لذلك، اختارت الروائية الأميركية سارة دان، مؤلفة رواية "الحب الكبير" [2] ، أن تخوض غمار التحدي بالكتابة عن الحب بعفوية تثق في صوتها الداخلي، لتُخرج تناول الحُب من إطار الكليشيه الملحمي، إلى صورة لعلاقة عاطفية عصرية على الطريقة الغربية، بحميمية آسِرة في السرد. فبدت امرأة متأملة في ذاتها، تتعرض لصدمة عاطفية، تحتاج، كي تتحرر من ثقلها، لأن تكتب رسالة لصديق تشرح له حالتها. البحث عن الحب - ويكيبيديا. لكن ما يحدث هو أنها تجد هذه الرسالة قد طالَت وتحولت إلى رواية، وأن هذه الرواية انتهت إلينا نحن القراء، فنقلتنا من خلالها إلى قلب العاصفة التي تعيشها الشخصية الرئيسة للرواية، فيما يقرر صديقها هجرانها على نحو مفاجئ بعد أربع سنوات من العلاقة خارج الزواج، وهي في عمر الثانية والثلاثين، وهو ما يتجاوز الألم العاطفي إلى الأشباح الخاصة بالنساء: "هاجس العنوسة" و"حلم الأمومة"، وهي بطبيعة الحال ألفاظ إشكالية، تطرح تساؤلات نسوية عصرية مشوبة بكبرياء النساء من قبيل: هل العنوسة هاجس؟ وهل الأمومة حُلم؟ هنا ندع هذه الأسئلة جانبًا ونقرر أن نستمع إلى صوت الشخصية الرئيسية في الرواية. اسمها أليسون هوبكنز، وهي تنتمي إلى الطائفة الإنجيلية. طائفة، وفقاً لوصفها، "متشددة دينيًا"، تحظر على أفرادها ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وهو ما جعل أليسون تحافظ على "عذريتها" حتى سن الخامسة والعشرين الذي تقرر عنده التحرر من معتقدات طائفتها ووضع حد لهذه الحالة، منتظرة خلال ذلك أن تعثر على الزوج المناسب، الذي تحول بالنسبة إليها إلى هاجس منذ سن الثالثة عشرة، لأنه صورة للمتعة الممنوعة، وهو ما جعل عدم تحققه، أي زواجها، يعني خسارة فرصتها الوحيدة في التجربة.
لا تبحث عن الحب قصير
هو يدرك جيداً بأنّ العلاقات هي عبارة عن التضحيات وأنّ على الشخص ان يُبدّل ويُعدّل كي تنجح العلاقة. وبالتالي وبما أنّ الأمور معقدة ومنهكة لهذه الدرجة، سيكون الجوزاء أول الأبراج التي ستصرح علناً بأنها في غاية السعادة لأنها لا تسعى وراء الحب. رحلة البحث عن الحب الحقيقى..5 نصائح للعثور عليه - اليوم السابع. البرج هذا يعاني من مشكلة جدية تمنعه من الإلتزام بأي شيء، لذلك حين يجد نفسه أمام فرصة للدخول في علاقة لا إلتزامات فيها ولا مسؤوليات فهو لا يمانع على الإطلاق. قد يستغل الجوزاء الآخرين لأنه حين ينتهي من التسلية وتصبح العلاقة في مكان ما لم يعد يمنحه المرح الذي جذبه منذ البداية فهو سيرحل بكل بساطة فحتى انهاء العلاقة سيتم بخفة وببساطة. برج الميزان
يكره الميزان أن يتم إستعجاله أو أن يرغم على إتخاذ القرارات وعليه طالما هو في تلك المساحة الرمادية التي لا تلزمه بشيء فهو سعيد للغاية. وبما أنه يسعى لعلاقة متساوية لناحية الأخذ والعطاء فانّ العلاقات العابرة أفضل خيار له لأنه أيضاً يوفر على نفسه عناء المرور بالمرحلة التي يكرهها بشدة حيث عليه أن يتحدث عما يريده من علاقة جدية. هو سعيد كما هو تماماً، فهو لا يحتاج للقلق حول ما الذي يريده أو التفكير بالأمور التي أزعجته.
لا تبحث عن الحب يجعلك تبكي
وبخصوص الجزء الثاني من الشرط الثاني "كون الشريك قادراً على تلبية احتياج شريكه أم لا" كانت لدي صديقة تُعاني دائماً في علاقتها مع حبيبها من أن كلاً منهما يحتاج إلى شيء مختلف تماماً عن الآخر، وأن كلاً منهما ليس لديه القدرة على تلبية احتياج الآخر لأنهما في البداية كانا يجهلان أساساً ما يحتاجه كل منهما، وأدركا هذا بعد أن كان الأوان قد فات فانتهى كل شيء، فمعرفة كل من الشريكين بما يحتاج إليه شريكه، وما يحتاجه هو نفسه يقصر المسافات بينهما كثيراً. معرفة احتياجك يقصر المسافات من هنا نعود إلى الشرط الأول، الذي ربما يواجه الكثيرون مشكلة عدم توافره، فكثيراً ما يجهل الإنسان ما يحتاج إليه، فيشعر طوال الوقت أنه يبحث عن شيء، وبحاجة إليه، لكن هذا الشيء بالنسبة إليه أمر مجهول، فهو لا يعرف عن أي شيء يبحث لكنه شعور بأن هناك ما ينقصه، فيظل يبحث ويبحث عن شيء مبهم، ونصف المشكلة حلها في أن تعرف الشيء الذي تحتاج إليه، لأنك قد تمر على ما تحتاج إليه أثناء رحلة بحثك، ولا تتوقف عنده، وبالتالي لن تصل إلى مرحلة الإشباع منه، لأنك ببساطة لم تكن تدري أن هذا الشيء هو الذي كنت تبحث عنه منذ البداية. عبرت الكاتبة إريكا يونغ في الجزء الأول من سيرتها الروائية "الخوف من الطيران" عن هذا المعنى في سياق آخر، فقالت "إعطاء اسم للشيء، جعله أقل إثارة للخوف" فكلما فهمت معنى إحساسك، أعطاك ذلك إحساساً بالارتياح، فيقل الضباب، وتتضح أمامك صورة ولو لم تكن مُكتملة.
وكذا، لم يكن انهيارها، بعد هجر صديقها لها، صدىً لحالة مجردة من المعاناة العاطفية التي يولدها الفراق. لا تبحث عن الحب يجعلك تبكي. بل كان القلق الذي يسكن امرأة تجاوزت الثلاثين عامًا، وهي غير متزوجة وليس لديها صديق، وليس لديها أي فكرة عن مستقبلها سوى الخوف من أنها لن تنجب الأطفال وستموت وحيدة وغير محبوبة، تنفجر بالبكاء حين تعي قلق السؤال بكامل ثقله: "ما مصيري الآن؟ مَن سأصاحب؟ وماذا سأفعل؟". فالأمر لا يتعلق على نحو شخصي بصديقها الذي ظنّت أنه حبّها الكبير، وإنما بالمجهول الذي لطالما خشيت التحديق فيه وجهًا لوجه، فتمسكت بتوم وكأنه السبيل الوحيد لنجاتها منه، وكل ما كانت تفكر فيه ليس حبها لـ"توم"، وإنما كيف تتفوق على ذكائه وتُعوّده عليها وتحوله إلى خطيب وثم إلى زوج وأب، لتتساءل في النهاية: هل هو "الحُب الكبير" الذي تبحث عنه؟ أم أنه مجرد شخص مناسب سمح لها بأن تعمل على علاقتهما وتطورها؟ وفتحت بهذا السؤال المسكون بالقلق، نافذة لمراجعات كثيفة وجريئة في حياتها، وحياة القارىء، حيال كل ما ظن أنه "حب" في يوم ما من حياته. الرواية تكثيف مخيف لكوابيس المرأة، وهي بذلك تتجاوز حدود التجربة الفردية إلى المعاناة الإنسانية التي تجمع نساء العالم على تعدد خلفياتهن الثقافية والدينية، حين تنفذ إلى القلق الوجودي المرتبط ببيولوجيا الأنثى.