لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) قوله تعالى: لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور.
تفسير &Quot;لقد كان لسبا في مسكنهم ايه&Quot;
والبيتان من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن، وروايته: "قفى" في موضع "عفى" وهو بمعناه. و "رخام" بالخاء في موضع رجام، والرجام: الصخور العظيمة، جمع رجمة. توضع على القبر ونحوه. وفسر قوله "لم يرم": أي حبسه. والضمير راجع إلى الماء. وقال في قوله تعالى: (سيل العرم): واحدها عرمة، وهي بناء مثل المشان، يحبس بها الماء فيشرف به على الماء في وسط الأرض، ويترك فيه سبل للسفينة. فتلك العرمات. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة سبأ - قوله تعالى لقد كان لسبأ في مساكنهم آية - الجزء رقم23. واحدها عرمة. ا هـ. وفي (اللسان: سني) المسناة: العرم. وفي (اللسان: عرم) العرم يفتح الراء وكسرها، وكذلك واحدها، وهو العرمة: والعرم سد يعترض به الوادي. والجمع عرم. وقيل العرم: وجمع لا واحد له. وقال أبو حنيفة: العزم الأحباس تبنى في أوساط الأودية. ا. هـ. وهي ما نسميه اليوم: خزانات أو قناطر.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة سبأ - قوله تعالى لقد كان لسبأ في مساكنهم آية - الجزء رقم23
حدثنا أبو كريب قال: ثنا العنقزي قال: أخبرني أسباط بن نصر ، عن يحيى بن هانئ المرادي ، عن أبيه ، أو عن عمه ( أسباط شك) قال: قدم فروة بن مسيك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: يا رسول الله ، أخبرني عن سبإ أجبلا كان أو أرضا؟ فقال: " لم يكن جبلا ولا أرضا ولكنه كان رجلا من العرب [ ص: 376] ولد عشرة قبائل ، ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال: " وأنمار الذين يقولون منهم بجيلة ، وخثعم ". فإن كان الأمر كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن سبأ رجل ، كان الإجراء فيه وغير الإجراء معتدلين ، أما الإجراء فعلى أنه اسم رجل معروف ، وأما ترك الإجراء فعلى أنه اسم قبيلة أو أرض. وقد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء. واختلفت القراء في قراءة قوله ( في مسكنهم) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين ( في مساكنهم) على الجماع ، بمعنى منازل آل سبإ. لقد كان لسبا في مسكنهم اية. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين ( في مسكنهم) على التوحيد ، وبكسر الكاف ، وهي لغة لأهل اليمن فيما ذكر لي. وقرأ حمزة ( مسكنهم) على التوحيد وفتح الكاف. والصواب من القول في ذلك عندنا: أن كل ذلك قراءات متقاربات المعنى ، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب. وقوله ( آية) قد بينا معناها قبل.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة سبإ - الآية 15
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) ذُكر لنا أن سيل العرم وادٍ كانت تجتمع إليه مسايل من أودية شتى، فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبوابا، وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدون عنهم ما لم يعنوا به من مائه شيئا. حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) وادٍ يدعى العرم، وكان إذا مطر سالت أودية اليمن إلى العرم، واجتمع إليه الماء فعمدت سبأ إلى العرم فسدوا ما بين الجبلين، فحجزوه بالصخر والقار، فانسد زمانًا من الدهر، لا يرجون الماء، يقول: لا يخافون. وقال آخرون: العرم صفة للمسناة التي كانت لهم وليس باسم لها. * ذكر من قال ذلك: حدثني علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (سَيْلَ الْعَرِمِ) يقول: الشديد، وكان السبب الذي سبب الله لإرسال ذلك السيل عليهم فيما ذُكر لي جُرذًا ابتعثه الله على سدهم، فثقب فيه ثقبًا. ثم اختلف أهل العلم في صفة ما حدث عن ذلك الثقب مما كان فيه خراب جنتيهم. لقد كان لسبأ في مسكنهم. فقال بعضهم: كان صفة ذلك أن السيل لما وجد عملا في السد عمل فيه، ثم فاض الماء على جناتهم؛ فغرقها وخرب أرضهم وديارهم.
ها هي مملكة مطمئنة هانئة يأتيها الرزق من كل مكان فالماء رقراق والجنان تحيطها من كل جانب والخير وفير, والسفر آمن والحياة مستقرة. فلما أعرضوا عن الله وابتعدوا عن منهج الأنبياء وبالغوا في الابتعاد نزل عليهم العقاب, فهدم السد وطغى ماء السيل وخربت الجنان, وتبدلت الحياة إلى نمط من الصعوبة والخشونة غير معهود لهم, عسى أن يرجعوا ويتوبوا ولكن زاد استكبارهم فتحدوا الله أن يباعد بين أسفارهم فمزقهم وشردهم. أطاعوا إبليس واتبعوه وفعلوا ما أراد وما كان كل هذا إلا اختبار, امتحان السراء امتحان النعم الوفيرة التي في الغالب تنسي صاحبها حق المنعم وشكره.