العبادة هي الغاية من وجود الإنسان في هذه الحياة, وهي التي من أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب, {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. ( الذاريات 56). والله عز وجل كما أنه لم يخلق هذا الإنسان عبثا بل خلقه لغاية محددة, ووظيفة عظيمة, فكذلك لم يتركه هملا لا يعرف كيف يؤدي هذه الوظيفة التي من أجلها خُلِق, فخلقه وعلمه, ودله على الطريق الموصلة إليه سبحانه, وجعلها طريقا واحدة, دليلها الكتاب, وبابها الرسول, فمن أراد سلوك الطريق من غير دليل تاه, ومن أراد الولوج من غير باب الرسالة وبدون مفتاح النبوة فقد ضل سواء السبيل, فبين سبحانه للناس على ألسنة رسله كيف يعبدوه ويوحدوه, وحدد لهم مجالات هذه العبادة وضوابطها, فلا يعبد إلا الله وحده, ولا يعبد كذلك إلا بما شرعه من الدين. من احدث في امرنا هذا ماليس منه فهو رش مبيدات. وجاءت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة تحث على الاعتصام بالوحي واتباعه, وتحذر من اتباع غيره من الأهواء والضلالات قال تعالى: { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} ( الأنعام 153). وحذر سبحانه من مخالفة أمر رسوله وسنته وشريعته فقال عز وجل: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ( النور 63).
من احدث في امرنا هذا ماليس منه فهو بيدات
تاريخ النشر: السبت 7 شعبان 1429 هـ - 9-8-2008 م
التقييم:
رقم الفتوى: 111180
75596
0
342
السؤال
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "، هل هذا يعني أن: من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فليس رد. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الحديث يحتوي قاعدة من قواعد الإسلام وأصلا عظيما من أصوله، وهو يفيد أن ما خالف أمرنا مردود وأن ما وافقه مقبول، فقد قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وهذا الحديث أصلٌ عظيم من أُصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أنّ حديث: الأعمال بالنيَّات ميزان للأعمال في باطِنها، فكما أنَّ كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كلُّ عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردودٌ على عامله، وكلُّ مَنْ أحدثَ في الدِّين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس مِنَ الدين في شيء. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْدُودٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَقَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِهِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: مَنْ اخْتَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَا يَشْهَدُ لَهُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي إبْطَالِ الْمُنْكَرَاتِ وَإِشَاعَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ كَذَلِكَ.
3- وفيه أن النهي يقتضي الفساد، وأن الدين الإسلامي كامل لا نقص فيه. 4- تحريم إحداث شيء في دين الله، ولو عن حسن نية. الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). 5- خطر البدع والإحداث في الدين؛ لأن البدع تستلزم أن الشريعة غير كاملة، وأنها لم تتمَّ والعياذ بالله، وهذا تكذيب للقرآن؛ قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فهذه الآية الكريمة تدل على تمام الشريعة وكمالها، وكفايتها لكل ما يحتاجه الخلق؛ قال ابن كثير: "هذه أكبر نِعَمِ الله على هذه الأمة؛ حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره". 6- البدعة لا تستند إلى دليل شرعي فهي تُردُّ في وجه صاحبها. 7- وجوب معرفة البدع للتحذير منها والتنفير؛ قال الشاعر:
عرفتُ الشرَّ لا للشر
لكن لتوقيهِ
ومن لا يعرف الشر
من الخير يقع فيهِ
8- التحذير من البدع المذمومة شرعًا، وأن البدع أحب إلى إبليس من المعصية؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن أهل البدع شرٌّ من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع". 9- الحث على الاهتمام بالدين. 10- كمال الدين، وأن ديننا كامل فلا يحتاج إلى من يكمله؛ قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما بقي شيء يقرب إلى الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم))؛ [رواه الطبراني]، قال ابن الماجشون: "سمعتُ مالكًا يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]، فما لم يكن يؤمئذٍ دِينًا، فلا يكون اليوم دينًا".