(1/2)
[ المشركون
الذين قاتلهم الرسول كانوا يدعون الصالحين فكفروا بهذا مع إقرارهم لله
بتوحيد الربوبية]
وتمام هذا، أن تعرف أنّ المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم كانوا يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وعُزير وغيرهم من
الأولياء، فكفروا بهذا مع إقرارهم بأنّ الله هو الخالق الرازق المدبّر،
وإذا عرفت هذا عرفت معنى لا إله إلاّ الله، وعرفت أن من دعا نبيا أو ملكا
أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام، وهذا هو الكفر الذي قاتلهم
عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإن قال قائل من المشركين نحن نعرف أنّ الله هو الخالق الرازق المدبّر،
يمكّن هؤلاء الصالحين أن يكونوا مقرّبين ونحن ندعوهم وننذر لهم وندخل
عليهم ونستغيث بهم ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة، وإلاّ نحن نفهم أنّ الله
هو الخالق المدبّر. فقل: كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله فإنّهم يدعون عيسى وعزيرا والملائكة
والأولياء يريدون ذلك، كما قال تعالى: {والذين اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ
أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ
زُلْفَى} [الزمر: 3]
وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ
وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}
[يونس: 18]
فإذا تأمّلت هذا تأملا جيدًا، عرفت أنّ الكفار يشهدون لله بتوحيد
الربوبية، وهو تفرّد بالخلق والرزق والتدبير، وهم ينخون عيسى والملائكة
والأولياء يقصدون أنهم يقرّبونهم إلى الله ويشفعون عنده.
معني اشهد ان لا اله الا الله
إذا فهمت ذلك فتأمل هذه الألوهية التي أثبتها الله لنفسه، ونفاها عن محمد
وجبرائيل وغيرهما، أن يكون لهم مثقال حبة من خردل، فاعلم أنّ هذه
الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر والولاية، والإله معناه
الولي الذي فيه السرّ، وهو الذي يسمونه الفقير والشيخ، وتسميه العامة
السيد وأشباه هذا، وذلك أنهم يظنون أنّ الله جعل لخواص الخلق منزلة، يرضى
أنّ الإنسان يلتجئ إليهم ويرجوهم ويستغيث بهم ويجعلهم واسطة بينه وبين
الله، فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم وهم الذين يسميهم
الأولون (الآلهة) ، والواسطة هو الإله، فقول الرجل لا إله إلاّ الله،
إبطال الوسائط.
لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد الخالص، وهي أعظم فريضة فرضها الله على عباده، وهي من الدين بمنزلة الرأس من الجسد. وقد ورد في فضلها أحاديث منها: ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ». وما رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ». ومنها ما رواه البخاري في " الأدب المفرد " وصححه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إن نبي الله نوحاً صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه: آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن. معني اشهد ان لا اله الا الله. ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله » فهذه بعض فضائل هذه الكلمة العظيمة. أما معناها فقال العلماء إنه: لا معبود يستحق العبادة إلا الله ، فهي تتكون من ركنين أساسيين، الأول: نفي الألوهية الحقيقية عن غير الله سبحانه، والثاني: إثبات الألوهية الحقيقية له سبحانه دون من سواه.
معنى لا إله إلا الله
نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.
قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 – 3]. حـ- دعوة الناس إلى دين الله وجهاد الصادِّين عن سبيل الله: إن العبد إذا ذاق حلاوة الإيمان وتمكن حبُّ الله من قلبه، وحبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يسعى جاهداً في أن يُجنِّبَ نفسه وأهله وإخوانه وعشيرته والناس أجمعين من ظلمات الكفر والإلحاد والشرك إلى نور الإيمان والهداية والقرآن. – فالمؤمن يدعو إلى الله متحملاً أذى الناس، محتسباً الأجر والثواب عند الله سبحانه. قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]. وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]. معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من حمر النعم". وقال صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كأن له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً".