تفسير و معنى الآية 16 من سورة الحجر عدة تفاسير - سورة الحجر: عدد الآيات 99 - - الصفحة 263 - الجزء 14. ﴿ التفسير الميسر ﴾
ومن أدلة قدرتنا: أنا جعلنا في السماء الدنيا منازل للكواكب تنزل فيها، ويستدل بذلك على الطرقات والأوقات والخِصْب والجَدْب، وزَيَّنَّا هذه السماء بالنجوم لمن ينظرون إليها، ويتأملون فيعتبرون. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ولقد جعلنا في السماء بروجا» اثني عشر: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، وهي منازل الكواكب السبعة السيارة: المريخ وله الحمل والعقرب، والزهرة ولها الثور والميزان، وعطارد وله الجوزاء والسنبلة، والقمر وله السرطان، والشمس ولها الأسد، والمشتري وله القوس والحوت، وزحل له الجدي والدلو «وزيناها» بالكواكب «للناظرين». ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين. ﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى -مبينا كمال اقتداره ورحمته بخلقه-: ولقد جعلنا في السماء بروجا أي: نجوما كالأبراج والأعلام العظام يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وزيناها للناظرين فإنه لولا النجوم لما كان للسماء هذا المنظر البهي والهيئة العجيبة، وهذا مما يدعو الناظرين إلى التأمل فيها والنظر في معانيها والاستدلال بها على باريها.
الحجر الآية ١٦Al-Hijr:16 | 15:16 - Quran O
فغذاءُ العين المنظر الجميل؛ والأذن غذاؤها الصوت الجميل، والأنف غذاؤه الرائحة الطيبة؛ واللسان يعجبه المذاق الطيب، واليد يعجبها المَلْمَس الناعم؛ وهذا ما نعرفه من غذاء المَلَكات للحواس الخمس التي نعرفها. وهناك مَلَكات أخرى في النفس الإنسانية؛ تحتاج كل منها إلى غذاء معين، وقد يُسبّب أخذ مَلَكة من مَلَكات النفس لأكثر المطلوب لها من غذاء أن تَفْسد تلك المَلَكة؛ وكذلك قد يُسبِّب الحرمان لِملَكة ما فسادًا تكوينيًا في النفس البشرية. الحجر الآية ١٦Al-Hijr:16 | 15:16 - Quran O. والإنسان المتوازن هو مَنْ يُغذّي مَلَكاته بشكل مُتوازن، ويظهر المرض النفسي في بعض الأحيان نتيجةً لنقص غذاء مَلَكة ما من المَلَكات النفسية، ويتطلب علاجُ هذا المرض رحلةً من البحث عن المَلَكة الجائعة في النفس البشرية. وهكذا نجد في النفس الإنسانية مَلَكة لرؤية الزينة، وكيف تستميل الزينة النفس البشرية؟ ونجد المثَل الواضح على ذلك هو وجود مهندسي ديكور يقومون بتوزيع الإضاءة في البيوت بأشكال فنية مختلفة. ولذلك يقول الحق سبحانه عن أبراج النجوم: {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر: 16]. ونجده سبحانه يقول عن بعض نِعَمه التي أنعم بها علينا: {والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8].
و ( قمرا منيرا) أي مضيئا. قال ابن كثير رحمه الله:
" ( وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا) وهي الشمس المنيرة ، التي هي كالسراج في الوجود ،
كما قال:
( وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا) النبأ / 13. ( وَقَمَرًا مُنِيرًا) أي: مضيئا مشرقا بنور آخر ، ونوع وفن آخر ، كما قال: (
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) يونس / 5 ، وقال مخبرا
عن نوح ، عليه السلام ، أنه قال لقومه: ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ
سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ
سِرَاجًا) نوح / 15 -16. "تفسير ابن كثير" (6 / 120)
ومعنى الآية في الجملة: تعالى الله وتعظّم وكثر عطاؤه وثبت إنعامه سبحانه على خلقه
، الذي زين بفضله السماء الدنيا بتلك النجوم والكواكب الكبار العظام ، والشمس
والقمر المنيرين بالليل والنهار ، جعل ذلك من تمام بركته على خلقه ، واتساع نعمته
ووفرة جوده وكرمه ؛ ليتأملوا ما فوقهم من دلائل عظمته ، وما هم فيه من موفور كرمه
وعظيم منته ، عسى أن يؤمنوا بربهم ويشكروا له. والله تعالى أعلم.
كَلّا إِذا دُكَّتِ الأَرضُ دَكًّا دَكًّا _ تلاوة خالدة نادرة للشيخ محمد صديق المنشاوي من سورة الفجر - YouTube
كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
قوله تعالى: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 25] أي ليس أحد أشد عذابًا من تعذيب الله من عصاه، قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 50]. ﴿ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 26] أي: ليس أحد أشد قبضًا ووثقًا من الزبانية لمن كفر بربهم ڬ ، هذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين فإنهم يُقَرَّنُون بسلاسل من نار ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، قال تعالى: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50]. وقال تعالى: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30 - 33]. قال تعالى كلا اذا دكت الارض دكا دكا جملة دكا دكا اسلوب استثناء او توكيد لفظي او اسلوب نداء - الأعراف. قوله تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ﴾ [الفجر: 27، 28] أي: النفس الزكية والمطمئنة هي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق، فيقال لها: ارجعي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته، ﴿ رَاضِيَةً ﴾ [الفجر: 28]: أي: في نفسها مرضية، أي قد رضيت عن الله ورضي عنها وأرضاها، كما قال تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8].
تأملات في قوله تعالى: { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا }
ورابعها: وجاء ظهور ربك ، وذلك لأن معرفة الله تصير في ذلك اليوم ضرورية فصار ذلك كظهوره وتجليه للخلق ، فقيل: ( وجاء ربك) أي زالت الشبهة وارتفعت الشكوك. خامسها: أن هذا تمثيل لظهور آيات الله وتبيين آثار قهره وسلطانه ، مثلت حاله في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ، فإنه يظهر بمجرد حضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور عساكره كلها. وسادسها: أن الرب هو المربي ، ولعل ملكا هو أعظم الملائكة هو مربي للنبي صلى الله عليه وسلم جاء فكان هو المراد من قوله: ( وجاء ربك). تأملات في قوله تعالى: { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا }. أما قوله: ( والملك صفا صفا) فالمعنى أنه تنزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن والإنس.
قال تعالى كلا اذا دكت الارض دكا دكا جملة دكا دكا اسلوب استثناء او توكيد لفظي او اسلوب نداء - الأعراف
الثاني: يتذكر أي: يتعظ ، والمعنى أنه ما كان يتعظ في الدنيا فيصير في الآخرة متعظا فيقول: ( ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) [ الأنعام: 27]. الثالث: يتذكر يتوب وهو مروي عن الحسن ، ثم قال تعالى: ( أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين) [ الدخان: 13]: [ ص: 159]
واعلم أن بين قوله: ( يتذكر) وبين قوله: ( وأنى له الذكرى) تناقضا فلا بد من إضمار المضاف والمعنى ومن أين له منفعة الذكرى. ويتفرع على هذه الآية مسألة أصوليه ، وهي أن قبول التوبة عندنا غير واجب على الله عقلا ، وقالت المعتزلة: هو واجب. كلا اذا دكت الارض دكا دكا اعراب. فنقول: الدليل على قولنا أن الآية دلت ههنا على أن الإنسان يعلم في الآخرة أن الذي يعمله في الدنيا لم يكن أصلح له وإن الذي تركه كان أصلح له ، ومهما عرف ذلك لا بد وأن يندم عليه ، وإذا حصل الندم فقد حصلت التوبة ، ثم إنه تعالى نفى كون تلك التوبة نافعة بقوله: ( وأنى له الذكرى) فعلمنا أن التوبة لا يجب عقلا قبولها ، فإن قيل: القوم إنما ندموا على أفعالهم لا لوجه قبحها بل لترتب العقاب عليها ، فلا جرم ما كانت التوبة صحيحة ؟ قلنا: القوم لما علموا أن الندم على القبيح لا بد وأن يكون لوجه قبحه حتى يكون نافعا وجب أن يكون ندمهم واقعا على هذا الوجه ، فحينئذ يكونون آتين بالتوبة الصحيحة مع عدم القبول ، فصح قولنا.
كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة فقال تعالى "كلا" أي حقا "إذا دكت الأرض دكا دكا" أي وطئت ومهدت وسويت الجبال وقام الخلائق من قبورهم لربهم.