وهذه الأيام ربما قد يأتي السارق فيسرق بيت الجار ويأخذ كل ما فيه في وضح النهار، وجيرانهم ينظرون إليه ويقولون: لا ندري أهو منهم أو لا، كل هذا سببه تفكك الآصرة بين هؤلاء الجيران وتفرقهم. المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ، فهذا الحديث فيه تصوير وتوضيح لهذا المعنى بصورة حية ظاهرة يدركها كل أحد، فهي تقرب المعنى المعقول بالصورة المحسوسة، فينبغي للعبد أن يعرض نفسه على هذا الحديث، هل هو لإخوانه كالبنيان يشد بعضه بعضًا أو لا؟.
المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص بالانجليزي
14
Thursday
May 2015
شرح حديث شريف
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضاً – وشبك بين أصابعه" متفق عليه. هذا حديث عظيم، فيه الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمنين أنهم على هذا الوصف. ويتضمن الحثّ منه على مراعاة هذا الأصل. وأن يكونوا إخواناً متراحمين متحابين متعاطفين، يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه، ويسعى في ذلك، وأن عليهم مراعاة المصالح الكلية الجامعة لمصالحهم كلهم، وأن يكونوا على هذا الوصف فإن البنيان المجموع من أساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة، وما تتضمنه من سقوف وأبواب ومصالح ومنافع. أرشيف الإسلام - شرح وتخريج حديث ( المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا ثم شبك ... ) من صحيح البخاري. كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضها إلى بعض. كذلك المسلمون يجب أن يكونوا كذلك. فيراعوا قيام دينهم وشرائعه وما يقوِّم ذلك ويقويه، ويزيل موانعه وعوارضه. فالفروض العينية: يقوم بها كل مكلف، لا يسع مكلفاً قادراً تركها أو الإخلال بها. وفروض الكفايات: يجعل في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين، بحيث تحصل بهم الكفاية، ويتم بهم المقصود المطلوب. قال تعالى في الجهاد: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ}، وقال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} وأمر تعالى بالتعاون على البر والتقوى فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد، وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الدين إلا بها.
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
عناصر الخطبة ضرب الأمثال في السنة النبوية وسيلة دعوية تربوية الرابطة الإيمانية أقوى الروابط أهم حقوق الأخوة الإيمانية. الخُطْبَةُ الأُولَى: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. ان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾[آل عمران:102]. أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رَوَىَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِيِ صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ".
المؤمن للمؤمن كالبنيان In English
ومَن أعان فإنَّما يجيء مِن حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة، فله مثل أجر القائم، ثمَّ كذلك سائر أعمال البرِّ، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البرِّ فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها مِن الوزر والإثم مثل ما لعاملها) [670] ((عمدة القاري)) للعيني (12/289). وقال ابن عثيمين: (هذا مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، فإذا جهَّز الإنسان غازيًا، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي كُتِب له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه على الخير. وكذلك مَن خَلَفَه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أنَّ الغازي أراد أن يغزو ولكنَّه أُشْكِل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلًا مِن المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإنَّ هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه) [671] ((شرح رياض الصالحين)) (2/374). قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان ال… | Flickr. - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا نفَّس الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدُّنْيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدُّنْيا والآخرة.
ان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
ونبينا صلى الله عليه وسلم مع علو قدره ومنزلته، كان المثل الأعلى في التعاون, سواء كان في داخل بيته مع أهله، أو مع أصحابه ومجتمعه الذي يعيش فيه, والسيرة النبوية زاخرة بالأمثلة الدالة على ذلك. التعاون والمشاركة النبوية مع أهله في بيته:
عن الأسود رضي الله عنه قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله ـ تعني في خدمة أهله ـ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)، وعن عروة قال: (قلت ل عائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) رواه أحمد. وإذا كان التعاون في أمور الدنيا بين الزوج وزوجته مطلوباً ومندوباً إليه، فكذلك التعاون بينهما على أمور الآخرة مطلوب ومندوب إليه، بل هو أحْرى وأَوْلى، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( رحِم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلّى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) رواه أحمد. المؤمنون كالجسد الواحد. تعاون النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ومجتمعه:
ـ الهجرة النبوية: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ظهر فيها التعاون بصورة واضحة، ف أبو بكر الصديق رضي الله عنه اختاره النبي صلى الله عليه وسلم صاحباً ورفيقًا له في الهجرة، و على بن أبى طالب رضي الله عنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخلّف عن السفر ليؤدي عنه ودائع الناس وأماناتهم، وأن يلبس بردته ويبيت في فراشه تلك الليلة، حتى يظن المشركون الواقفون على باب بيته والذين يريدون قتله أنه صلى الله عليه وسلم لا يزال نائماً، في الوقت الذي يكون فيه هو وصاحبه قد خرجا من مكة في طريقهما إلى المدينة.
ويضيف: النبي الكريم أرشدنا إلى أهمية العمل التطوعي، وأكد مكانته بدعوة صريحة إلى تقديم يد العون للآخرين، وبذل الفضل لهم، والتوسعة عليهم، فيقول صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنيَا، نَفَّسَ الله عَنْهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّر عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». والعمل التطوعي هو ما تبرع الإنسان ليقوم به من تلقاء نفسه مما لا يلزمه ولا يجب عليه، ولا يبتغي من وراء ذلك نفعاً مادياً ولا معنوياً، وإنما يقدمه عن طواعية واختيار، رغبة في نفع الناس ومساعدتهم، وطلباً لمرضاة الله عز وجل. والعمل التطوعي دليل على الإيجابية التي يجب على المسلم أن يتحلى بها، والتي تعني الشعور بالمسؤولية والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع بالتوجيه والإصلاح والارتقاء بالفرد والوطن، ومن ثم يتحقق قول الله تعالى «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» الآية (71) سورة التوبة.
ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة للأسلحة المناسبة لكل زمان بحسبه. ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والمكاسب المتنوعة، والسعي في الأسباب الاقتصادية، ومنهم طائفة تشتغل بدرس السياسة وأمور الحرب والسلم، وما ينبغي عمله مع الأعداء مما يعود إلى مصلحة الإسلام والمسلمين، وترجيح أعلى المصالح على أدناها، ودفع أعلى المضار بالنزول إلى أدناها، والموازنة بين الأمور، معرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها. وبالجملة، يسعون كلهم لتحقيق مصالح دينهم ودنياهم، متساعدين متساندين، يرون الغاية واحدة، وإن تباينت الطرق، والمقصود واحد، وإن تعددت الوسائل إليه. فما أنفع العمل بهذا الحديث العظيم الذين أرشد فيه هذا النبي الكريم أمته إلى أن يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. ولهذا حث الشارع على لك ما يقوي هذا الأمر، وما يوجب المحبة بين المؤمنين، وما به يتم التعاون على المنافع، ونهى عن التفرق والتعادي، وتشتيت الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا أصلاً عظيماً من أصول الدين تجب مراعاته واعتباره وترجيحه على غيره والسعي إليه بكل ممكن. فنسأل الله تعالى أن يحقق للمسلمين هذا الأصل ويؤلف بين قلوبهم، ويجعلهم يداً واحدة على من ناوأهم وعاداهم.. إنه كريم.
تاريخ النشر: الأربعاء 1 محرم 1442 هـ - 19-8-2020 م
التقييم:
رقم الفتوى: 426292
27451
0
السؤال
زوجتي بها سحر، وتسيطر عليها جنية في أوقات وجودي بالمنزل، وخصوصا أوقات اختلائي بها. وجاءها معالج بالقرآن أكثر من مرة دون فائدة. واقعت الجنية في جسد زوجتي دون علم، وهي الآن تتحدث معي، وتخبرني بأنها لن تمكنني من زوجتي أبدا، وتطلب مني المعاشرة، ولكنني أرفض، وتحاول الوقيعة بيني وبين زوجتي بشتي الطرق. فما الحل؟ وهناك من عرض علي من أهلها أن نستعين بدجال؛ لأنه أخبرهم بما حدث بيني وبين الجنية، فأصبحوا يثقون في ما يقول. فما الحل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إتيان السحرة والكهان وتصديقهم، ولو كان الغرض هو حل السحر الموجود بالفعل! العلاج الشرعي للسحر - إسلام ويب - مركز الفتوى. وإنما العلاج يكون بالأسباب الشرعية، كقراءة سورة البقرة والمعوذات، واستعمال الرقى الشرعية، والمحافظة على الأذكار النبوية، وكثرة الاستغفار، والإلحاح في الدعاء، مع الصبر والمصابرة، وحسن الظن بالله، وصدق التوكل عليه. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: سئل صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: "هي من عمل الشيطان" ذكره أحمد وأبو داود، والنشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
ـ حل سحر بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان؛ فإن السحر من عمل الشيطان، فيتقرب إليه الناشر والمنتشر بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
العلاج الشرعي للسحر - إسلام ويب - مركز الفتوى
أمَّا عن حُكمِ اقتناءِ كُتُبِ السِّحْرِ فقد جوز المُؤَلِّفُ للعالمِ البَصيرِ وطالِبِ العِلمِ المتمَكِّنِ الاطِّلاعَ على هذه الكُتُبِ؛ مِن أجلِ تَبيينِ ما فيها مِن الكُفرِ والضَّلالِ. العلاج من السحر وحكم الذهاب للكهنة - فقه. ثمَّ تناول عددًا من المسائِلِ المُتعَلِّقةِ بعلاجِ السِّحْرِ، منها:
حُكمُ تخصيصِ آياتٍ مُعَيَّنةٍ في الرُّقيةِ مِن السِّحْرِ، وأشار إلى أنَّ الرُّقيةَ لا يُشتَرَطُ أن يكونَ مَنصوصًا على تفاصيلِها، بل الشَّرطُ أن تكون خاليةً مِن المُخالفاتِ الشَّرعيَّةِ، ثمَّ ذكَرَ عَددًا من الرُّقَى التي ورد عن بَعضِ السَّلَفِ استِعمالُها، وعُرِفَ بالتَّجرِبةِ أنَّها تُعالِجُ السِّحْرَ. كما نَبَّه إلى أنَّه يجوزُ استِعمالُ الأدويةِ الطَّبيعيَّةِ في علاجِ السِّحْرِ إذا عُرِفَ بالتَّجربةِ أنَّها تنفَعُ، وذَكَرَ منها العَسَلَ، والحبَّةَ السَّوداءَ، وماءَ زَمزَم، والحِجامةَ، وغَيرَها. وتكَلَّم عن حُكمِ ضَربِ الرَّاقي للمَسحورِ، وبَيَّنَ أنَّه يجوزُ ضَربُ المسحورِ بشُروطٍ، منها: أن يكونَ الضَّربُ مِن راقٍ خَبيرٍ بمواضِعِ الضَّربِ، وأن يتأكَّدَ الرَّاقي أنَّ الضَّربَ يقَعُ على الجنِّيِّ لا على المسحورِ، وغيرُها من الشُّروطِ. أمَّا عن حُكمِ رُقيةِ الرَّجلِ للمرأةِ، فأشار إلى أنَّ الرُّقيةَ ضَربٌ مِن العلاجِ، والأصلُ أنَّه لا يعالِجُ الرَّجُلُ المرأةَ، ولا تعالجُ المرأةُ الرَّجُلَ إلَّا عند الضَّرورةِ.
العلاج من السحر وحكم الذهاب للكهنة - فقه
وكذلك تكَلَّمَ عن حُكمِ أخذِ الأُجرةِ على الرُّقيةِ مِن السِّحْرِ، ورجَّحَ جوازَ أخذِ الأجرةِ على الرُّقيةِ، وجوازَ اشتِراطِها. أمَّا الفصلُ الثَّاني فقد خصَّصَه المُؤَلِّفُ لدراسةِ الأحكامِ المُتعَلِّقةِ بالسَّاحِرِ، وتكَلَّم فيه عن حُكمِ السَّاحرِ، وأشار إلى اتِّفاقِ الفُقَهاءِ على كُفرِ مَن اعتقَدَ إباحةَ السِّحْرِ، لكِنَّهم اختَلَفوا في حُكمِ السَّاحِرِ الذي لم يعتَقِدْ إباحةَ السِّحْرِ على قولينِ:
الأوَّل: أنَّ السَّاحِرَ يَكفُرُ بفِعلِه سواءٌ اعتقَدَ تَحريمَه أم لا. الثَّاني: أنَّ السَّاحِرَ يَكفُرُ بفِعلِ السِّحْرِ المُشتَمِل على كُفرٍ، أو كان مِمَّا يُفَرِّقُ بين الزَّوجَينِ. ورجَّحَ المُؤَلِّفُ أنَّ السَّاحِرَ لا يَكفُرُ إلَّا في خمسِ حالاتٍ، منها:
- أن يعتَقِدَ إباحةَ السِّحْرِ. - أن يقولَ أو يَفعَلَ ما هو كُفرٌ. - أن يستعينَ بالجِنِّ في معرفةِ ما لا يَقدِرُ على معرفتِه إلَّا اللهُ. ثمَّ تناول مسألةَ عُقوبةِ السَّاحِرِ، وبعد ذِكرِ أقوالِ العُلَماءِ وأدِلَّتِهم رجَّحَ أنَّ السَّاحِرَ يُقتَلُ في حالتَينِ:
- إذا اعتقدَ إباحةَ السِّحْرِ أو قال أو فَعَل ما يَكفُرُ به، بِشَرطِ أن يكون مُسلِمًا، وإذا تاب قُبِلَت تَوبتُه.
جاء الإسلام ليحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وجعل هذه الضرورات الخمس قواعد الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم، فحرّم كل اعتداء عليها، فحرم الكفر والردة لإخلالها بأصل الدين، وحرم قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء على الأموال والأعراض والأنساب، وحرّم الاعتداء على العقول بكافة أنواع المسكرات الحسية والمعنوية. والسحر لم يأت على قاعدة من هذه القواعد إلا وأفسدها، فالسحر والكفر قلما يفترقان، والسحر سبيل لتبذير المال وتضييعه، وهو مفسد للذرية بتفريق رباط الأسرة، وهو مدخل للزنا والاعتداء على الأعراض؛ وهو كذلك سبيل لاغتيال العقول وطمسها، فلا غرو حينئذ أن يقف الإسلام من السحر وأهله موقفا صارماً فقد حرم تعلمه وتعليمه، وأوجب كف الساحر عن سحره، وإقامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجله، وحرم على الناس الذهاب إلى السحرة والاستعانة بهم. وبين يديك - أخي القارئ – جملة من أحكام الشريعة الإسلامية، التي تبين لك كيف وقف الإسلام من السحر وأهله، وكيف تعامل مع أعمالهم وإفسادهم. حكم تعلم السحر وتعليمه:
اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" "... فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم" وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام ".