القول في تأويل قوله: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنْ تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، بإماتتك إياهم عليها ="فإنهم عبادك"، مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردت بهم، ولا يدفعون عن أنفسهم ضرًّا ولا أمرًا تنالهم به ="وإن تغفر لهم"، بهدايتك إياهم إلى التوبة منها، فتستر عليهم ="فإنك أنت العزيز"، [[انظر تفسير"العباد"، و"المغفرة"، و"العزيز"، و"الحكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (عبد) ، (غفر) ، (عزز) ، (حكم). ]] في انتقامه ممن أراد الانتقام منه، لا يقدر أحدٌ يدفعه عنه ="الحكيم"، في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة، وتوفيقه من وفَّق منهم لسبيل النجاة من العقاب، كالذي:-
١٣٠٣٧ - حثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم"، فتخرجهم من النصرانية، وتهديهم إلى الإسلام ="فإنك أنت العزيز الحكيم". منتديات ستار تايمز. وهذا قول عيسى في الدنيا. ١٣٠٣٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"، قال: والله ما كانوا طعَّانين ولا لعَّانين.
منتديات ستار تايمز
وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدث عن عبدالرحمن بن جبير عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول عيسى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فرفع يديه فقال "اللهم أمتي" وبكى فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فاسأله ما يبكيه؟ فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.
4-أن من أراد بذلك الدعاء- وليس البراءة- كان مسيئا للأدب، مظهرا لعدم الحاجة إلى المغفرة. قال القرافي رحمه الله: " (القسم السابع) من الدعاء المحرم الذي ليس بكفر: وهو الدعاء المعلق على مشيئة الله تعالى، فلا يجوز أن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، ولا اللهم اغفر لي إلا أن تشاء، ولا اللهم اغفر لي إلا أن يكون قد قدرت غير ذلك، وما أشبه هذه النظائر؛ لما ورد في الصحيح" لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت وليعزم المسألة. وسره: أن هذا الدعاء عري عن إظهار الحاجة إلى الله تعالى، ويشعر بغنى العبد عن الرب" انتهى من "الفروق" (4/ 285). 5-أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قول عيسى عليه السلام، وعدل عنه إلى الدعاء لأمته، فقال: (اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي)؛ فدل على أن مقام الدعاء، غير مقام البراءة.