وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ في الآيَةِ قالَ: قَدْ رَقَّمَ اللَّهُ عَلى الفُجّارِ ما هم عامِلُونَ في سِجِّينٍ فَهو أسْفَلُ والفُجّارُ مُنْتَهُونَ إلى ما قَدْ رَقَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ورَقَّمَ عَلى الأبْرارِ ما هم عامِلُونَ في عِلِّيِّينَ وهم (p-٢٩٤)فَوْقَ فَهم مُنْتَهُونَ إلى ما قَدْ رَقَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: سَجِينٌ أسْفَلُ الأرْضِينِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الفَلَقُ جُبٌّ في جَهَنَّمَ مُغَطًّى وأمّا سِجِّينٌ فَمَفْتُوحٌ». وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَلا إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ﴾ قالَ: عَمَلُهم في الأرْضِ السّابِعَةِ لا يَصْعَدُ. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المطففين - قوله تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين - الجزء رقم19. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿كَلا إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ﴾ قالَ: تَحْتَ الأرْضِ السُّفْلى فِيها أرْواحُ الكُفّارِ وأعْمالُهم أعْمالُ السُّوءِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ والمُحامِلِيُّ في أمالِيهِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: سِجِّينٌ صَخْرَةٌ تَحْتَ الأرْضِ السّابِعَةِ في جَهَنَّمَ تُقْلَبُ فَيُجْعَلُ كِتابُ الفاجِرِ تَحْتَها.
إعراب سورة المطففين
ويل يومئذ للمكذبين أي شدة وعذاب يوم القيامة للمكذبين. ثم بين تعالى أمرهم فقال: الذين يكذبون بيوم الدين أي بيوم الحساب والجزاء والفصل بين العباد. وما يكذب به إلا كل معتد أثيم أي فاجر جائز عن الحق ، معتد على الخلق في معاملته إياهم وعلى نفسه ، وهو أثيم في ترك أمر الله. وقيل هذا في الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونظرائهما لقوله تعالى: إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وقراءة العامة تتلى بتاءين ، وقراءة أبي حيوة وأبي سماك وأشهب العقيلي والسلمي: ( إذا يتلى) بالياء. و أساطير الأولين: أحاديثهم وأباطيلهم التي كتبوها وزخرفوها. إعراب سورة المطففين. واحدها أسطورة وإسطارة ، وقد تقدم.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المطففين - قوله تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين - الجزء رقم19
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) قوله تعالى: كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال قوم من أهل العلم بالعربية: ( كلا) ردع وتنبيه ، أي ليس الأمر على ما هم عليه من تطفيف الكيل والميزان ، أو تكذيب بالآخرة ، فليرتدعوا عن ذلك. فهي كلمة ردع وزجر ، ثم استأنف فقال: إن كتاب الفجار. وقال الحسن: كلا بمعنى حقا. وروى ناس عن ابن عباس كلا قال: ألا تصدقون; فعلى هذا: الوقف " لرب العالمين. وفي تفسير مقاتل: إن أعمال الفجار. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة المطففين - الآية 7. وروى ناس عن ابن عباس قال: إن أرواح الفجار وأعمالهم لفي سجين. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: سجين صخرة تحت الأرض السابعة ، تقلب فيجعل كتاب الفجار تحتها. ونحوه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير ومقاتل وكعب; قال كعب: تحتها أرواح الكفار تحت خد إبليس. وعن كعب أيضا قال: سجين صخرة سوداء تحت الأرض السابعة ، مكتوب فيها اسم كل شيطان ، تلقى أنفس الكفار عندها. وقال سعيد بن جبير: سجين تحت خد إبليس. يحيى بن سلام: حجر أسود تحت الأرض ، يكتب فيه أرواح الكفار. وقال عطاء الخراساني: هي الأرض السابعة السفلى ، وفيها إبليس وذريته. وعن ابن عباس قال: إن الكافر يحضره الموت ، وتحضره رسل الله ، فلا يستطيعون لبغض الله له وبغضهم إياه ، أن يؤخروه ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته ، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه ، ورفعوه إلى ملائكة العذاب ، فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر ، ثم هبطوا به إلى الأرض السابعة ، وهي سجين ، وهي آخر سلطان إبليس ، فأثبتوا فيها كتابه.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة المطففين - الآية 7
وقال بعض أهل العربية: ذكروا أن سجين: الصخرة التي تحت الأرض ، قال: ويرى أن سجين صفة من صفاتها ، لأنه لو كان لها اسما لم يجر ، قال: وإن قلت: أجريته لأني ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها. وإنما اخترت القول الذي اخترت في معنى قوله: ( سجين) لما حدثنا ابن وكيع ، قال: ثنا ابن نمير ، قال: ثنا الأعمش ، قال: ثنا المنهال بن عمرو ، عن زاذان أبي عمرو ، عن البراء ، قال: ( سجين) الأرض السفلى. حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ، عن البراء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: وذكر نفس الفاجر ، وأنه يصعد بها إلى السماء ، قال: " فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث ؟ قال: فيقولون: فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له. فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) فيقول الله: اكتبوا كتابه في أسفل الأرض في سجين في الأرض السفلى ". حدثنا نصر بن علي ، قال: ثنا يحيى بن سليم ، قال: ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: ( 24 - 285 كلا إن كتاب الفجار لفي سجين) قال: سجين: صخرة في الأرض السابعة ، فيجعل كتاب الفجار تحتها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ ماجَهَ والطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «لَمّا حَضَرْتَ كَعْبًا الوَفاةُ أتَتْهُ أمُّ بِشْرٍ بِنْتِ البَراءِ فَقالَتْ: إنْ لَقِيتَ ابْنِي فاقْرَؤُهُ مِنِّي السَّلامَ فَقالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ يا أُمَّ بِشْرٍ نَحْنُ أشْغَلُ مِن ذَلِكَ فَقالَتْ: أما سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إنَّ نَسَمَةَ المُؤْمِنِ تَسْرَحُ في الجَنَّةِ حَيْثُ شاءَتْ وإنَّ نَسَمَةَ الكافِرِ في سِجِّينٍ قالَ: بَلى قالَتْ: فَهو ذَلِكَ». وأخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قالَ: التَقى سَلْمانُ وعَبْدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ فَقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: إنْ مِتَّ قَبْلِي فالقِنِي فَأخْبِرْنِي بِما صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ وإنْ أنا مِتُّ قَبْلَكَ لَقِيتُكَ فَأخْبَرْتُكَ، فَقالَ عَبْدُ اللهِ: كَيْفَ هَذا؟ أوَيَكُونُ هَذا؟ قالَ: نَعَمْ إنَّ أرْواحَ المُؤْمِنِينَ في بَرْزَخٍ مِنَ الأرْضِ تَذْهَبُ حَيْثُ شاءَتْ ونَفْسُ الكافِرِ في سِجِّينٍ.