل ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاهد ، فعفا عنه ساعة ، ثم إن أبا بكر جاش به الغضب ، فرد عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعه أبو بكر ، فقال: يا رسول الله شتمني الرجل ، فعفوت وصفحت وأنت قاعد ، فلما أخذت أنتصر قمت يا نبي الله ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إنه كان يرد عنك ملك من الملائكة ، فلما قربت تنتصر ذهب الملك وجاء الشيطان ، فوالله ما كنت لأجالس الشيطان يا أبا بكر ".
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة فصلت - الآية 35
تفسير و معنى الآية 35 من سورة فصلت عدة تفاسير - سورة فصلت: عدد الآيات 54 - - الصفحة 480 - الجزء 24. ﴿ التفسير الميسر ﴾
ولا تستوي حسنة الذين آمنوا بالله، واستقاموا على شرعه، وأحسنوا إلى خلقه، وسيئة الذين كفروا به وخالفوا أمره، وأساؤوا إلى خلقه. ادفع بعفوك وحلمك وإحسانك مَن أساء إليك، وقابل إساءته لك بالإحسان إليه، فبذلك يصير المسيء إليك الذي بينك وبينه عداوة كأنه قريب لك شفيق عليك. وما يُوفَّق لهذه الخصلة الحميدة إلا الذين صبروا أنفسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، وما يُوفَّق لها إلا ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وما يلقاها» أي يؤتى الخصلة التي هي أحسن «إلا الذين صبروا وما يُلقاها إلا ذو حظ» ثواب «عظيم». القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة فصلت - الآية 35. ﴿ تفسير السعدي ﴾
وَمَا يُلَقَّاهَا أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان؟". فإذا صبر الإنسان نفسه، وامتثل أمر ربه، وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله، لا يفيده شيئًا، ولا يزيد العداوة إلا شدة، وأن إحسانه إليه، ليس بواضع قدره، بل من تواضع للّه رفعه، هان عليه الأمر، وفعل ذلك، متلذذًا مستحليًا له.
تفسير قوله تعالى: وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها
35- "وما يلقاها إلا الذين صبروا" قال الزجاج: ما يلقى هذه الفعلة وهذه الحالة، وهي دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" في الثواب والخير. وقال قتادة: الحظ العظيم في الجنة: أي ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة، وقيل الضمير في يلقاها عائد إلى الجنة، وقيل راجع إلى كلمة التوحيد. قرأ الجمهور يلقاها من التلقية، وقرأ طلحة بن مصرف وابن كثير في رواية عنه يلاقاها من الملاقاة. 35. " وما يلقاها "، ما يلقى هذه الخصلة وهي دفع السيئة بالحسنة، " إلا الذين صبروا "، على كظم الغيظ واحتمال المكروه، " وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم "، في الخير والثواب، وقال قتادة: ((الحظ العظيم)): الجنة، أي: ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة. 35-" وما يلقاها " وما يلقى هذه السجية وهي مقابلته الإساءة بالإحسان. " إلا الذين صبروا " فإنها تحبش النفس عن الانتقام. " وما يلقاها إلا ذو حظً عظيم " من الخير وكمال النفس وقيل الحظ الجنة. تفسير قوله تعالى: وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها. 35. But none is granted it save those who are steadfast, and none is granted it save the owner of great happiness. 35 - And no one will be granted such goodness except those who exercise patience and self restraint, none but persons of the greatest good fortune.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة فصلت - الآية 35
ثم أورد البغوي حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين ـ صلاة ـ ثم قال في الثالثة ـ لمن شاء" وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من حديث عبد الله بن بريدة عنه وحديث الثوري عن زيد العمي عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال الثوري: لا أراه إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة" ورواه أبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة كلهم من حديث الثوري به وقال الترمذي: هذا حديث حسن, ورواه النسائي أيضاً من حديث سليمان التيمي عن قتادة عن أنس به.
إن دفع السوء بالحسنى، وابتلاع الشتائم أو الإعراض عنها، لمطلب شدّ ما نحتاجه اليوم، فمع انحسار الأخلاق عن أزقة شوارعنا، صار لنا في كل ركن شجار وعنف وقذائف ألسنة تهوي كيف تشاء فوق من تشاء! الكل يزعق ويحتج صارخًا، العرباتُ في الطرقات، الصفوف الممتلئة حتى آخرها، البيوت المغلقة بين أفرادها، صارت صفة الحِلْم ضربًا من الخيال، والصبر على الأذى استحال إلى سلعة نادرة، وقصص الأولياء الصالحين الذين عاملوا مسيؤوهم بكل حسنى وابتسموا في وجه الباصقين عليهم، هاته الحكايا بات تدوالها كتدوال الأساطير، قصصًا منسيّة، حكايا غريبة تمامًا عن وجه واقعنا المعاصر. {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}، إن الثبات في الأذى ليست صفة أو طبعًا يهبط من السماء على القلوب فيسكنها، بل هو أولًا وآخرًا جهاد، وصبر، واحتساب أجر، وإمساك لسانٍ وجوارح، ثم هو قبل أي شيء إيمان عميق يتغلغل إلى الروح فيبهت على كل عملها وقولها، حتى يعوّد الإنسان لسانه ألا يقول سوى ما يرضي بارئه وتألف الجوارح المكث في ظلال الرحمن، لا شيء عنها يصدر فيه غضبة له تعالى، أبدًا. نسأل المولى أن يجعلنا منهم، من ثلة الآخرين، السابقون السابقون، المقربون إلى رحمة الله تعالى الفائزون بفردوسه الأعلى، الذين يسيرون في الأرض عفوًا وعن الجاهلين إعراضًا وللإسلام خير واجهة وعلامة وتمثيلا.
وقال -أيضاً-: " وثبت أن الله جعل لنظيرتها من كل سنة؛ فضلاً عظيماً لكثرة ثواب العبادة فيها في كل رمضان كرامة لذكرى نزول القرآن، وابتداء رسالة أفضل الرسل -صلى الله عليه وسلم- إلى النّاس كافة ". أيها المسلمون: هذا القرآن كتاب الله، فيه الحق المبين، ويصدق بعضه بعضا، وهنا لا بد لنا من بيان الغلط الكبير الذي يقع به بعض الوعاظ والدعاة وأهل العلم- وهم قلة- لكني قرأت هذا وسمعته في المساجد، فما هو هذا الغلط الذي يقع في حق فقه هذه الليلة المباركة؟
أيها المسلمون: يغلط بعض الوعاظ والمفسرين بقولهم؛ إن المقصود بالليلة المباركة في هذه السورة هي ليلة النصف من شعبان. وهو كلام باطل. يقول ابن كثير: "ومن قال: إنها ليلة النصف من شعبان-كما روي عن عكرمة- فقد أبعد النَّجْعَة فإن نص القرآن أنها في رمضان. والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح، عن الليث، عن عقيل عن الزهري: أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له، وقد أخرج اسمه في الموتى "، فهو حديث مرسل، ومثله لا يعارض به النصوص". وقال ابن عاشور: "و عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ "، وجاء في تفسير القرطبي: " وقال القاضي أبو بكر بن العربي: وجمهور العلماء على أنها ليلة القدر.
سورة القدر - افتح الصندوق
وقال ابن كثير: "أي: في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر، وأبي مالك، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد من السلف. وعن مجاهد، قوله، ( فيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)؛ قال: في ليلة القدر كل أمر يكون في السنة إلى السنة؛ الحياة والموت، يقدر فيها المعايش والمصائب كلها". وقال السعدي: " ثم إنه تعالى يقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة ". وجاء في تفسير القرطبي: "إنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله كل خلق وأجل ورزق وعمل إلى مثلها. وقال ابن عباس: " يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ويحج فلان، وقال في هذه الآية: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق ". وقال الشنقيطي في أضواء البيان: " معنى الآية أن الله تبارك وتعالى في كل ليلة قدر من السنة يبين للملائكة ويكتب لهم، بالتفصيل والإيضاح جميع ما يقع في تلك السنة، إلى ليلة القدر من السنة الجديدة؛ فتبين في ذلك الآجال والأرزاق والفقر والغنى، والخصب والجدب والصحة والمرض، والحروب والزلازل، وجميع ما يقع في تلك السنة كائناً ما كان.
ذات صلة شرح سورة القدر للأطفال ما سبب نزول سورة القدر
خواص سورة القدر
تشمل قراءة سورة القدر الأجر المترتّب على قراءة القرآن الكريم ككُلّ، ومنه قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ) ، [١] وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ) ، [٢] أمّا سورة القدر بشكل خاصّ، فلم يرد في فضلها حديث يخُصّها. [٣]
موضوعات سورة القدر
ذكر ليلة تقدير الأمور وقضائها
ابتدأ الله -تعالى- نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، التي يُقدّر الله فيها الأمور ويقضي بها ، قال -تعالى-: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ، [٤] [٥] ويأتي القدر بمعنى التّقدير، وسُمّيت بذلك أيضاً لارتفاع قدرها، وتعظيمها عن غيرها من اللّيالي. [٦]
والمراد بتقدير الأمور وقضائها؛ أنّ الله -تعالى- يُعلم ملائكته بما قدّره من أمور العباد، أمّا أنّ الله يقدّر فيها مقادير العباد فذلك غير صحيح، لأنّ ذلك التّقدير موجود منذ الأزل قبل أن يخلق الله السماوات والأرض، [٧] وليلة القدر هي ليلة من اللّيالي الفرديّة من العشر الأخيرة في شهر رمضان، دون تحديد دقيق لهذه اللّيلة؛ حتى يجتهد المسلمون فيها بالعبادة، وقد قال عدد من العلماء أنّ أوكد ما تكون في اللّيلة السّابعة والعشرين من رمضان، وهو ما يروى عن ابن عباس -رضي الله عنه-.