[5]
صفاته [ عدل]
رسمٌ تخيُّليّ لابن المُقفَّع. عُرِف عبد الله بن المقفع بذكائه وكرمه وأخلاقه الحميدة، وكان له سعة وعمق في العلم والمعرفة ماجعله من أحد كبار مثقفي عصره، حيث تتكون ثقافته من مزيج من ثلاثة جوانب: العربية، الفارسية واليونانية، وكان ملماً بلسان العرب فصاحةً وبيناً، وكاتباً ذو أسلوب، وذلك لنشأته في ولاء آل الأهتم [ملاحظة 1] ، ووصف بمنزلة الخليل بن أحمد بين العرب في الذكاء والعلم، واشتهر بالكرم والإيثار، والحفاظ على الصديق والوفاء للصحب، والتشدد في الخلق وصيانة النفس. [4] ونستطيع أن نعرف عنه صدقه من خلال كتاباته وحبه للأصدقاء حتى قال:"ابذل لصديقك دمك ومالك" وذات مرة سُئل ابن المقفّع عن الأدب والأخلاق فقيل له: "من أدّبك"؟ فقال: "إذا رأيت من غيري حسنا آتيه، وإن رأيت قبيحا أبَيْته". وقد اتهمه حساده بفساد دينه، وربما كان الاتهام واحد من أسباب مقتله، ولا نجد في شيء من كتاباته ما يؤكد صدق هذا الاتهام. جمع بين الثقافة العربية والفارسية واليونانية والهندية، فنال من كل هذه الثقافات نصيبًا وافرًا من الفصاحة والبلاغة والأدب، ولا يخفى هذا الأثر الطيِّب إذا تصفّحتَ مؤلفًا من مؤلفاته، فتنهال عليك الحكمة من بين الأسطر، وتنعم بالأسلوب السلس، والذوق الرفيع.
- عبد الله بن المقفّع يعود إلى الأصل
- نبذة عن عبد الله بن المقفع
عبد الله بن المقفّع يعود إلى الأصل
سُئِلَ عبد الله بن المقفع: من أدَّبَك؟ قال: "نفسي. كنت إذا رأيت من غيري حسناً أتيته، وإذا رأيت قبيحاً أبيته". أقوال العلماء فيه:-
قال الأصمعي: "صنَّف ابن المقفع «الدرة اليتيمة» التي لم يصنف مثلها في فنها". قال ابن سلام الجمحي: "سمعتُ مشايخنا يقولون: لم يكُن للعرب بعد الصَّحابة أذكى من الخليل بن أحمد ولا أجمع، ولا كان في العَجَم أذكى من ابن المقفَّع ولا أجمع". قيل للخليل بن أحمد الفراهيدي ، وقد اجتمع مع عبد الله بن المقفَّع: كيف رأيته؟ فقال: علمه أكثر من عقله. وقيل لابن المقفَّع: كيف رأيت الخليل؟ قال: عقله أكثر من علمه.
وفاة ابن المقفع
تم إعدام ابن المقفع في البصرة حوالي 756 بأمر من الخليفة العباسي الثاني ، أبو جعفر المنصور ، بسبب الهرطقة ، لا سيما لمحاولته إدخال الأفكار الزرادشتية إلى الإسلام ، على الرغم من أن هذه كانت ذريعة، في الواقع ، ربما قُتل بسبب استياء الخليفة من المصطلحات واللغة التي استخدمها ابن المقفع في وضع ضمان لممر آمن لعم الخليفة المتمرد عبد الله بن علي.
نبذة عن عبد الله بن المقفع
كتاب "كليلة ودمنة" عمل ابن المقفع في بلاط الخلافة العباسية، ولم يأل جهداً في نقل تراث ملوك الفرس القدامى وسيرهم وأخلاقهم وعاداتهم وتشريعاتهم، عبر هذه اﻷعمال اﻷربعة الضخمة ، والتي لم يحفظها لنا الدهر ولكن خلفاء اﻹسلام وكتاب الخلفاء حفظوا هذه العادات الفارسية في حياتهم وعاشوا بها، وما نقله الجاحظ في كتابه التاج يشهد بذلك. أمّا كتابه "كليلة ودمنة" الذائع الصيت، فيقول عنه الشيخ اليازجي: "لم يبلغ كتاب مثل ما بلغ إليه من ترامي الذكر وبُعد الشهرة، لما اشتمل عليه من اﻷغراض اﻷدبية والسياسية وما استبطنه من فنون العلم والحكمة". وعلى رغم أن الكتاب وضع في اﻷصل ﻷجل الملوك، فإنّ تعريب ابن المقفع البليغ له، جعل منه عملاً أدبياً كذلك. وﻷجل هذا الغرض البلاغي كان الكتاب مقرراً على تلاميذ المدارس الثانوية في مصر وسورية وغيرهما من اﻷقطار العربية من نهايات القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين. وقد صدق اليازجي، فإضافة إلى قيمة الكتاب اﻷدبية، فهو ذو قيمة تاريخية مهمة. وذلك لسببين: أولهما فقد اﻷصل السنسكريتي للكتاب المرجحة كتابته ما بين 100 - 500 قبل الميلاد، وفقد الترجمة البهلوية التي اعتمد عليها ابن المقفع نفسه في ترجمته الحرة إلى العربية.
وقد نقل هذا التراث الفارسي المكتوب بالبهلوية (الفارسية قبل اﻹسلام) في أربعة كتب، أولها كتاب "خداينامه" في سيَر ملوك الفرس، وثانيها كتاب "آئين نامه" وهو كتاب في قوانين الفرس القدامى ورسوم ملوكهم في قيادة الجيوش وفنون الحرب والآداب العامة، وثالثها كتاب "التاج في سيرة أنو شروان" وهو كتاب في سيرة الملك كسرى أنو شروان وأخلاقه، ورابعها "نامه تنسر" وهو كتاب في تشريعات الفرس القدامى. وهذه الكتب اﻷربعة المنقولة إلى العربية في حكم المفقود ، وذلك ﻷن مادتها استُوعبت في أعمال مؤلفين عرب تالين لابن المقفع مثل ابن قتيبة والثعالبي. لذا، فقد تكون الحاجة إليها قلّت مع مرور الزمن فتعرضت للضياع. كتاب "خداينامه" وظل كتاب "خداينامه" مصدراً أساسياً لجميع سير الملوك التي ألّفت بالعربية في العصر اﻹسلامي ، فقد وردت منه فصول وقطع في "عيون اﻷخبار" ﻻبن قتيبة، وكتاب تاريخ الملوك واﻷمم للطبري ، وكتاب "غرر أخبار ملوك الفرس" للثعالبي، كما كان مصدراً أساسياً لكتاب "تاريخ سني ملوك اﻷرض واﻷنبياء" لحمزة اﻷصفهاني، وكتاب الشاهنامه للفردوسي. وإضافة إلى سرد تاريخ الملوك الفرس ، فإنّ الكتاب اشتمل على قصص فارسية ممزوجة بأساطير دينية مأخوذة من كتاب "أوستا" لزرادشت.