ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة ثم كان من الذين آمنوا جاء بثم لتراخي الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة، لا في الوقت; لأن الإيمان هو السابق المقدم على غيره، ولا يثبت عمل صالح إلا به. والمرحمة: الرحمة، أي: أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان والثبات عليه. أو بالصبر عن المعاصي وعلى الطاعات والمحن التي يبتلى بها المؤمن، وبأن يكونوا [ ص: 380] متراحمين متعاطفين. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الهمزة. أو بما يؤدي إلى رحمة الله. الميمنة والمشأمة: اليمين والشمال. أو اليمن والشؤم، أي: الميامين على أنفسهم والمشائيم عليهن. قرئ: "موصدة" بالواو والهمزة، من وصدت الباب وآصدته: إذا أطبقته وأغلقته. وعن أبي بكر بن عياش: لنا إمام يهمز "مؤصدة"; فأشتهي أن أسد أذني إذا سمعته. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ [لا أقسم بهذا البلد] أعطاه الله الأمان من غضبه يوم القيامة ".
- الباحث القرآني
- إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الهمزة
- إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البلد - القول في تأويل قوله تعالى " ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة "
- إعراب قوله تعالى: عليهم نار مؤصدة الآية 20 سورة البلد
- ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة
- ومن أعرض عن ذكري محمد حسان youtube
- ومن اعرض عن ذكري نقيض له شيطانا
- ومن أعرض عن ذكري فإن
الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ( ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ( 17) أولئك أصحاب الميمنة ( 18) والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ( 19) عليهم نار مؤصدة ( 20)). يقول تعالى ذكره: ثم كان هذا الذي قال: ( أهلكت مالا لبدا) من الذين آمنوا بالله ورسوله ، فيؤمن معهم كما آمنوا ( وتواصوا بالصبر) يقول: وممن أوصى بعضهم بعضا بالصبر على ما نابهم في ذات الله ( وتواصوا بالمرحمة) يقول: وأوصى بعضهم بعضا بالمرحمة. كما حدثنا محمد بن سنان والقزاز ، قال: ثنا أبو عاصم عن شبيب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( وتواصوا بالمرحمة) قال: مرحمة الناس. وقوله: ( أولئك أصحاب الميمنة) يقول: الذين فعلوا هذه الأفعال التي ذكرتها ، من فك الرقاب ، وإطعام اليتيم ، وغير ذلك ، أصحاب اليمين الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين إلى الجنة. وقوله: ( والذين كفروا بآياتنا) يقول: والذين كفروا بأدلتنا وأعلامنا وحججنا من الكتب والرسل وغير ذلك ( هم أصحاب المشأمة) يقول: هم أصحاب الشمال يوم القيامة الذين يؤخذ بهم ذات الشمال. الباحث القرآني. وقد بينا معنى المشأمة ، ولم قيل لليسار المشأمة فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله: ( عليهم نار مؤصدة) يقول تعالى ذكره: عليهم نار جهنم يوم القيامة مطبقة; يقال منه: أوصدت وآصدت.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الهمزة
غريب القرآن في شعر العرب وص د [مؤصدة]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. قال: أبواب النار على الكفار مطبقة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
تحنّ إلى أجبال مكّة ناقتي...
ومن دونها أبواب صنعاء مؤصده الإعجاز البياني للقرآن {مُؤْصَدَةٌ}
وسأل نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {مُؤْصَدَةٌ}
قال ابن عباس: مُطبِقة. واستشهد بقول الشاعر:
تحِنُّ إلى أجبال مكةَ نساقتي... ومن دونِنا أبوابُ صنعاءَ موصَدَه
(تق) وفي (ك، ظ) قال ابن عباس: أبواب النار على الكفار مطبقة. وسقط من (ط). إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البلد - القول في تأويل قوله تعالى " ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ". = الكلمة من آيتى: الهمزة في نار الله الموقدة، نذيراً لكل همزةٍ لمزةٍ:
{إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} 7. والبلد 20: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}
ولم يأت في القرآن من المادة غي هذه الصيغة في الأيتين. ومعهما (الوصيد) في آية الكهف: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
فسرها بـ: مطبقة كذلك، البخاري وأبو عبيدة والفراء.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البلد - القول في تأويل قوله تعالى " ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة "
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم: ( إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة) أي: مغلقة مطبقة عليهم ، وكذلك هو في قراءة عبد الله فيما بلغنا. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قتادة ، في قراءة عبد الله: " إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة ". وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما دخلوا في عمد ، ثم مدت عليهم تلك العمد بعماد. حدثني محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( في عمد ممددة) قال: أدخلهم في عمد ، فمدت عليهم بعماد ، وفي أعناقهم السلاسل ، فسدت بها الأبواب. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ( في عمد) من حديد مغلولين فيها ، وتلك العمد من نار قد احترقت من النار ، فهي من نار ( ممددة) لهم. وقال آخرون: هي عمد يعذبون بها. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( في عمد ممددة) كنا نحدث أنها عمد يعذبون بها في النار ، قال بشر: قال يزيد: في قراءة قتادة: ( عمد). حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ( في عمد ممددة) قال: عمود يعذبون به في النار. وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: معناه: أنهم يعذبون بعمد في [ ص: 601] النار ، والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها ، ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها ، ولا وضع لنا عليها دليل ، فندرك به صفة ذلك ، فلا قول فيه ، غير الذي قلنا يصح عندنا ، والله أعلم.
إعراب قوله تعالى: عليهم نار مؤصدة الآية 20 سورة البلد
حدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، في قوله ( همزة لمزة) قال: ليست بخاصة لأحد ، نزلت في جميل بن عامر; قال ورقاء: زعم الرقاشي. وقال بعض أهل العربية: هذا من نوع ما تذكر العرب اسم الشيء العام ، وهي تقصد به الواحد ، كما يقال في الكلام ، إذا قال رجل لأحد: لا أزورك أبدا: كل من لم يزرني ، فلست بزائره ، وقائل ذلك يقصد جواب صاحبه القائل له: لا أزورك أبدا. وقال آخرون: بل معني به ؛ كل من كانت هذه الصفة صفته ، ولم يقصد به قصدا آخر. حدثني محمد بن عمرو. قال: ثنا أبو عاصم ، قاله: ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، [ ص: 598] في قول الله: ( ويل لكل همزة لمزة) قال: ليست بخاصة لأحد. والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله عم بالقول كل همزة لمزة ، كل من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها ، سبيله سبيله كائنا من كان من الناس. وقوله: ( الذي جمع مالا وعدده)
يقول: الذي جمع مالا وأحصى عدده ، ولم ينفقه في سبيل الله ، ولم يؤد حق الله فيه ، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه. واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه من قراء أهل المدينة أبو جعفر ، وعامة قراء الكوفة سوى عاصم: " جمع " بالتشديد ، وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والحجاز ، سوى أبي جعفر وعامة قراء البصرة ، ومن الكوفة عاصم ، " جمع " بالتخفيف ، وكلهم مجمعون على تشديد الدال من ( وعدده) على الوجه الذي ذكرت من تأويله.
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال: الهمزة: يهمزه في وجهه ، واللمزة: من خلفه. حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال: [ ص: 597] يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعن عليهم. حدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال: الهمزة باليد ، واللمزة باللسان. وقال آخرون في ذلك ما حدثني به يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قول الله: ( ويل لكل همزة لمزة) قال: الهمزة: الذي يهمز الناس بيده ، ويضربهم بلسانه ، واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم. واختلف في المعني بقوله: ( ويل لكل همزة) فقال بعضهم: عني بذلك: رجل من أهل الشرك بعينه ، فقال بعض من قال هذا القول: هو جميل بن عامر الجمحي. وقال آخرون منهم: هو الأخنس بن شريق. ذكر من قال: عني به مشرك بعينه. حدثني محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( ويل لكل همزة لمزة) قال: مشرك كان يلمز الناس ويهمزهم. حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن رجل من أهل الرقة قال: نزلت في جميل بن عامر الجمحي.
((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى)) [طه:124-126]، يقول: هل هذه الآية على كل شخص يغفل عن ذكر الله؟
هذا وعيد شديد لمن أعرض عن ذكر الله وعن طاعته فلم يؤد حق الله، هذا جزاؤه، تكون له معيشة ضنكا وإن كان في مال كثير وسعة لكن يجعل في عيشته ضنكاً، لما يقع في قلبه من الضيق والحرج والمشقة فلا ينفعه وجود المال، يكون في حرج وفي مشقة بسبب إعراضه عن ذكر الله وعن طاعة الله جل وعلا، ثم يحشر يوم القيامة أعمى. فالمقصود أن هذا فيمن أعرض عن طاعة الله وعن حقه جل وعلا، ولم يبالِ بأمر الله بل ارتكب محارمه وترك طاعته جل وعلا، فهذا جزاؤه، نسأل الله العافية. ومن أعرض عن ذكري فإن. يقول الله سبحانه و تعالى {فإما يأتينَّكم منِّي هُدًى فمن اتَّبع هُداي فلا يضل و لا يشقى [123] وَمَنْ أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا و نحشُرُهُ يومَ القِيَامةِ أعمى[124]}. في الآيتين الكريمتين أن من اتبع القرآن و عمل به فإن الله ـ سبحانه و تعالى ـ تكفل له بأن لا يضل في الدنيا و لا يشقى في الآخرة.
ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة
فَهَذَا مِنْ ضَنْكِ الْمَعِيشَةِ. اهـ. ويقول السعدي: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} أي: فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة، مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا. وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه، ويعذب، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه. اهـ. ويقول سيد قطب في الظلال: والحياة المقطوعة الصلة بالله، ورحمته الواسعة، ضنك مهما يكن فيها من سعة ومتاع. إنه ضنك الانقطاع عن الاتصال بالله، والاطمئنان إلى حماه. ضنك الحيرة، والقلق، والشك. ضنك الحرص والحذر: الحرص على ما في اليد، والحذر من الفوت. ضنك الجري وراء بارق المطامع، والحسرة على كل ما يفوت. تفسير: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى). وما يشعر القلب بطمأنينة الاستقرار إلا في رحاب الله. وما يحس راحة الثقة إلا وهو مستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها. اهـ. ولذلك فإن المعرض عن ذكر الله، ودينه، يعيش في هم، وقلق، وإن ملك من الدنيا ما ملك، بخلاف المؤمن بوعد الله تعالى، ولقائه، فإنه يعيش مطمئن القلب، منشرح الصدر ببركة الإيمان، والتصديق بموعود الله، ولو لم يملك شيئا من الدنيا. والله أعلم.
ومن أعرض عن ذكري محمد حسان Youtube
وقوله ( ونحشره يوم القيامة أعمى) اختلف أهل التأويل في صفة العمى الذي ذكر الله في هذه الآية ، أنه يبعث هؤلاء الكفار يوم القيامة به ، فقال بعضهم: ذلك عمى عن الحجة ، لا عمى عن البصر. حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: ثنا محمد بن عبيد قال: ثنا سفيان الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح [ ص: 395] في قوله: ( ونحشره يوم القيامة أعمى) قال: ليس له حجة. حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: ( ونحشره يوم القيامة أعمى) قال: عن الحجة. حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله ، وقيل: يحشر أعمى البصر. قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قال الله تعالى ذكره ، وهو أنه يحشر أعمى عن الحجة ورؤية الشيء كما أخبر جل ثناؤه ، فعم ولم يخصص. وقوله ( قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. تفسير " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " | المرسال. فقال بعضهم في ذلك ، ما حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرزاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( قال رب لم حشرتني أعمى) لا حجة لي. وقوله ( وقد كنت بصيرا) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم: معناه: وقد كنت بصيرا بحجتي.
ومن اعرض عن ذكري نقيض له شيطانا
حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) قال: في النار. وقال آخرون: بل عنى بذلك: فإن له معيشة في الدنيا حراما قال: ووصف الله جلّ وعزّ معيشتهم بالضنك، لأن الحرام وإن اتسع فهو ضنك. الجمع بين قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) وبين ما يجده الكفار من السعادة - الإسلام سؤال وجواب. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة في قوله: ( مَعِيشَةً ضَنْكًا) قال: هي المعيشة التي أوسع الله عليه من الحرام. حدثني داود بن سليمان بن يزيد المكتب من أهل البصرة، قال: ثنا عمرو بن جرير البجلي، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم في قول الله ( مَعِيشَةً ضَنْكًا) قال: رزقا في معصيته. حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا أبو بسطام، عن الضحاك ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) قال: الكسب الخبيث. حدثني محمد بن إسماعيل الصراري، قال: ثنا محمد بن سوار، قال: ثنا أبو اليقظان عمار بن محمد، عن هارون بن محمد التيمي، عن الضحاك، في قوله ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) قال: العمل الخبيث، والرزق السيئ. وقال آخرون ممن قال عنى أن لهؤلاء القوم المعيشة الضنك في الدنيا، إنما قيل لها ضنك وإن كانت واسعة، لأنهم ينفقون ما ينفقون من أموالهم على تكذيب منهم بالخلف من الله، وإياس من فضل الله، وسوء ظنّ منهم بربهم، فتشتدّ لذلك عليهم معيشتهم وتضيق.
ومن أعرض عن ذكري فإن
وقوله ( قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها) يقول تعالى ذكره ، قال الله حينئذ للقائل له: ( لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) فعلت ذلك بك فحشرتك أعمى كما أتتك آياتي - وهي حججه وأدلته وبيانه الذي بينه في كتابه - فنسيتها: يقول: فتركتها وأعرضت عنها ، ولم تؤمن بها ، ولم تعمل. وعنى بقوله ( كذلك أتتك) هكذا أتتك. وقوله: ( وكذلك اليوم تنسى) يقول: فكما نسيت آياتنا في الدنيا ، فتركتها وأعرضت عنها ، فكذلك اليوم ننساك ، فنتركك في النار. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة. وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله ( وكذلك اليوم تنسى) فقال بعضهم بمثل الذي قلنا في ذلك. حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال ، ثنا محمد بن عبيد قال: ثنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله ( وكذلك اليوم تنسى) قال: في النار. حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( كذلك أتتك آياتنا فنسيتها) قال: فتركتها ( وكذلك اليوم تنسى) وكذلك اليوم تترك في النار. وروي عن قتادة في ذلك ما حدثني بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة ( قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) قال: نسي من الخير ، ولم ينس من الشر. وهذا القول الذي قاله قتادة قريب المعنى مما [ ص: 397] قاله أبو صالح ومجاهد لأن تركه إياهم في النار أعظم الشر لهم.
{ { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}} بسبب تزيين الشيطان للباطل وتحسينه له، وإعراضهم عن الحق، فاجتمع هذا وهذا. فإن قيل: فهل لهذا من عذر، من حيث إنه ظن أنه مهتد، وليس كذلك؟ قيل: لا عذر لهذا وأمثاله، الذين مصدر جهلهم الإعراض عن ذكر اللّه، مع تمكنهم على الاهتداء، فزهدوا في الهدى مع القدرة عليه، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم. فهذه حالة هذا المعرض عن ذكر اللّه في الدنيا ، مع قرينه، وهو الضلال والغيّ، وانقلاب الحقائق.