قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف:98 - 99] الآية، وقال في هذه الآية الكريمة: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} [الأنبياء:96] أي: يسرعون في المشي إلى الفساد، والحدب: هو المرتفع من الأرض، قاله ابن عباس وعكرمة وأبو صالح والثوري وغيرهم، وهذه صفتهم في حال خروجهم]. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنبياء - الآية 96. يخرجون من كل حدب أي: من كل مرتفع، ينسلون: يسرعون من أجل الفساد، فهم طبعوا على الفساد والعياذ بالله، ولهذا لما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى ينادي يوم القيامة يقول: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك فيقول: أخرج بعث النار، فيقول: يا رب من كم؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فشق ذلك على الصحابة، فقال: أبشروا فإن منكم واحد ومن يأجوج ومأجوج ألف). فهماً أمتان كافرتان عددهم كثير، إذا خرجوا فهذا وصفهم: من كل حدب ينسلون أي: من كل مرتفع يسرعون بالمشي لأجل الفساد، ولهذا يتحصن منهم عيسى عليه الصلاة والسلام -لأنهم سيخرجون في زمن عيسى بعدما ينزل- فيوحي الله إليه: أن حرز عبادي إلى الطور، فيتحصنون بجبل الطور، ثم يدعون عليهم فيهلكهم الله في ليلة واحدة؛ فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ويكونون كالتلال بعضهم فوق بعض، ثم يأمر الله طيراً فتأتي تأخذهم وتلقيهم في البحر، ثم ينزل الله مطراً ليغسل الأرض، وهذا من حكمة الله؛ لأنهم لو بقوا لأنتنت الأرض وهلك الناس.
وصف يأجوج ومأجوج في السنة - موضوع
وقد تضمنت الآيات السابقة إشارة جلية إلى أن بقاء "يأجوج" و"مأجوج" محصورين بالسد إنما هو إلى وقت معلوم { فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء}، وهذا الوقت هو ما أخبر عنه النبي – صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه، من أن خروجهم يكون في آخر الزمان قرب قيام الساعة. كما ورد ذكر "يأجوج" و"مأجوج" أيضاً في موضع آخر من القرآن يبين كثرتهم وسرعة خروجهم وذلك في قوله تعالى: { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون}(الأنبياء:96). ذكر يأجوج ومأجوج في الحديث النبوي
رسمت الأحاديث النبوية ملامح أكثر وضوحاً عن عالم "يأجوج" و"مأجوج" وكشفت عن كثير من نواحي الغموض فيهم. حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج – جربها. فبنيت أن لديهم نظاماً وقائداً يحتكمون لرأيه، وأن السد الذي حصرهم به ذو القرنين ما زال قائماً، وأنه يمنعهم من تحقيق مطامعهم في غزو الأرض وإفسادها، ولذا فمن حرصهم على هدمه يخرجون كل صباح لحفر هذا السد، حتى إذا قاربوا هدمه أخروا الحفر إلى اليوم التالي، فيأتون إليه وقد أعاده الله أقوى مما كان، فإذا أذن الله بخروجهم حفروا حتى إذا قاربوا على الانتهاء قال لهم أميرهم: ارجعوا إليه غدا فستحفرونه - إن شاء الله - فيرجعون إليه وهو على حاله حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس فيشربون مياه الأنهار، ويمرون على بحيرة طبرية فيشربها أولهم، فيأتي آخرهم فيقول: لقد كان هنا ماء!!
عندما يأذن الله -تعالى- بخروجهم يقولُ لهم قائدهم بعد أن ينتهوا من حفر السد؛ ارجعوا غدًا فستحفرونه إن شاء الله، فيرجعون فيجدونه كما تركوه، فيُكملون الحفر فيهدمون السد ويخرجون. عندما يخرج يأجوج ومأجوج ينتشرون في الأرض بسرعة، ويشربون مياه الأنهار، ويشربون ماء بحيرة طبرية كاملً فتجف، ويمرُّ آخرهم على البحيرة فلا يجدون فيها ماءً، فيقولون كان هنا ماء. وصف يأجوج ومأجوج في السنة - موضوع. يتفوق يأجوج ومأجوج على أهل الأرض جميعًا، ويملكون قوةً لا يملكها أحدٌ غيرهم، وذلك إما لأنهم أكثرُ تقدمًا في الشأن المادي والحضاري، أو أن في زمنهم تكون الحضارة المادية والتطور الذي وصلت إليه قد زال واندثر، فيرجع البشر إلى الحياة البدائية، ويؤيد ذلك ما ورد في الحديث أن المسلمين سيُشعلون النار من أخشاب الأقواس والسهام والتروس التي يتركها يأجوج ومأجوج سبع سنين. من صفات قوم يأجوج ومأجوج الجسدية أن وجوههم عريضة ومدورة، وعيونهم صغيرة، وأن لون شعرهم أشقر. يهرب الناس من يأجوج ومأجوج ويخافون منهم فيختبؤون، فيزداد غرورهم وتكبرهم في الأرض فيرمون السهام إلى السماء فتعود إليهم وعليها آثار الدم فتنةً وبلاءً من الله -تعالى- فيقولون تكبرًا: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنبياء - الآية 96
وجاء في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوسي: وحَتَّى في قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ابتدائية، والكلام بعدها غاية لما يدل عليه ما قبلها، كأنه قيل: يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ويقولون يا ويلنا.. إلخ. أو: غاية للحرمة، أي: يستمر امتناع رجوعهم إلى التوبة حتى إذا قامت القيامة يرجعون إليها، وذلك حين لا ينفعهم الرجوع، أو غاية لعدم الرجوع عن الكفر، أي: لا يرجعون عنه حتى إذا قامت القيامة يرجعون عنه، وهو حين لا ينفعهم ذلك، وهذا بحسب تعدد الأقوال في معنى الآية المتقدمة والتوزيع غير خفي. وقال ابن عطية: حتى متعلقة بقوله تعالى: تَقَطَّعُوا.. قال أبو حيان: وفيه بعد من كثرة الفصل لكنه من جهة المعنى جيد، وحاصله: أنهم لا يزالون مختلفين غير مجتمعين على دين الحق إلى قرب مجيء الساعة، فإذا جاءت الساعة انقطع ذلك الاختلاف، وعلم الجميع أن مولاهم الحق، وأن الدين المنجي كان دين التوحيد... اهـ. والله أعلم.
[٩] [٤]
المراجع ↑ خالد الراشد، دروس الشيخ خالد الراشد ، صفحة 1. بتصرّف. ↑ سورة الكهف، آية:93-94
↑ سورة الكهف، آية:98
^ أ ب ت ث "يأجوج ومأجوج... حقائق وغرائب" ، اسلام ويب ، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2021. بتصرّف. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم:4311، صحيح. ↑ سورة الأنبياء، آية:96
↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1593، صحيح. ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي ، صفحة 250. بتصرّف. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:7416، صحيح.
حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج – جربها
من هم يأجوج ومأجوج ؟ وما هي أوصافهم ؟ وهل حقاً أن فيهم أناساً طوالاً كشجر الأرز، وآخرين قصاراً لا يتجاوزون شبر الإنسان العادي ؟ وهل صحيح أن البعض منهم يفترش أذناً ويتغطى بأخرى ؟ ولا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف ذكر كلٌ قد حمل السلاح. أسئلة ندرك من خلالها حرص الكثير من الناس على استكشاف هذا العالم ومعرفة خفاياه، وربما دفعهم الفضول إلى التزيد في أوصافهم والمبالغة فيها إلى حد الخرافة أو قريباً منها، إلا أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة قد أوضحا قصتهم وقدما وصفا تفصيلياً عنهم. ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن
ورد ذكر " يأجوج ومأجوج " في القرآن الكريم في قوله تعالى:{ حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولاً * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا.. الآيات} ( الكهف: 93 وما بعدها). وهذه الآيات تبين لنا كيف كان "يأجوج" و"مأجوج" في قديم الزمان أهل فساد وشر وقوة لا يصدّهم شيء عن ظلم من حولهم لقوتهم وجبروتهم، حتى قدم الملك الصالح ذو القرنين، فاشتكى له أهل تلك البلاد ما يلقون من شرهم، وطلبوا منه أن يبني بينهم وبين "يأجوج ومأجوج" سدّاً يحميهم منهم، فأجابهم إلى طلبهم، وأقام سداً منيعاً من قطع الحديد بين جبلين عظيمين، وأذاب النحاس عليه، حتى أصبح أشدّ تماسكاً، فحصرهم بذلك السد واندفع شرهم عن البلاد والعباد.
فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة". رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم. كما جاءت أحاديث كثيرة تثبت خروج يأجوج ومأجوج آخر الزمان، منها ما رواه أبو سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون كما قال الله تعالى: ﴿ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 96]. فيفش الناس وينحازون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، فيضربون ويشربون مياه الأرض حتى إن بعضهم ليمر بذلك النهر، فيقول: قد كان ههنا ماء مرة، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض، قد فرغنا منهم، بقي أهل السماء. قال: ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليهم مخضبة دماء للبلاء والفتنة، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عليهم داء في أعناقهم كنَغَف الجراد الذي يخرج في أعناقه، فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو؟ قال: فينجرد رجل منهم محتسبًا نفسه، قد أوطنها على أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين ألا أبشروا، إن الله قد كفاكم عدوكم.
وأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن امرأة بغيا رأت كلبا ًفي يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها – أي استقت له بخفها – فغفر لها " فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب. وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته لإبلي ورد عليّ البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في كل ذات كبد أجرا " رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون. وعن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعشم قال: يا رسول الله، الضالة ترد على حوضي فهل فيها أجر إن سقيتها؟ قال: "اسقها؛ فإن في كل ذات كبد حرَّى أجرا ً"رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه ابن ماجة والبيهقي. جزاء تعذيب الحيوان - الأعراف. وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسلمة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة فما أصابت في طلبها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواؤها وأثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له.. " الحديث.
جزاء تعذيب الحيوان - الأعراف
وقال العقيلي: "جاء في النهي عن صبر البهيمة أحاديث جياد"، وقال ابن حجر (فتح الباري 12/65): "وفي هذه الأحاديث تحريم تعذيب الحيوان" والتحريم يقتضي العقاب، والعقاب أثر من آثار الجريمة، وهذا يعني: أن الإساءة إلى الحيوان وتعذيبه وعدم الرفق به يعتبر جريمة في نظر الشريعة الإسلامية، وورد النهي عن خصاء البهائم كما جاء في شرح معاني الآثار للطحاوي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخصى الإبل والبقر والغنم والخيل، وإذا دعت الضرورة إلى ذلك في الحيوان الذي يخشى عضاضه، ووجد طريق آخر لمنع أذاه من غير طريق الخصاء فإنه لا خلاف في منع الخصاء حينئذ؛ لأنه تعذيب.
جزاء تعذيب الحيوان - مجلة أوراق
رجل صالح " الكلمة التي تصلح اسما لانّ هي ؟
كنز العمال: 39981.